اعداد:حساين محمد
خلال مشاركته السبت 18 يوليو 2020، في الليلة الافتراضية الثانية عشر، المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية، بشراكة مع مؤسسة الملتقى ومؤسسة الجمال، تناول الدكتور منير القادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس مركز المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، في مداخلته موضوع “المعرفة الصوفية سمو أخلاقي نحو المحبة والجمال”.
إستهل القادري كلمته بإبراز أهمية هذا الموضوع، الذي يفرض نفسه في مجال التفاعل النفسي والاجتماعي، وثقل الضغوطات الاقتصادية والسياسية والبيئية، وتلون المفاهيم الذوقية، والجمالية التي عرفتها وتعرفها البشرية، خاصة في عصرنا الحالي على سبيل تأسيس نموذج تواصلي يأصل لعناصرها الإيجابية والقيمية.
وأوضح أن الحب هو روح التصوف، وأكد أن المتصوفة استمدوا أصول هذا الحب ومذاهبه الجمالية من نور القرآن الكريم، حيث جاء في الرسالة القشرية: “علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة”.
وأضاف أن المحبة هي ثمرة المعرفة، فبانعدامها تنعدم، وبضعفها تضعف، وبقوتها تتقوى، موردا في هذا الصدد مقولة للحسن البصري جاء فيها: “من عرف ربه أحبه ومن عرف الدنيا زهد فيها”.
وأشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، في مناجاته لربه كان يسأله الحب، وأن يجعل قرَّة عينه في الصلاة؛ وهي أسمى مراتب الوصول والمحبة.
و نبه إلى أن الأمة، أجمعت على أن الحب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فرض، مصداقا لقوله عز وجل ” يحبهم ويحبونه ” وقوله صلى الله عليه وسلم : ” أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله ”.
وبين أن الانسان خلق للعبادة والمحبة، أي للمعرفة، موضحا أن حب الله هو روح وجوهر العبادة، وهو وفاء بالعهد الأسمى؛ حينما أخذ الله العهد والميثاق على الأرواح، مذكرا بقوله تعالى في سورة الأعراف (الآية 172 ) “وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ”.
وأبرز أن المحبة هي غاية التربية الروحية، وهي سر القوة في التربية الصوفية، هذه التربية التي تفتح باب الأمل دائما للناس، وهو ما يفسر نجاح الفكر الصوفي السني في الاستيعاب الشامل للمجتمع، والإدماج الكلي للناس في حضنه الدافئ.
وبين أن التصوف المغربي كما أرسى قواعده السلوكية شيوخ المغرب، من أهم المميزات للخصوصيات المغربية في المجال الديني؛ وأن ذلك حقيقة تاريخية راسخة غير قابلة للمحو أو التغيير، حيث أسهم التصوف بصورة قوية وجد فعالة، في تشكيل الوجدان الديني المغربي، والسلوك الاجتماعي الوطني.
وفي كلمته ذكر بما جاء في الرسالة السامية لجلالة الملك أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله الموجهة إلى المشاركين في لقاء سيدي شيكر الأول يوم الجمعة 10 شتنبر 2004 ( “لقد استوعب أبناء هذا البلد الطيب منذ اعتناقهم للإسلام أن جوهر الدين هو تزكية النفس وتطهيرها من الأنانية والحقد والتعصب وتحليها بمكارم الاخلاق والتسامي عن الشهوات المذلة للقلب والروح والعقل بضبط النفس ومراقبة سلوكها اليومي، ابتغاء للاكتمال الروحي المصطلح عليه ب “التصوف” ).
كما أشارالى أن الطريقة القادرية البودشيشية خاصة في فترة الشيخ سيدي حمزة والشيخ الحالي الدكتور مولاي جمال الدين، اتخذت شعارا قارا لها عنوانه الصلاة الجمالية التي صيغتها “اللهم صل على سيدنا محمد الذي ملأت قلبه من جلالك وعينه من جمالك فأصبح فرحا مؤيدا منصورا وعلى آله وصحبه وسلم تسليما والحمد لله على ذلك “، كرمزية على المعراج النبوي وما تضمنه من مظاهر الجمال والجلال في العالم الأخروي.