اعداد:حساين محمد
كان متابعو “ليالي الوصال”، مع النسخة الثامنة والعشرين، التي دأبت مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى على تنظيمها بشراكة مع مؤسسة الجمال، وبثت فعالياتها مباشرة عبر المنصات الرقمية لمؤسسة الملتقى، وساهم في تأثيث فقراتها ثلة من العلماء والمثقفين والمنشدين، مع عرض أشرطة علمية وتوعوية متنوعة.
انطلقت هذه الأمسية الروحية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، بصوت المقرئ محمد الشتيوي من دولة الإمارات العربية المتحدة، لتتلوها المداخلة العلمية الأولى التي قدم من خلالها الدكتور عبد الرزاق تورابي، أستاذ التعليم العالي بالرباط، مختارات من كلام شيخ الطريقة القادرية البودشيشية فضيلة الدكتور مولاي جمال الدين القادري، والتي تطرق من خلالها لموضوع “السر الجمالي”.
وذكر بمقولة للشيخ الدكتور مولاي جمال الدين “السر لا يعرف بالفكر، انما يعرف بالذكر”، وبين أن السر لطيفة من نور الله مودعة في القلب، وأن سر التربية الروحية دواء للقلوب من الأمراض الذميمة كالعجب والرياء والكبر والحسد والغفلة عن الله وغيرها، موردا قول شيخ الطريقة “السر لا يسكن إلا في القلوب الطاهرة، (ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا)، وان الله طيب لا يقبل الا طيبا”.
إثر ذلك تدخل الدكتور منير القادري، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، بكلمة تحت عنوان “التربية على مكارم الأخلاق وقيم المواطنة، وأثرها على الفرد والمجتمع” ألقاها باللغتين العربية والفرنسية، تحدث من خلالها على مقاومة شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية للاستعمار، مبينا أن الزاوية دعمت الأمير عبد القادر الجزائري في مقاومته للإحتلال الفرنسي للجزائر، كما أبرز المقاومة البطولية للشيخ سيدي المختار الثالث ضد الفرنسيين غداة احتلال وجدة عام 1907، كما ذكر ذلك المؤرخ قدور الورطاسي في كتابه “بنويزناسن عبر الكفاح الوطني “، إضافة الى مخطوطات بالخزانة العامة بالرباط، كما أشار الى الدور الهام الذي قام به شيوخ ورجال الطريقة القادرية البودشيشية كالشيخ سيدي ابومدين والشيخ العباس والشيخ حمزة وغيرهم في دعم المقاومين واعضاء جيش التحرير.
وتناول الدكتور عبد العزيز ايت السي، المختص في الدراسات التاريخية، كلمة حول موضوع “دور رجالات التصوف في محاربة الاستعمار، سيدي الحاج المختار القادري بودشيش نموذجا”، أبرز فيها جهاد شيوخ التصوف عموما وشيوخ الطريقة القادرية البودشيشية خصوصا ضد الاستعمار الاوروبي، مبرزا صفحات تاريخية لمقاومة الشيخين القادريين البودشيشيين المختار الثاني والمختار الثالث في القرنين التاسع عشر والعشرين.
وبدوره قدم الدكتور محمد موشان، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء و رئيس المجلس المحلي الفداء درب السلطان، مداخلة حول موضوع “ذكرى مولد رسول الله ﷺ”، بين فيها مشروعية واهمية الاحتفال بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستدلا بقوله تعالى “وذكرهم بأيام الله”، مؤكدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول من احتفى بمولده، مستشهدا برده عمن سأله عن سبب صيامه يوم الاثنين، فقال بانه ” يوم ولدت فيه”، مبينا ان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف فرصة لذكر الشمائل والخصائص النبوية.
وتخللت هذه الليلة الروحية وصلات من المديح والسماع الصوفي لمسمعين من داخل المغرب وخارجه، ويتعلق الأمر بكل من حكيم خزران من المغرب، طارق عبيد من إسبانيا، مجموعة السماع “الصفا” بمدينة نانت الفرنسية، ومجموعة السماع بمدينة الجديدة المغربية.
ويذكر ان هذه الأمسية الروحية عرفت عرض الجزء الثاني من شريط خاص عن الطريقة القادرية البودشيشية بعنوان “معراج المحبين”، من إعداد وتقديم الأستاذ أحمد لخليع وإنتاج مؤسسة الملتقى، وتضمن شهادات حية لعلماء ومشايخ من المشرق في حق الطريقة القادرية البودشيشية وفي حق شيخها.
كما تم عرض شريط باللغة الفرنسية حول ظاهرة الإساءة لرسول الرحمة سيدنا محمد ﷺ، جاء بعنوان: Malgré votre haine, nous ne cesserons de l’aimer
واختتمت أطوار هذا السمر الروحي بفقرة “من كلام القوم”، خصصها الأستاذ إبراهيم بلمقدم لعرض مختارات من كلام الشيخ أحمد الرفاعي، حول فضل صحبة أولياء الله الصالحين، مختتما كلمته برفع الدعاء الصالح للبلاد ولملكها ولسائر المسلمين.