من مميزات المعرض المغاربي للكتاب بوجدة،انفتاحه على مختلف المؤسسات الأكاديمية والعلمية الوازنة،وعلى رأسهم مؤسسة الملتقى المنظمة للملتقى العالمي للتصوف،والتي يقودها نجل شيخ الطريقة البودشيشية،فضيلة الدكتور سيدي منير القادري بودشيش،بمعية نخبة من الأطر العلمية الشابة التي تنشط في المجال العلمي بمختلف بقاع العالم.
ندوة علمية حول التصوف ونشر القيم الروحية والأخلاقية في زمن العولمة،نظمتها مؤسسة الملتقى برحاب المعرض المغاربي للكتاب،أطرها علماء وفقهاء في المجال من أمريكا وفرنسا وعدد من الدول العربية،وعرفت حضور وازن للفعاليات الثقافية والفكرية من شباب المؤسسات الجامعية والباحثين من داخل المغرب و خارجه،مما أعطى البصمة العالمية للمعرض المغاربي الذي سجل تألقا في هذه الدورة.
الندوة العلمية التي تميزت بحضور المدير العام لوكالة تنمية أقاليم جهة الشرق،السيد محمد امباركي،والسيد عبدالحميد الإدريسي،المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف،استهلت بكلمة افتتاحية توجيهية،لمولاي منير القادري بودشيش،رئيس مؤسسة الملتقى و مدير الملتقى العالمي للتصوف، وأستاذ التعليم العالي بجامعة دوفين بفرنسا لمادة المالية الإسلامية، وعضو المجلس الأوربي للعلماء المغاربة،أكد خلالها على ضرورة إحياء المكون الصوفي الذي يعتبر مقام الإحسان في الإسلام ،المقام الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”،في الوقت الراهن الذي يعيش على وقع الانتشار الواسع للعولمة وأزمة أخلاقية وفراغ روحي نتجت عنه فوضى في القيم واضطرابات في السلوك الفردي والإجتماعي.
واعتبر الدكتور منير البودشيشي،الحديث عن نشر أو إشاعة القيم ينبغي أن يصرف إنتباهنا إلى حقيقة تتصل بالمسألة الأخلاقية وهي أن لكل أمة سُلّماً قيمياً ترتب فيه أخلاقها في ضوء أمرين: مبادئها وحاجاتها، فظروف الصحراء والبداوة حملت مثلا العرب في الجاهلية على وضع الشجاعة والكرم في أعلى السلم القيمي، وحينما جاء الإسلام لم يخرج هاتين الخصلتين من سلم الفضائل، لكنه غيّر موقعهما في التشكيل الجديد، فصارت التقوى المعيار الأهم في الدلالة على الفضل والسبق على سبيل المثال كذلك في المجتمعات الصناعية الحديثة، هناك ميل قوي إلى جعل الدقة والإتقان والفاعلية والإنجاز والمهارة والنجاح في أعلى السلم القيمي للمجتمعات الغربية يقول ،رئيس مؤسسة الملتقى و مدير الملتقى العالمي للتصوف .
وأفاد مولاي منير أن التصوف مكنز قيمي ثري، أساسه روحي أخلاقي. سر ذلك أنه تجربة روحية أخلاقية متميزة في ذاته، ولما كانت الحركية والانفتاح من خصائصه المميزة، غدا رافدا قيميا بالنسبة لغيره من التجارب الإنسانية في مختلف مجالات الحياة، يقدم النموذج القيمي الروحي والأخلاقي للإنسان والمجتمع؛ تقديم خلْق وإبداع قيمي حينا، وإصلاح وصيانة حينا آخر، وتقديم حفظ وتفعيل حينا ثالثا بحسب الحاجة والمبتغى، إنْ في العلاقة مع الذات وخالقها، أو مع مجتمعها بمختلف مكوناته، وذلك من خلال كل تشكلات التجربة الصوفية، في سلوكها العملي وفي توجيهها التربوي، وكذا نتاجها القولي والكتابي.