على امتداد يومي 4 و 5 أبريل تعيش جامعة محمد الأول على وقع أطوار فعاليات الندوة الدولية التي تحظى بالرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده تحت عنوان “الدبلوماسية الثقافية و رهان الوحدة الإفريقية”ـ
وقد استقطبت الندوة الاهتمام محليا جهويا وطنيا و إفريقيا، من حيث عدد المشاركين فيها بمحاضرات و مداخلات لامست المشترك بين المغرب و الدول الإفريقية و أثر هذا المشترك في تحقيق الوحدة بين الدول الإفريقية، و قد عرفت الندوة برنامجا حافلا في شكل جلسة افتتاحية و مائدة مستديرة و جلستين، من بمشاركة خبراء و باحثين و ممثلين لوزارات الخارجية و مستشارين لرؤساء دول إفريقية و كذا زعماء دينيين.
و قد أجمع جل المشاركين على أهمية الندوة الدولية و ثمنوا مجهود جامعة محمد الأول في المساهمة في إرساء دعائم الدبلوماسية الناعمة و السعي إلى دعم الدبلوماسية الرسمية.
كما توجت الندوة بتوقيع اتفاق ملف اتحاد جامعات غرب افريقيا و كذلك إنشاء دار إفريقيا باقتراح و دعم من مجلس جهة الشرق تهتم بكل الدراسات الإفريقية، إضافة إلى إطلاق منصة إلكترونية تعرف بالمآثر الدينية بجهة الشرق و تتكلل هذه الندوة بإمسية في السماع و المديح من أداء مؤسسة الجمال بمسرح محمد السادس.
إليكم كلمة رئيس جامعة محمد الأول بوجدة السيد محمد بنقدور
حضرات السيدات و الســـادة
يشرفني أن استهل كلمتي بالإعراب عن الشكر الجزيل والامتنان الصادق لمولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على تفضله بإسباغ رعايته المولوية السامية الكريمة لهذا الحدث الهام، الذي تفتخر جامعة محمد الاول بتنظيمه.
كما أرحبَ بضيوفنا الكرام من مختلف الأقطار الإفريقية، الذين لبوا الدعوة مشكورين للمشاركة في أشغال هذه التظاهرة الإفريقية، حول “الدبلوماسية الثقافية ورهان الوحـدة الإفريقية. اذ يشارك فيها ثلةٍ من الخبراء، والأساتذة الباحثين، فضلا عن إعلاميين ومهتمين ينتمون إلى المملكة المغربية ودول إفريقية صديقة وشقيقة. حيث سيتناولون الحديث عن دور الدبلوماسية الثقافية في تعزيز السلم والتقريب بين الشعوب والثقافات وإغناء ثقافة الحوار والتعايش، وترسيخ القيم الإنسانية الداعية إلى التسامح و السلام من أجل كسب رهان الوحدة الإفريقية.
أيها الحضور الكريم
تأسيسا على مضامين الرسالة الملكية السامية، التي ووجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده للمشاركين في ندوة سفراء جلالته التي افتتحت يوم 30 غشت 2013 بالرباط والرامية إلى ضرورة دعم وتشجيع الدبلوماسية الثقافية و التي جاء فيها: “… أما بخصوص الدبلوماسية الثقافية فينبغي إعطاؤها ما تستحقه من دعم وتشجيع وخاصة من خلال إقامة دور المغرب والمراكز والمصالح الثقافية بالخارج وتكثيف الأنشطة الفنية وتنظيم المعارض للتعريف بالرصيد الحضاري والثقافي العريق للمغرب وتعزيز إشعاعه دوليا والتعريف بهويته الموحدة الأصيلة والغنية بتعدد روافدها….” ( انتهى كلام صاحب الجلالة).
وبإيعاز من الدعم المولوي السامي، انتبهت الدبلوماسية المغربية إلى أهمية المدخل الثقافي، وإلى الدور الفاعل الذي يمكن أن تلعبه في علاقات المغرب الثنائية والدولية؛ فبادرت إلى تشجيع هذه المقاربة، وإيلائها المزيدَ من الاهتمام. وبذلك أصبح المغرب يقدم “نموذج القوة الناعمة في إفريقيا” القائم على تحقيق المصالح المشتركة، والعمل على تعزيز الدبلوماسية الثقافية، و التعريف بالموروث الحضاري الوطني، وإبراز خصائص الهوية المغربية، القائمة على الاعتدال والانفتاح والتسامح والتضامن مع الشعوب. وباعتبار الثقافة مكونا أساسيا في المنظومات الاجتماعية للدول ، فقد حرصت الهيآت الدبلوماسية على وضع استراتيجيات تعاون ديبلوماسي ثقافي مع إفريقيا, وذلك بتنظيم العديد من الندوات والأنشطة، وعقد شراكات مع مختلف الفاعلين الثقافيين من دول افريقية شقيقة وصديقة، من أجل تعزيز دينامية التواصل وتكريس الإشعاع الثقافي للمملكة من خلال التعريف بموروثها الثقافي ورصيدها الفكري وإبداعها المعاصر.
