تعتبر قضية العنف ضد النساء من أبرز القضايا التي بدأت تطفو على السطح في الآونة الأخيرة، وذلك بعد أن أصبح يشكل تهديدا لأمن المرأة واستقرارها وانتهاكا صارخا لحقوقها وكرامتها ككائن بشري.
ارتباطا بذات الموضوع، واستمرارا للعطاء الثقافي لمحكمة الاستئناف بوجدة والبرامج الدراسية المبرمجة برسم السنة القضائية 2017 لمواكبة المستجدات القانونية من جهة، والانفتاح على محيط هذه المحكمة من جهة ثانية، احتضنت رحاب قاعة الجلسات مؤخرا يوما دراسيا حول موضوع:” حماية المرأة المعنفة“ ، تطرق فيه المتدخلون لعدد من المحاور ندرجها لكم في هذه الورقة.
رئيسة الخلية المحلية للنساء والأطفال ضحايا العنف: المغرب لا يتوفر على قوانين خاصة بالعنف ضد النساء تنسجم مع روح المواثيق الدولية
كشفت الدكتورة فتيحة غميظ، نائبة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بوجدة، ورئيسة الخلية المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، عن انخفاض عدد الشكايات المسجلة، حيث وصلت سنة 2016 إلى 2527 شكاية، فيما سجلت سنة 2015، 2824 شكاية.
وحول عدد الشكايات المنجزة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فقد وصلت سنة 2016 إلى 1996 شكاية، فيما سجلت 2632 شكاية سنة 2015، و 2473 سنة 2014.
هذا، فيما وصل عدد الشكايات التي تم فيها الحفظ لانعدام الإثبات إلى 765 شكاية، و 453 للتنازل والصلح.
وعرفت الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى متم دجنبر 2016، 551 شكاية مسجلة، 538 محكومة، المخلف منها 217 شكاية، والباقي 230.
وسجلت عدد الشكايات المتعلقة بالطرد من بيت الزوجية انخفاضا، حيث وصلت سنة 2016 إلى 86 %، فيما بلغت سنة 2015 نسبة 94%.
وفيما يتعلق بحالات الإرجاع، فقد عرفت تقدما في إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، إذ وصلت إلى 86%، بينما نسبة عدم الإرجاع سجلت 14.7%، وهو ما يطرح تساؤلات عن مصير الحالات الأخرى التي لم يتم إرجاعها إلى بيت الزوجية، وبالتالي تركهن عرضة للضياع والتشرد رفقة أطفالهم، رغم أن روح المدونة وفلسفتها هي تحقيق العدالة المتوازنة والحفاظ على كرامة الأسرة.
وأبرزت الأستاذة غميظ، أن المشرع سعى من خلال الترسانة الجديدة للقوانين أن يجعل القضاء قضاءا اجتماعيا، و أن لا ينحصر دوره فقط في تطبيق القانون، والفصل في النزاعات بشكل من التجرد والجمود، بل يتعداه إلى تأهيل المجتمع و إقرار نوع من السلم الاجتماعي، وهو ما يتجلى على مستوى أحد أجهزة السلطة القضائية ، ألا و هو جهاز النيابة العامة الذي أصبح يضطلع بمهام أخرى، سواء في قانون المسطرة الجنائية أو في مدونة الأسرة أو في القوانين الأخرى.
وأضافت، أن القوانين الجديدة التي ظهرت في السنوات الأخيرة أرادت أن تبلور ما يمكن أن نسميه بالدور الاجتماعي للنيابة العامة، و خاصة عندما يتعلق الأمر بالنزاعات الأسرية، التي تكون المرأة فيها هي ضحية الاعتداء، لهذا ومن أجل تعزيز الحماية لهاته الأخيرة، تم خلق خلايا للتكفل بالنساء ضحايا العنف.
وتساءلت المتدخلة، عن الإضافات التي جاءت بها تجربة خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف في مجال مناهضة العنف الذي يستهدف المرأة، و عن حدود تدخل النيابة العامة لحماية المرأة المعنفة، وما إن كانت النصوص القانونية تسعف في ذلك، و هل نملك الوسائل والآليات التي تساعد في حماية المرأة المعنفة؟.
وأبرزت، أن عدد الخلايا المحدثة بالمحاكم الابتدائية و محاكم الاستئناف يبلغ حاليا 86 خلية، وهي تعتبر الأداة التنفيذية لبلورة خطة وزارة العدل في ميدان التكفل بالنساء، والارتقاء بالعمل القضائي، إلى جانب كونها تعتبر النواة الأبرز والأهم لتفعيل التنسيق، وتشكل نقطة الاتصال الأولى بين ضحايا العنف مع المؤسسة القضائية، كما تعتبر المخاطب المباشر لباقي المؤسسات الشريكة في عملية التكفل، حيث تقوم بتقديم كل المساعدات القانونية الرامية إلى تيسير ضمان الخدمات الصحية و الإدارية لهن بشكل مجاني، و ذلك بالصفة التي تم تخويلها، إ ذ تم إسناد الدور التنسيقي إلى جهاز النيابة العامة بالنظر لخصوصية موقعها كجهاز مشرف على الأبحاث التمهيدية المنجزة من طرف الضابطة القضائية، و دورها الفاعل في الدعوى العمومية منذ تحريكها إلى غاية مرحلة تنفيذ الأحكام، و بحكم طبيعة علاقتها مع مختلف ممثلي القطاعات الحكومية و المنظمات غير الحكومية .
وتطرقت الدكتورة غميظ في عرضها، لدور النيابة العامة في حماية المرأة على ضوء مقتضيات المادة 53 من م س، ولمفهوم العنف في القانون المغربي، سواءا منه العنف الجسدي أو الجنسي، أوالنفسي، أوالاقتصادي، حيث أوضحت أن القانون الجنائي لم يفرد فصولا خاصة بالعنف الموجه للنساء بوجه عام، أو تجرم وتعاقب العنف بين الزوجين بوجه خاص، وإنما هي نفس الفصول التي تعاقب الاعتداءات الموجهة للفرد والجماعة، كما أن المغرب لا يتوفر على قوانين خاصة بالعنف ضد النساء تنسجم مع روح المواثيق الدولية.
وخلصت المتدخلة إلى أن المساس بالسلامة الجسدية و النفسية للمرأة مردها الممارسة البشرية لا التشريع ، و دعت إلى تبني تدابير مناسبة في حقل التعليم بجميع أنواعه من أجل التربية على الحوار و الاحترام المتبادل، وإلى تعزيز الترسانة القانونية، والتعجيل بإصدار قانون العنف ضد النساء، إلى جانب وضع مقاربة شمولية لكل مكونات المجتمع تراعي فيها مختلف التحولات لتي تعرفها الأسر المغربية، فضلا عن إنشاء مراكز للإيواء.
مقتطف من مقال حفيظة بوضرة الحدث-الشرقي