ذ سليمة فراجي
يطرح الزواج المختلط عدة إشكالات يعاني منه مواطنونا القاطنون بالخارج، الشيء الذي يتعين معه اتخاذ التدابير اللازمة من اجل تبسيط المساطر وتفادي التعقيدات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب بخصوص موظفي وعدول القنصليات والسفارات ورفع عدد القضاة الملحقين بها وعلى سبيل المثال لا الحصر قد يبرم الطرفان زواجا مدنيا mariage civil وفق بلد الإقامة ، ينتج عنه ازدياد ابناء في بعض الحالات ، ثم يرغب الزوجان في توثيق هذا الزواج وفق الإجراءات المنصوص عليها في مدونة الاسرة ، وقديكون العقد المدني لم يحترم شروط انعقاد زواج المسلمة بغير المسلم وكذا شرط شهادة مسلمين اثنين وشرط الصداق ،وتم التنصيص فيه على إسقاط الصداق وبالتالي يكون الزواج الاول المدني الذي نتج عنه ابناء مخالف لمقتضيات مدونة الاسرة ويتعذر المصادقة عليه وإقراره ، لكونه بني على عقد باطل اختلت فيه الشروط المتطلبة قانونا، كما ان زواج الأجنبي بالمغربية القاطنة بالمغرب قد يتم وفق الشروط المتطلبة قانونا ، الا انه احيانا يغادر الأجنبي المغرب تحت ذريعة إعداد وثائق الإقامة ولا يظهر له اثر وفِي هذه الحالة تعاني الزوجة الامرين بخصوص تبليغ الاستدعاء الى الزوج عن طريق الدبلوماسية مع مراعاة الآجال ومختلف الإجراءات المرهقة من اجل الحصول على الطلاق ، كما ان مسألة الميراث تطرح إشكالا حقيقيا بحيث أن الزوجة الكتابية لاترث زوجها المسلم الا إذا كانت مسلمة ،وبخصوص مسألة الاقامة اذا قررت العائلة الاستقرار بالمغرب فإن الزوج يضطر لطلب بطاقة الاقامة ويصعب عليه الحصول على الجنسية المغربية
ناهيك عن مشكل مرتبط باسماء الاطفال ذلك انه حين يريد الزوج تسجيل ابنائه بدفتر الحالة المدنية يجد صعوبة كبيرة اذا كانت الاسماء اجنبية ولاتقبل ضمن الاسماء المغربية, كما ان الطلاق الاتفاقي غير القضائي الذي اصبح معمولا به في فرنسا خارج المسطرة القضائية يطرح مسألة حجيته وآثاره واحتساب العدة وبالتالي لا يعتبر ورقة رسمية بالنسبة للقانون المغربي
من جهة اخرى فان العقد المدني المبرم بالخارج يطرح مشكلة اقتسام الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج ، وبذلك فان الدعوى التي يقيمها الزوج الأجنبي امام المحكمة المغربية للمطالبة باقتسام الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج لا يطبق بشأنها القانون الأجنبي بل القانون الوطني ما دامت المحكمة تكون فد تأكدت من الجنسية المغربية للزوجة وذلك عملا بالفقرة الثانية من المادة 2 من مدونة الاسرة التي تنص على سريان أحكامها على العلاقات التي يكون فيها احد الطرفين مغربيا ،ومادام ان الأصل هو استقلال الذمة المالية ولا وجود لأي اتفاق مبرم بين الزوجين بخصوص اقتسام الاموال المكتسبة اثناء قيام العلاقة الزوجية طبقا لما تقتضيه المادة 49 من المدونة فانه لا يحكم للزوج باستحقاقه لحصة من املاك زوجته وهذا ما اكدته محكمة النقض في العديد من قراراتها ، لذلك وبما ان الزواج المختلط يطرح عدة إشكالات بين الشريعة الاسلامية والعلمانية فانه بات من اللازم مراجعة وتجويد بعض بنود المدونة التي مر على تطبيقها أزيد من 14 سنة و الكثير من النصوص التي تهم مغاربة العالم والأسر المغربية
