اعداد:حساين محمد
احتفلت الطريقة القادرية البودشيشية بليلة القدر المباركة مساء الاحد 26 رمضان الجاري، وللسنة الثانية على التوالي نظمت مشيخة الطريقة بشراكة مع مؤسسة الملتقى ومؤسسة الجمال احتفالا افتراضيا، نظرا لاستمرار الاجراءات الاحترازية التي فرضتها جائحة كورونا، وبثت الفعاليات التي ساهم فيها علماء ومنشدون من عدة دول عبر الصفحات الرقمية لمؤسسة الملتقى.
تم افتتاح هذه الليلة الروحية، بحصة من القران الكريم، ومقتطفات من مجلس ذكر من مقر الزاوية القادرية البودشيشية بمداغ شمال شرق المغرب، وعرف هذا المجلس حضور شيخ الطريقة الدكتور مولاي جمال الدين القادري.
وبعد الاستماع الى تلاوة لآيات بينات من الذكر الحكيم، بصوت المقرئ بلال الحموي من تركيا، القى شيخ الطريقة الدكتور مولاي جمال الدين القادري كلمة رحب فيها بالمريدين والمتابعين من شتى انحاء المعمور، مذكرا بفضل شهر رمضان، واهمية الليالي العشر وفضلها.
وأضاف الدكتور القادري ان “التربية الصوفية مبنية على الصحبة والتوجه، الذي هو المحبة وحسن الاتباع وحسن الاجتماع والاستماع والاكثار من ذكر الله تعالى والابتعاد كل البعد عن المحرمات… “، ونبه الى اهمية اتصاف العلاقة بين المريد وشيخه بالمحبة، حتى ينتفع بصحبته.
وأكد الشيخ ان ثمرة التربية الاحسانية العرفانية التي يتلقاها المريد، تظهر في حسن المعاملات مع الخلق، مضيفا ان المؤمن كله رحمة يسعى للخير وإسعاد الناس وتقديم العون لهم، فهو نافع لنفسه ولوطنه وهو طائع لولي امره، فعلى المريد ان يكون مواطنا صالحا لبلده محبا للخير والسلم والسلام بعيدا كل البعد عن التطرف والغلو مساهما في نشر القيم الانسانية العالمية”، وختم مداخلته بالدعاء الصالح للبلاد وملكها والمسلمين والبشرية جمعاء، وتم تقديم ترجمات لكلمة الشيخ باللغات الانجليزية والاسبانية والفرنسية.
وتناول للدكتور منير القادري بودشيش، رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، في مداخلته موضوع “فضل العمل الصالح وثمرته في الدنيا والاخرة”، اكد فيها أن العمل الصالح هو كل عمل يرضى الله عز وجل عنه، ونبه الى أن للعمل الصالح شرطان، الإخلاص وموافقة الشرع، وبين أن اللهُ تعالى هُو وليٌّ الصالحين، مستشهدا بقوله عز وجل: (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)(الأعراف:196)، وأضاف أن من تولاهُ اللهُ فلا غالبُ له وأنه محفوظُ في نفسهِ ومالهِ وولده، مذكرا بقوله تعالى عن الغُلامينِ اليتيمين: (وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَينِ يَتِيمَينِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبٌّكَ أَن يَبلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَستَخرِجَا كَنزَهُمَا رَحمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلتُهُ عَن أَمرِي ذَلِكَ تَأوِيلُ مَا لَم تَسطِع عَّلَيهِ صَبرًا) (سورة الكهف: 82).
وأشار الى أنه بالنسبة للمؤمن الصادق كل الشهور مواسم للعبادة والعمر كله عنده موسم للطاعة، وأنه في شهر رمضان يجتهد وتتضاعف همته لفعل الخير وينشط قلبه للعبادة أكثر، وشدد على أن أساس كل إصلاح ومنطلقه هو القلب والنفس، وانسجاما مع مقولة “الصوفي ابن وقته”، أوضح أن التربية الصوفية تعمل على تأهيل الفرد ليكون صالحا مصلحا، عبر تربيته تربية احسانية عرفانية سليمة متوازنة ومنسجمة مع واقعه وروح عصره.
وتحدث الدكتور حكيم فضيل الإدريسي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب ابن مسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عن فضل ليلة القدر التي شرفت بالقرآن العظيم، وبين أن نزول القرآن فيها إعلان عن فرقان فاصل، وأن غاية ذلك هو تلقي فيض الرحمة الإلهية، كما دعا إلى الثقة بالله تعالى في ظل الظروف الحالية المرتبطة بجائحة كورونا.
وبدوره قدم الاستاذ شوقي الطيب ، استاذ التربية الإسلامية بمدينة أكادير، درسا فقهيا حول موضوع البذل والعطاء، تطرق من خلاله الى احكام زكاة الفطر، مبينا الحكمة من تشريعها ووقت اخراجها، ومقدارها وما تخرج منه، كما اجاب عن تساؤل حول إمكانية اخراج قيمتها نقدا.
وكانت فقرة التوعية الصحية، حول مرض السكري، من تقديم الدكتورة حنان الوزكوني من مدينة فاس، بينت من خلالها سبل الوقاية من هذا المرض، مبرزة احسن الطرق للتعايش معه، مع ذكر الحالات التي يجب فيها على المريض بالسكري عدم الصيام.
وعرفت هذه الليلة الرمضانية عرض شريط عن كون القران الكريم وحي من الله وليس من كلام البشر، وروبرتاج عن القفة الرمضانية التي قامت بها المؤسسات التابعة لمشيخة الطريقة القادرية البودشيشية في هذا الشهر الفضيل.
وتخللت هذه الليلة الروحية وصلات من السماع والمديح الصوفي لمنشدين من المغرب وخارجه، ويتعلق الأمر بالمجموعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية، ومجموعة الصفا للمديح والسماع من باريس، ومسمعي الطريقة بالجديدة وكذا بدولة ليبيا، إضافة الى برعمات الطريقة بمداغ.
واختتمت أطوار هذا السمر الروحي برفع الدعاء الصالح بان يحفظ الله تعالى أمير المؤمنين وولي عهده، وبلاد المغرب وصحرائه، وسائر بلاد المسلمين والإنسانية جمعاء.