الدكتور منير القادري يبسط دور التأهيل الروحي في بناء الوطنية الصادقة

Mohammed12 يوليو 2021آخر تحديث :
الدكتور منير القادري يبسط دور التأهيل الروحي في بناء الوطنية الصادقة

اعداد:حساين محمد
سلط الدكتور منير القادري الضوء على أهمية التأهيل الروحي ودوره المحوري في بناء الوطنية الصادقة، مبرزا الأدوار الكبرى التي تتطلع به المؤسسات التربوية في ترسيخ الانتماء الى الوطن من خلال التربية على قيم النفع والصلاح.
جاء ذلك خلال مشاركته مساء السبت 3 يوليوز 2021 في النسخة الستين من فعاليات “ليالي الوصال الرقمية “، التي تنظمها مؤسسة الملتقى ومشيخة الطريقة القادرية البودشيشية بتعاون مع مؤسسة الجمال.


بداية، أشار الى أن الإسلام أرسى معالم الوطنية قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، وأنه أزاح الجاهلية والعصبية والقبلية التي كانت تحكم الناس، ونظم العلاقات بين جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن دياناتهم وطوائفهم وعشائرهم وقبائلهم، وتابع موضحا أن هذا ما شهدت به صحيفة المدينة التي رسخت قواعد المجتمع المتكامل، وأسست مفهوم المواطنة الصالحة حقوقاً وواجبات دون إغفال مرتكز العقيدة الذي يحفظ للأمة شخصيتها ومقومات وجودها.
وأكد أن المواطنة الصالحة ليست مؤقتة، وإنما هي دائمة مرتبطة بالقيم والأخلاق، وأضاف أن الفرد لا يكتسب صفة الوطنية إلا بالعمل لصالح الوطن، وكذا حين تصبح المصلحة العامة للوطن أهم لديه من مصلحته الخاصة.
وشدد رئيس مؤسسة الملتقى على الأهمية الكبرى للمؤسسات التربوية في اصلاح الخلل الناجم عن ضعف الانتماء للوطن، عبر ترسيخ معايير الانتماء في النفوس وتعزيزها في المواقف المجتمعية بأشكالها المتنوعة.
وفي ذات السياق أكد أن هذه الجهود تبقى في حاجة إلى تأطير روحي أخلاقي يمكن الفرد من امتلاك أسباب تهذيب السلوك وتشكيل الذات و فق قيم النفع والصلاح و إرادة الخيرية للجميع.
وتابع شارحا أن التأهيل الروحي هو الذي يمد الإنسان بأسباب الكمال الخلقي كأساس في بناء الشخصية المتوازنة المعتدلة، وأنه هو المدخل إلى بناء المواطن النافع الذي يدفع الضرر عن نفسه وعن غيره، كما أنه السبيل إلى إعداد المواطن الصالح الذي يدرأ الفساد عن نفسه وعن غيره.
وشدد على أن النفع والصلاح قيمتان ضروريتان لا يمكن تصور المواطنة الكاملة المنتظرة إلا على مقتضاهما، مشيرا في هذا الصدد الى أن المدارس الصوفية في المغرب، لعبت أدواراً طلائعية في تأمين حاجيات المجتمع الروحية، وكذا الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والسياسية، وأنها حافظت على وحدة البلاد من خلال وطنية صادقة تدافع عن حوزة الوطن وتسعى الى وحدة الكلمة في ظروف المحن، كما أنها أنتجت علماء أعلاما أثروا الثقافة المغربية في شتى العلوم، مشيرا الى أن التاريخ شاهد على هذه الخصوصية الصوفية المندمجة.
وأورد في هذا الصدد مقتطفا من الرسالة الملكية الساميةالتي وجهها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى المشاركين في الدورة الثانية لملتقى سيدي شيكر : “…. إن انعقاد لقائكم العالمي الثاني من لقاءات سيدي شيكر، تحت رعايتنا السامية، لينطوي على العناية الفائقة التي نوليها لهذه الملتقيات الصوفية، باعتبارها منارات إشعاع روحي وحضاري، رسخها المغرب على مدى تاريخه الطويل، ويطيب لنا بهذه المناسبة، أن نرحب بكم على أرض المملكة المغربية، التي تعلمون مدى إسهامها، على امتداد التاريخ، في صيانة صرح التراث الروحي للإسلام، وتشييد معالم الحكمة والإيمان، من خلال ترسيخ مناهج التربية الروحية، التي وضع أسسها صلحاء هذا البلد، الذين امتد إرشادهم، في الماضي والحاضر، وعبر الأزمان، إلى مختلف القارات والبلدان، ولدى شتى بني الإنسان.
كما لا يخفى عليكم الالتحام الذي كان سائدا وما يزال، بين إمارة المؤمنين بهذا البلد الأمين، وبين مشيخات التصوف، حفاظا على عقيدته السنية، واختياراته المذهبية “.
وأوضح أن الوظيفة الروحية الأصلية لهذه المدارس التخليقية في المغرب ماتزال مستمرة إلى اليوم، مما يجعل منها مقوما من مقومات هوية المجتمع المغربي، وجوابا شافيا لتساؤلاته الروحية والأخلاقية.
وأجمل القادري مقاصد التأهيل الروحي لمدرسة التربية الروحية للتصوف في :
أولا : تجديد الخطاب الديني للإسلام وتصحيح صورته.
وثانيا : بث قيم المحبة والحوار والاعتدال والوسطية، ونبذ الفرقة و التعصب و العنف والتي لا يمكن أن تنبعث إلا بتربية روحية عميقة وحقيقية.
وثالثا: توفير الأمن الروحي للفرد والمجتمع بإحياء الإيمان في القلوب وإنهاض الهمم للعلم والعمل به.
وشدد مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم على أن تأهيل المجتمع روحياً من خلال تكوين أفراده على القيم الأخلاقية العليا والتحقق بها على يد العلماء الربانيين هو المدخل الحقيقي لبناء مواطنة صالحة، على أساس أنه لا انفصال بين الصلاح والإصلاح.


وأكد في ختام مداخلته أن الإصلاح في الممارسة الصوفية مبني على معنى روحي يتميز بالتوجه إلى جوهر الإنسان ليزيل عنه العوائق المُثْبِطَة، فيصبح قادراً على جلب الإصلاح المبتغى كمسؤولية يتقلد بها أمام الحق والخلق، فتشغله عن النظر إلى حظوظه الذاتية والأنانية، وينصرف إلى خدمة الصالح العام ونفع مجتمعه، مرسخا قيم المواطنة المنتجة للخير والساعية إلى النفع.

الاخبار العاجلة

You cannot copy content of this page