من جهة اخرى يتعين تأطير القنصليات والسفارات وأفراد الجالية عن طريق عقد ندوات وحملات تحسيسية وبرامج تلفزية لتقديم شروحات كافية من بوابة الدبلوماسية ، وعن طريق المطويات والملصقات للتعريف ببنود المدونة ومستجدات الاجتهاذ القضائي ، والاستماع للمقترحات في أفق تقديم التعديلات و موافاة الفرق البرلمانية بها ، كما ان تعيين الموارد البشرية من عدول وموظفين يجب ان يخضع لمقاييس الكفاءة والتجربة والتكوين الأكاديمي في مجال القانون ، لكون التجربة اثبتت احيانا انه يتم تعيين مسؤولين من عدول وموظفين لا علاقة لهم بمجال القانون وتوثيق العقود ، وانه يتعين ان يخضع المرشح لممارسة هذه المهام لعمليات انتقاء دقيقة حفاظا على مصالح مغاربة العالم بدل جبر خواطر بعض المحظوظين الذين يتقلدون هذه المهام دون توفرهم على شرط الكفاءة والتجربة والإلمام بالمساطر ، خاصة ان العدول في القنصليات والسفارات يتم اللجوء اليهم لطلب الاستشارات القانونية في جميع الميادين ، الأكثر من ذلك فان غياب احد العدول لأي سبب طارئ ينتج عنه توقف تام او مؤقت للقيام بالمهام لان تلقي الشهادة تتطلب عدلين في مجلس واحد وبالتالي حتى لا تتعطل مصالح الجالية يستحسن ان يتم تعيين عدل ثالث تفاديا لتوقف المرفق وضياع الحقوق او معاناةالجالية من التأخيرات المتكررة،
يتعين أيضا على القنصليات والسفارات برمجة تنقلات الى المناطق البعيدة قصد قضاء حاجيات الجالية في مجال توثيق العقود وكل ما له علاقة بالمدونة ،
بعض العقود يرفض العدول تحريرهافي الخارج نظرا لصعوبتها مثلا الإراثةتطلب 12 شاهدا في نفس اليوم وبالتالي يصعب عليهم الحضور الى السفارة ، لذلك اصبح العدول يرسلون أفراد الجالية احيانا الى المغرب وفِي ذلك معاناة كبيرة والحال ان هذه الإراثات ممكنة الانجاز في الخارج ،ولو تطلب الامر ذلك انتقال العدلين الى مقر سكنى الورثة ولو في يوم عطلة لتبسيط الإجراءات بعد اخذ إذن القنصل بالطبع ،
لذلك فان مواجهة هذه الإشكالات تقتضي تدخل المشرع من جهة ، بخصوص عمليات التعديل والتحيين والمراجعة والتجويد ، كما تقتضي مراجعة موقف السفارات والقنصليات من تنظيم هذا الباب المتعلق بقضايا الاسرة من جهة اخرى مع الحرص على الانتصار لموارد بشرية يتوفر فيها شرط الكفاءة والتجرد والتجربة ، مع القيام بعمليات تحسيسية وندوات ولقاءات تواصلية للتعريف بالمدونة وتبسيط نصوصها وإعداد مقترحات لتجويد نصوصها لكونها وان كانت قيمة مضافة في مجال الحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا فإن الثغرات والنواقص لا زالت عالقة بها وتفعيلها من طرف القضاء احيانا يفتح المجال لبعض الملتفين التفافا على موادها الى تحريف مقاصدها. وفِي هذا الصدد استحضر مقتطفا من الخطاب الملكي السامي بمناسبة استقبال جلالته لرئيسي مجلسي البرلمان وتسليمهما قانون مدونة الاسرة بعد المصادقة عليه بالإجماع بتاريخ 2004/2/3 والذي يؤكد فيه جلالته على تفعيل المدونة على الوجه الأمثل من طرف قضاء مؤهل مستقل ومنصف : ” ومهما تكن اهمية المكاسب المحققة ، والتي نتوجها اليوم بوضع طابعنا الشريف على قانون مدونة الاسرة وإصدار الامر بتنفيذه ، فإننا لن نذخر جهدا لتفعيلها على الوجه الأمثل من خلال قضاء مؤهل ومستقل وفعال ومنصف ، وبواسطة كافة المنابر والهيئات لتحسيس عامة الشعب بها ليس باعتبارها مكسبا للمرأة وحدها بل بكونها دعامة للأسرة المغربية المتوازنة المتشبعة بها ثقافة وممارسة وسلوكا تلقائيا ” انتهى مقتطف من نص خطاب صاحب الجلالة .