أنهى ولاة وعمال، إحصاء الشركات ومكاتب الدراسات، التي تسيطر على الصفقات في مختلف الجماعات، بدعم من قبل رؤساء جماعات نسجوا معها علاقات مصالح متبادلة.
وفتحت وزارة الداخلية تحقيقات إدارية داخلية، لمعرفة من هم أصحاب مكاتب الدراسات والشركات والمقاولات الكبرى الذين يسيطرون على صفقات المشاريع التي تدخل في إطار برامج التأهيل الحضري للمدن، التي تتولى الجماعات المحلية الإشراف المباشر عليها.
وأفادت مصادر مطلعة “الصباح”، أن خالد سفير، الوالي المدير العام للمديرية العامة للجماعات المحلية، راسل بعد حصوله على موافقة صناع القرار بالوزارة، جميع الولاة والعمال، طالبا منهم مد المديرية التي يقودها، بأسماء مكاتب الدراسات، والمقاولات التي تسيطر على صفقات برامج التأهيل الحضري، وتربطها علاقات قوية مع رؤساء جماعات، ضمنهم وزراء سابقون وبرلمانيون ورؤساء مجالس إقليمية، وأعضاء في مكاتب سياسية لأحزاب تزعم في برامجها أنها تحارب الريع.
ولم تكتف مراسلة الوالي المدير العام للمديرية العامة للجماعات المحلية بذلك، بل التمست من ولاة وعمال الأقاليم والعمالات، تبيان طريقة استخلاص مكاتب الدراسات والمقاولات لمستحقاتهم المالية، وما هي الجهة الممولة، هل صندوق التجهيز الجماعي؟ أم عن طريق الدعم الذي كانت تخصصه الوزارة الوصية في عهد التازي، الوالي السابق عن المديرية نفسها؟
وشرع رجال الإدارة الترابية في إحصاء المشاريع، وتصنيف الفائزين بها، سواء من لدن أصحاب مكاتب الدراسات، أو المقاولات النائلة لها بطرق يكتنفها الكثير من الغموض، وتطرح حولها علامات استفهام كبرى.
وتتوقع مصادر مقربة من المديرية العامة للجماعات المحلية، أن تطيح التحقيقات الداخلية التي تولى الولاة والعمال أمرها، بعيدا عن عيون المفتشية العامة للإدارة الترابية، بالعديد من رؤساء الجماعات وأصحاب مكاتب دراسات، والشركات المحظوظة، ومعهم أصدقاؤهم من المنتخبين الكبار، ضمنهم وزراء سابقون كانوا يديرون شؤون مجالس جماعية، وتربطهم علاقات مشبوهة مع مالكين لمكاتب دراسات ومقاولات.
وحول العديد من رؤساء الجماعات، مشاريع وبرامج التأهيل الحضري، إلى وسيلة للربح السريع، ومراكمة الثروة، على حساب جودة وجمالية المدن، إذ يتم استنبات أشجار النخيل في الشوارع الكبرى للمدن فاقدة للجودة، ونصب أعمدة كهربائية خاصة بالإنارة بأثمنة خيالية، وإغراق الشوارع ب”الزفت المغشوش”.
ووصل الجشع ببعض الرؤساء، إلى تحويل مناطق خضراء، إلى مشاريع استثمارية، رغم أنها كانت مبرمجة في سياق برامج التأهيل الحضري، تماما كما حدث في جماعة كبيرة يقودها وزير سابق غارق حتى الأذنين بسبب تقارير قضاة جطو، والمفتشية العامة للإدارة الترابية.
واستفادت الجماعات المحلية منذ 2005، بأطنان من الأموال، بهدف بلورة برامج متعددة السنوات للتأهيل الحضري، حيث عرفت كل المدن وجل المراكز الحضرية والقروية عملية انطلاق، أو إنجاز البرامج نفسها، التي تتم صياغتها وتنفيذ أشغالها بتنسيق وشراكة مع الجماعات الترابية المعنية، ومصالح الدولة والمؤسسات العمومية، بهدف تقوية جاذبية المدن وتحسين محيط العيش للسكان وتجاوز المقاربات التجزيئية للمشاريع.