يعتبر مسجد الأمير عبد القادر في مدينة قسنطينة، وهي الكائنة على بعد 430 كيلومترا شرق الجزائر العاصمة، واحدا من أهم المنارات الدينية والعلمية في القارة الإفريقية، وتحفة فنية تجمع بين الفن المعماري المشرقي والمغاربي، تُصنف على أنها مرآة للهوية الوطنية الجزائرية.
ويلعب مسجد الأمير عبد القادر، الحامل لاسم رائد سياسي عسكري عاش مابين 1808-1883 وينعت بانه مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، دوراً متميزاً في نشر العلوم الشرعية، والدعوة الإسلامية، حيث يحتضن على مدار السنة نشاطات دينية وعلمية عادة ما يحضرها أهم وأبرز رموز الدعوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي.
واستقطب المسجد، منذ افتتاحه قبل 20 سنة، أشهر مشايخ ودعاة العالم الإسلامي، يتقدمهم الشيخ محمد الغزالي المصري والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي السوري، والشيخ يوسف القرضاوي المصري، إضافة للداعية المعروف عائض القرني.. حيث قدم هؤلاء دروساً بالمسجد، وأشرفوا على تكوين المئات من الطلبة.
وقال عبد الله بوخلخال، عميد جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية، إن “إنشاء المسجد يعود إلى السنوات الأولى بعد حصول الجزائر على استقلالها، حيث اتخذ الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين قرار الشروع في بنائه سنة 1969”.
وأضاف بوخلخال أن “بومدين اتخذ قراره بعد إطلاعه على مجموعة من التصاميم قدمها عدد كبير من المعماريين العرب والغرب، قبل أن يتم اختيار التصميم الذي تقدم به المهندس المصري مصطفى موسى، الذي كان يعمل لدى الرئاسة الجزائرية”.. وتابع” “في سنة 1984 تم تدشين الجامعة الإسلامية التابعة للمسجد وتأخر تسليم المسجد الخاص بالمصلين حتى عام 1994”.
ويصنف المختصون في مجال العمران مسجد الأمير عبد القادر، الذي يمتد على مساحة 13 هكتارا، على أنه منارة معمارية إسلامية فريدة من نوعها، بالنظر لشكله الهندسي المتميز، حيث تعلوه مأذنتان يبلغ ارتفاع كل منهما 107 أمتار، وقبة يزيد ارتفاعها عن 65 متراً.. ويضاف إلى ذلك موقعه، حيث يمكن مشاهدته من أي مكان في مدينة قسنطينة، ناهيك عن التصاميم الهندسية التي تزينه من الداخل والخارج.
ويتسع داخل المسجد لنحو 19 ألف مصلٍّ ومصلية، فضلاً عن الساحة الخارجية التي تتسع لآلاف الناس.. وللمسجد خمسة أبواب تقود إلى داخله الذي يتميز بهندسة مشرقية ومغربية رائعة، تتوسطها دعائم مصنوعة من الرخام والخشب الرفيع عالي الجودة، تزينه الأحجار النفيسة، وتتخللها أقواس تسمح بدخول ضوء الشمس عبر نوافذ زجاجها تتمازج فيه ألوان الطيف، فضلاً عن المنبر الذي قدمه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني هدية للجزائر قبل افتتاح المسجد، الذي يضم مدرسة قرآنية تتكون من سبعة أقسام، يتخرج منها سنوياً، المئات من حفظة القرآن، والمختصين في التفسير.
وعن الخدمات الإنسانية التي يقدمها قال الحاج ابرهيم، رئيس لجنة المسجد، إنه “يلعب دوراً كبيراً في الجانب الإنساني، حيث تعكف اللجنة التي تنشط به على جمع التبرعات المالية على مدار السنة، وخلال المناسبات الدينية، يتم التكفل بمئات العائلات المعوزة والفقيرة من خلال منحها إعانات شأنها في ذلك شأن الأطفال الأيتام، والمحتاجين الذين يتم كسوتهم خاصة في الأعياد”.. وأضاف أن “مسجد الأمير عبد القادر منارة علمية ودينية بامتياز، وخاصة في المناسبات الدينية، حيث تتحول إلى إشعاع ديني يستقطب إليه الأنظار من جميع أنحاء العالم”.
وبالإضافة للدور الذي يلعبه المسجد، تحتل الجامعة الإسلامية التابعة له، والتي تم تدشينها سنة 1984، مكانة متميزة هي الأخرى، حيث يتخرج منها سنويا الآلاف من الطلبة الجزائريين وغيرهم من القادمين من مختلف الدول العربية والإفريقية، في مختلف الاختصاصات التي لها علاقة بالدين الإسلامي والشريعة.