اعداد:حساين محمد
لم تخلف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية الموعد السبت 5 شتنبر 2020، مع الليلة الرقمية التاسعة عشر من فعاليات “ليالي الوصال في زمن كورونا ذكر وفكر”، والتي بثت عبر صفحة مؤسسة الملتقى على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”.
افتتحت هذه الليلة الروحية كالعادة بآيات بينات من الذكر الحكيم بصوت المقرئ الشيخ سعيد مسلم، تلتها كلمتين ترحيبيتين باسم شيخ الطريقة الدكتور مولاي جمال الدين القادري بودشيش ونجليه الدكتور مولاي منير والشريف مولاي معاذ باللغتين العربية والفرنسية، وقد تضمن برنامج هذا السمر الروحي عرض شريط فيديو للإعلامي أحمد الخليع مترجم إلى اللغة الفرنسية، والذي يعرف بشيخ الطريقة الدكتور مولاي جمال الدين القادري بودشيش، ويبرز العمل التربوي النبيل الذي يقوم به في سبيل الدعوة إلى الله، والتنويه بأخلاق الشيخ الرفيعة من جود وكرم، وتواضع مع الناس، وحلم ورفق بهم، بالإضافة إلى حثه الدائم على التمسك بقيم المواطنة الصادقة والأخلاق الانسانية النبيلة.
وقد عرفت هذه الليلة مشاركة ثلة من الأساتذة والمفكرين بمداخلات علمية متميزة، حيث كانت المداخلة الأولى للدكتور محمد أمين الغويلي، خريج دار الحديث الحسنية، بعنوان: “التشرع في الطريق الصوفي”، بين من خلالها تمسك الصوفية بالشريعة المحمدية، وتورعهم في الأخذ بالشرائع والالتزام بها، وتحققهم بالجمع بين الشريعة والحقيقة في آن واحد.
فيما كانت الكلمة العلمية الثانية للدكتور منير القادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، بعنوان :”البعد الأخلاقي للتصوف أساس لكل نهضة وإصلاح”، بين من خلالها أهمية التصوف باعتباره منهجا إصلاحيا ومدرسة أخلاقية في النهضة بالأمم والشعوب، كما استعرض مجموعة من شهادات رواد النهضة الاسلامية اكدوا فيها بأن التصوف عنصر أساسي في التقدم، وأنه لا إصلاح ولا نهضة بدون بعد أخلاقي وتزكية نفسية، وسلط الضوء على ما قام به رجال التصوف من جهود في نشر الإسلام والدفاع عن حوزة الأوطان، كما أبرز جهود الطريقة في العناية بالشباب تربية وتكوينا باعتبارهم عماد أمة الاسلام وسر نهضتها وقادة مسيرتها إلى المجد.
لتأتي بعد ذلك مداخلة الفقية العلامة حميدة القادري بودشيش أحد علماء المنطقة الشرقية، الذي عرف بالطريقة القادرية البودشيشية من خلال عملها التربوي والتزكوي، مذكرا بتاريخ الطريقة الحافل بالرجال المصلحين، وكذا الأعمال النبيلة التي قامت بها، كما أشاد بالمجهودات العلمية والتربوية المتواصلة لمشيخة الطريقة.
لتتلوها كلمة الدكتور محمد المصطفى عزام، متخصص في اللسانيات وتحليل الخطاب الصوفي وأستاذ بكلية الاداب والعلوم النسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط -سابقا- بعنوان: “بعض مغالطات النفوس في القصد إلى الملك القدوس”، حيث ركز في مداخلته على آفة الرياء في الأعمال مبرزا خطورته من خلال الاستشهاد بنصوص الوحيين وأقوال الصوفية، مرفقا حديثه بجولة في التحليل النفسي والروحي عند مفكري الغرب، ليخلص إلى أنهم لم يصفوا السلوك النفسي بالدقة التي بينها بها المنهج الصوفي المبني على الرؤية القرآنية.
كما تضمن برنامج الليلة كالعادة “الفقرة الصحية التوعوية”، والتي قدمها في هذه الأمسية الطبيب المتخصص الدكتور عبد الرحيم المومني من مدينة الجديدة، الذي قدم مجموعة من النصائح والارشادات الطبية في كيفية التعامل مع وباء كورنا، منبها إلى أهمية التقيد بالتدابير الوقائية في الحد من انتشار هذا الوباء الفتاك وتفاقم عدد المصابين.
وعلى غرار سابقاتها من الليالي، تضمنت هذه الليلة شهادات لمريدي الطريقة القادرية البودشيشية من جنسيات مختلفة، تحدثوا من خلالها عن تجربتهم الصوفية برحاب الطريقة البودشيشية معربين عن الأثر الإيجابي لهذه الصحبة في حياتهم الدينية والدنيوية، وشكرهم لشيخ الطريقة على حسن معاملته ولطف تربيته.
وقد تخللت هذه البرامج المتقدمة وصلات من بديع الانشاد والسماع، تقدمت بها المجموعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية، وإلى جانبها مشاركات فردية لثلة من المادحين من خارج أرض الوطن، كما تميزت هذه اللية بمشاركة مجموعة برعومات الطريقة بوصلة متميزة.
واختتمت فعاليات هذه الليلة بفقرة “من كلام القوم”، التي قدمها الأستاذ الباحث ابراهيم بلمقدم، والذي تولى الدعاء الصالح سائلا المولى عز وجل أن ينصر رمز سيادة البلاد أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس، وأن يحفظ بلدنا الحبيب وسائر بلاد المسلمين والبشرية جمعاء، وأن يرفع هذا الوباء عن الإنسانية جمعاء.