أيها السيدات و السادة
تماشيا مع السياسة الحكيمة والتوجيهات الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله من أجل تركيز اهتمام المجتمع المغربي برمته حول العمق الإفريقي للمغرب، المعزز تاريخيا وروحيا ودينيا واقتصاديا ودستوريا. وفي إطار المشهد العام للتعاون المغربي الإفريقي، لا يشكل التعاون الجامعي استثناء. ولا يسعنا إلا أن نؤكد أن جامعة محمد الأول بوجدة تنخرط بكل مؤسساتها و فعاليتها في هذا التوجه المغربي نحو إفريقيا والذي يروم تعزيز وترسيخ العمق الإفريقي للمغرب من خلال المساهمة الفعلية والفعالة في تنظيم وتأطير العديد من التظاهرات الثقافية والعلمية واستقبال العديد من الطلبة من الدول الافريقية الشقيقة من أجل توطيد العلاقات بين المغرب ومحيطه الإفريقيّ، و مدّ جسور علاقاتٍ ثقافيةٍ متينة، و أداء دورٍ رياديٍّ في هذا المجال، وتلتزم جامعتنا بتسخير ما تملكه من مؤهلات وكفاءات في مجالات البحث العلمي والمعرفي لخدمة التنمية الشاملة في اطار التعاون بين الجامعات الافريقية. لأننا نؤمن ان المطلوب من الجامعة ليس الاهتمام بما هو اكاديمي فقط بل يتعدى الامر ذلك الى:
أولا : دعم الأعمال الثقافية أفقيا على مساحات مختلفة من مساحات الوطن و عموديا لتشمل شتى النشاطات الثقافية بأشكالها وفروغها.
ثانيا : المساهمة في الثقافات الطليعية وفي ارتياد الآفاق الجديدة في العلم والفكر والمعرفة حتى تصبح هذه الآفاق متاحة للفرد والمجتمع. وهذا يتطلب من الجامعة الكثير من التغيير في تشريعاتها واساليبها واشكال عملها ويأتي في مقدمة ذلك، التواصل مع المجتمع والتشارك مع القطاعات الاقتصادية وتعميم العلم والثقافة.
ثالثا: شعورها بالمسؤولية تجاه المساهمة في تنمية وتقدم المجتمع الوطني والجهوي. وذلك بالتزامها العمل باتجاه التحول لدى مجتمع المعرفة وبناء المستقبل الوطني على أسس من الحداثة في التعليم والتواصل بين الأجيال، والانفتاح نحو الفكر والثقافة و العلم و التكنولوجيا في إطار من القيم الإنسانية الكونية. وهذا ايمانا منا بان الثقافة تحتل مساحة واسعة باعتبارها البيئة الذهنية والنفسية للمجتمع وباعتبارها المكون الرئيسي لموقف الإنسان تجاه الحياة وتجاه الآخر ومن ثمة فالمساهمة في العمل الثقافي يصبح جزءا لا يتجزأ من تحرك الجامعة نحو أهدافها ورسالتها المتجلية في بناء الانسان.
من هذا المنطلق ووعيا منا بدور الجامعة في صناعة الثقافة القطرية وفي قدرتها على بلورة جسور التواصل بين الثقافات لمجموع الدول والشعوب المشكلة لمحيطها لا نألو جهدا في عقد المؤتمرات والندوات واللقاءات التي تروم تعميق ثقافة العلم و ثقافة البحث و ثقافة الحوار و هي من الجوانب التي تحتاج في نظرنا كل الاهتمام نظرا لما يعرفه المجتمع من تحولات تقنية ومعرفية وسوسيولوجية وقيمية .ولا ادل على ذلك حرصنا على عقد هذه الندوة الدولية التي تحظى بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في هذا الوقت بالذات حتى يتزامن مع الحدث الثقافي التاريخي، والمتمثل في اختيار مدينةِ وجدة عاصمة للثقافة العربية لسنة 2018 لتبرهن الجامعة على حضورها الجاد في كل المحطات الهامة وعلى انها حلقة مهمة في صناعة المستقبل ولهذا فقد اعدت الجامعة بمختلف مؤسساتها برنامجا ثقافيا متنوعا خاصا بهذه المناسبة التاريخية يسعى الى تكريس البعد التنموي بشكل عام، والنهوض بالمشهد الثقافي محليا ووطنيا ودوليا بشكل خاص.
و في ختام كلمتي اغتنم هذه المناسبة لأتوجه بالشكر الى السيد والى جهة الشرق عامل عمالة وجدة انكاد والسيد رئيس الجهة والسيد رئيس المجلس الإقليمي والسيد رئيس المجلس العلمي والسيد المدير العام لوكالة تنمية عمالة واقاليم جهة الشرق على دعمهم اللا مشروط للجامعة ولهذه الندوة كما انوه بكل مساهم من قريب او من بعيد في نجاح هذا العرس الثقافي هذا واتوجه مجددا بشكري وامتناني للمشاركين ولكافة الحضور، وأتمنى أن نُوفق جميعا في تتويج أشغال هذه الندوة بتوصيات وشراكات تعاون ومشاريع عمل تسعى إلى توطيد العلاقة بين الجامعة و مختلف المؤسسات القارية، لتكريس التوجه المغربي نحو عمقه الإفريقي و دعم التعاون جنوب-جنوب، والاهتمام أكثر بقضايا وانشغالات القارة الإفريقية .
واذ نجدد اعتزازنا بالعطف الذي يوليه مولانا المنصور بالله للعلم والثقافة والتعليم العالي على وجه الخصوص من خلال رعايته لإشغال هذه الندوة المبارك لنرجو الله تعالى أن يجعلنا عند حسن الظن.
وفقنا الله جميعا لتحقيق ما نصبو إليه من رقي ونماء تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. وأدام على جلالته الشريفة نعمة الصحة والعافية، وأبقاه ذخرا وملاذا لشعبه الوفي، وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن، وشد أزره بشقيقه السعيد، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي رشيد، وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته