الاف الشباب إنطلقوا في رحلة البحث عن الطريق إلى الفردوس الاوروبي، كان في البداية عن شخص لم يوفق في رحلته للوصول إلى أوروبا، وعاد إلى أرض الوطن أو تم ترحيله، لكننا صادفنا “كمال” ـ اسم مستعار ـ شاب مغربي إنطلق رفقة صديقه من مدينة أزغنغان التي هاجر جل شبابها، ولحق بأصدقاءه إلى تركيا.
كمال قبل الحديث معنا شرط عدم نشر إسمه، مؤكدا أنها بالفعل رحلة الاهوال مؤكدا أنه لو عرف ما سيلاقيه في رحلته لما خاضها البتة.
ـ كيف سافرت إلى تركيا، هل خرجت في مجموعة أو سافرت لوحدك؟
خرجت من أزغنغان رفقة أحد أصدقائي، وفي إسطنبول إلتقينا هناك مع 7 أشخاص من أبناء الحي، ومن هناك إنطلقنا نحو ألمانيا.
كيف إلتقيت بأبناء حيك، هل هي مجرد صدفة أو أنكم كنتم تخططون لذلك؟
ـ لا الامر ليس صدفة، هم كانوا قد سبقونا لكنهم بقوا في إسطنبول بسبب الامطار وحين وصلنا علمنا أنهم لا يزالون هناك، فإتصلنا بهم وعبر تقنية “جي بي إس” إلتقينا في منطقة “أكسراي”.
ـ كيف تعاملت معكم السلطات في مطار إسطنبول؟
تم التعامل معنا بشكل عادي، إلا أحد المغاربة الذي رافقنا في الطائرة تم إيقافه، لأن جواز سفره لم تكن به مدة كافية لدخول تركيا، أظن أن جواز سفره كانت ستنتهي صلاحياته في أقل من ستة أشهر.
ـ كيف دخلتم لدول الاتحاد الاوروبي عبر تركيا، هل هناك من أوصلكم؟
نعم هناك شبكة مهربين إلتقينا بها قامت بتأمين المبيت لنا لمدة يومين وحدنا معهم ثمن تهريبنا إلى جزيرة يونانية ومن هناك لأثينا، بمقابل مادي، حيث جهزوا لنا أربعة حافلات نقلتنا رفقة أشخاص من عدة جنسيات من إسطنبول نحو إزمير التركية، وهناك وجدنا مهربين آخرين.
ـ ما هي الجنسيات التي كانت معكم غير المغاربة والسوريين؟
وجدنا عراقيين وسودانيين، لبنانيين، أفغان، باكستانيين، جزائريين، تونسيين، ليبيين، مصريين، ومغاربة ينحدر أغلبهم من الناظور والبعض الآخر من الدارالبيضاء.
ـ ماذا وقع حين وصلتم لإزمير؟
تم تسليمنا لمهربين آخرين في منطقة قبالة السواحل، وبقينا هناك من السادسة صباحا إلى غاية السابعة ليلا في جو بارد، بعد ذلك شاهدت 6 قوارب يركب فيها المهاجرين واللاجئين وتخرج من البحر، في إتجاه جزيرة يونانية، ونحن ركبنا في القارب السابع، كنا 38 شخصا بيننا أفغان وأربعة أطفال صغار أبناء للافغان، وأنا من قاد القارب.
ـ كم كان الثمن المحدد لتهريبكم؟
الثمن محدد في 850 أورو للفرد لكنني حصلت على تخفيض 100 أورو لأنني قدت القارب من إزمير إلى وجزيرة يونانية.
ـ ما هي مدة رحلتكم؟
لقد كانت رحلة مرعبة، قارب من 5 أمتار بداخله 38 شخص، وقضينا فيها ساعة و20 دقيقة، هناك من يقضي 5 ساعات وبالامس وصل بعض الاخوان من الناظور قالوا أنهم إستغرقوا 3 ساعات بين إزمير جزيرة يونانية، لقد رأيت الموت رأي العين حين كنا وسط البحر، لأن الوقود لم يكفينا حين إقتربنا من السواحل، وقد قمنا بالنفخ في الخزان وإستعملنا كل محاولاتنا وفي الاخير أنقذنا الله من موت محقق، ووصلنا إلى جزيرة يونانية، قضينا هناك يومان قمنا فيها بملئ إستمارة طلب اللجوء، وكنا نحن الاصدقاء التسعة متفقين على ملئ الاستمارة كلاجئين سوريين، رغم أنه يمكنك ملئ الاستمارة كلاجئ مغربي ولا ضير في ذلك.
ـ كيف إستطعتم أن تتلاعبوا بالسلطات الاوروبية وتسجلون أنفسكم كلاجئين سوريين؟
أعطونا إستمارة نملؤها ببياناتنا الشخصية ومن بينها الجنسية، فقمنا بكتابة الجنسية “سورية”، بعد ذلك بدؤوا في المناداة علينا واحد تلوى الاخر يلتقطون لنا الصور، ثم يسلموننا ورقة يمكننا بها الوصول إلى وجهتنا الاخرى، حيث ركبنا السفينة وإتجهنا نحو أثينا، ومن هناك إلى اليونان، لكني أرغب في الاشارة إلى أننا حين وصلنا إلى الجزيرة اليونانية في البداية وجدنا الصليب الاحمر وجمعيات ألمانية ودنماركية ونرويجية في إنتظارنا، لقد عاملونا بترحاب كبير جدا وقدموا لنا جميع المساعدات.
ـ هل تتكفل الدول بمصاريف تنقلكم كلاجئين أو أنتم من يتكفل بالمصاريف؟.
قبل الدخول إلى كرواتيا عليك التكفل بمصاريفك كاملة، بعد الوصول إلى كرواتيا يتم نقلنا مجانا في جميع وسائل النقل المتاحة والتي توفرها الدول المستضيفة، حيث نصل إلى حدود هذه الدول مثل كرواتيا وسلوفينيا والنمسا، يتم تسجيلنا في الحدود من طرف الشرطة، وتسلم لنا اوراق تنقل ثم ننقل في وسائل النقل كالقطارات أو الحافلات.
ـ كيف تعاملت معكم الشرطة في حدود هذه الدول؟
الشرطة الكرواتية والسلوفينية تعاملت معنا بقسوة كبيرة لكن الحق يقال، نحن نستحق هذه المعاملة، السبب أننا شعوب غير منظمة، وهذا يثير غيظهم وحنقهم ويجعلهم يضربوننا ويسبوننا، ويدفعوننا بقوة، إذا كنت منظم فلن يؤذيك أحد، لكننا نثير الفوضى في الحدود.
بالنسبة لسلطات النمسا وألمانيا لم يكن هناك أي تجاوزات في تعامل سلطاتها بتاتا معنا.
ما مقدار الأموال التي إحتجتها في رحلتك؟
لقد أخذت معي 2100 أورو كأموال بالاضافة إلى شراء تذكرة الطائرة ب5000 درهم، أما التكاليف فتوزعت على 750 أورو للمهربين، وحوالي 400 أورو لمصاريف التنقل والاكل.
لكنني وخمسة أصدقائي حين وصلنا غلى النمسا كنا قد تعبنا كثيرا في رحلة إستمرت لأيام، فقررنا ألا ننتظر القطار ونستقل سيارة أجرة ندفع ثمنها، وطلب منا السائق 550 أورو فدفعناها له وإتجهنا إلى ألمانيا.
أين تتواجد الآن؟
أنا في مدينة دورتموند الالمانية، أعيش مع أحد أقاربي الذي حضر فور علمه بوصولي، حيث إستقبلتني السلطات الحدودية في ألمانيا من أجل إنجاز أوراق تنقل لي كلاجئ، لكنني أخبرتهم أنني سأنتقل إلى النرويج، لقد تخوفت من إحضارهم ترجمان سوري فيتأكدون أني لست سوى كاذب، لذلك أخبرتهم أني لا أحتاج لأوراق تنقل فتركوني لحال سبيلي.
هل هناك مهاجر مغربي تعرفه إكتشفوا أنه ليس لاجئ سوري؟
نعم، إبن عمي أحضروا له مترجم وإكتشفوا أنه ليس سوري، ورغم ذلك لم يقوموا بترحيله، أخبرهم أنه يرغب بالانتقال نحو بلجيكا فتركوه لحال سبيله، وخيروه إن كان يرغب البقاء في الخيم المتاحة للاجئين أو الذهاب لبلجيكا، لكنه إختار الرحيل نحو بلجيكا.
في البداية كانو يمنحون جميع المهاجرين المأكل والمبيت بالاضافة إلى مبلغ 500 أورو، الان توقفوا عن دفع هذا المبلغ بعد أن أصبحت أوروبا تغص باللاجئين.
كم من الوقت مضى على وصولك لألمانيا وماذا تفعل؟
لقد وصلت إلى ألمانيا منذ شهر، كنت أرغب في الانتقال إلى فرنسا حيث يوجد أحد أقاربي الذي سأشتغل معه في تجارته، وحين كنت أحضر للرحيل وقعت الهجمات الارهابية، والان لا أستطيع الانتقال إلى فرنسا بسبب ما فعلته داعش.
إذا تكررت هذه التجربة هل ستسلك نفس الطريق للوصول إلى أوروبا؟
أبدا، أبدا، لن أكررها مرة أخرى، لقد قمت بالعديد من المحاولات سابقا للهجرة لكنها باءت بالفشل وكانت هذه فقط هي التي نجحت، لكن لو تكرر السيناريو مرة أخرى لن أعيد هذه التجربة، لقد رأيت الموت بين عيني في بحر إيجة، حياتي أغلى من أن أضيعها من أجل حلم قد لا اصل إليه.
أرغب في القول للشباب المتبقي في المغرب، الحياة أغلى بكثير من أن يضيعها الانسان في البحار، نحن هنا الان نسير في الطرقات خائفين من أن تتم إعادتنا إلى المغرب، والحياة هنا صعبة كثيرا.