خلال اجتماع بمقر ولاية جهة الشرق،ترأسته كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، المكلفة بالتنمية المستدامة، السيدة نزهة الوافي،الاسبوع المنصرم،تفضل السيد معاذ الجامعي،والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنكاد،بكلمة بسط خلالها جل المشاكل التي تشهدها الجهة والتي تمس القطاع البيئي،والكلمة هي على الشكل التالي:
“بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
– السيدة الوزيرة المحترمة؛
– السيد رئيس مجلس جهة الشرق؛
– السيد العامل المحترم؛
– السيد المدير العام لوكالة تنمية عمالة وأقاليم جهة الشرق؛
– السيد رئيس غرفة الفلاحة بجهة الشرق؛
– السيد رئيس مجلس عمالة وجدة أنكاد؛
– السيد رئيس جماعة وجدة؛
– السيد ممثل غرفة الصيد البحري بجهة الشرق؛
– السادة رؤساء المصالح اللاممركزة؛
السيدات والسادة ممثلي المنابر الإعلامية
حضرات السيدات والسادة، كل باسمه وصفته.
أود في البداية أن أرحب باسمكم جميعا بالسيدة الوزيرة والوفد المرافق لها، وأشكرها على مبادرتها للقيام بأول زيارة عمل لها بجهة الشرق، منذ تعيين الحكومة الجديدة والوقوف على المشاريع المهمة التي يقوم أو يساهم فيها قطاع التنمية المستدامة، وأستغل هذه المناسبة للتعبير للسيدة الوزيرة على رغبتنا في العمل على تطوير وتثمين مكاسب الجهة وإيجاد الصيغ والحلول المناسبة للإشكالات المطروحة، وفق مقاربة تشاركية ومجهود جماعي بين السلطات الحكومية ومختلف الفاعلين.
ولا شك أن الحضور يشاطرني الرأي بشأن ما أضحت تحظى به التنمية المستدامة من أهمية كبيرة في عالم اليوم وببلادنا، كإطار يجمع بين الاهتمامات البيئية وحركة التمدن والتنمية المجالية وتلبية حاجيات المجتمع وتطوير الاقتصاد الأخضر، ومن هنا تنبع أهمية هذا اللقاء، الذي يندرج في إطار المجهودات المبذولة على الصعيد الترابي في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة.
وأود التذكير هنا بما كان لمدينة وجدة وجهة الشرق السنة الماضية، تقريبا يوما بيوم، من شرف استضافة واحتضان إحدى التظاهرات الهامة المواكبة لمؤتمر قمة المناخ COP22، ويتعلق الأمر بمؤتمر ما قبل قمة المناخ Pré-COPP، والذي عرف نجاحا كبيرا، وشكل فخرا للجهة ولحظة تاريخية موثقة لإسهامها في وضع التصورات والأسس الكفيلة بحماية البيئة ودفع الأخطار التي تهددها على مستوى المعمور.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد أشار الدستور الجديد للمملكة إلى مجموعة من الحقوق الأساسية، ومن بينها الحق في العيش في بيئة سليمة والحق في التنمية المستدامة (الفصل 31).
وانسجاما مع هذه المقتضيات الدستورية، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية الواردة في خطابي عيد العرش على التوالي في سنتي 2009 و2010، صدر القانون الإطار رقم 99.12، بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، والذي يعد مكسبا مهما لبلادنا، وخير موجه للسياسات العمومية والقطاعية، وللاستراتيجيات الوطنية والمجالية، بما يمكن من التقائية البرامج وعدم تشتيت المجهودات، وتحقيق النجاعة للتدخلات، وتجنب هدر الموارد والطاقات.
كما أن الحكومة، من خلال الوزارة الوصية، قد بادرت إلى وضع استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة طموحة في غاياتها ، تمتد إلى غاية 2030، وتروم تحقيق أهداف كبرى، من بينها على الخصوص الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وتحسين تدبير وتثمين الموارد الطبيعية، وتعزيز المحافظة على التنوع البيولوجي، وتسريع تنفيذ السياسة الوطنية لمكافحة التغير المناخي، وتشجيع التنمية البشرية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
وأستغل هذه المناسبة، لأطلب من السيدة الوزيرة إيلاء أهمية كبيرة لجهة الشرق، في إطار هذه الاستراتيجية، بالنظر إلى التحديات البيئية والجيو-استراتيجية التي تواجهها، وللاختلالات التي تعانيها في مجالات عدة دون غيرها من الجهات الأخرى، من بينها ندرة الموارد المائية، وتدهور الغطاء النباتي في بعض المناطق والمخاطر الناجمة عن التصحر وزحف الرمال، والآثار المترتبة عن الجفاف، ووضع الآليات الكفيلة بمعالجة الاختلالات البيئية القائمة كما هو الشأن بالنسبة لجرادة، نتيجة الاستغلال غير المعقلن للثروات الطبيعية.
حضرات السيدات والسادة؛
إن عالم اليوم لم تعد تهمه فقط حماية المنظومة البيئية، وإنما أصبح شغله الشاغل تحقيق التنمية المستدامة كنموذج تنموي جامع وشامل، والتي وإن كانت البيئة تحتل حيزا هاما داخلها، فإنها تدرج مكونات أخرى مرتبطة بالمجال والتنمية البشرية، وهذا ما انخرطت فيه بلادنا ومنها جهة الشرق، خصوصا منذ الخطاب الملكي السامي لـ 18 مارس 2003، المؤرخ لانطلاق المبادرة الملكية لتنمية الجهة، التي وضعت الأسس الكبرى للتقدم المجالي ومكنت الجهة من كل شروط التنمية المستدامة.
ومنذ ذلك الحين، انطلقت الجهة في تحقيق إنجازات هامة بفضل هذه المبادرة، ذات توافق تام مع التنمية المستدامة، منها مثلا عصرنة القطاع الفلاحي كما هو الشأن بالقطب الفلاحي ببركان، وتثمين الغابات وتعزيز دورها ويتعلق الأمر هنا على الخصوص بعمليات التشجير التي تمت في العديد من مناطق الجهة، الاهتمام بالانتقال الطاقي (وكمثال على ذلك إنجاز المحطة الحرارية لعين بني مطهر، إضافة إلى تشجيع الصناعة التقليدية المستدامة من خلال إحداث قرى الصناع التقليديين ومركبات الصناعة التقليدية، وتحقيق التنمية السياحية واستثمار المجالات القروية والجبلية، و السعي لخلق التوافق بين سياسة المدينة والتنمية المجالية والتنمية المستدامة، والمحافظة على البيئة وحماية التنوع البيولوجي من خلال برامج عديدة كالتأهيل البيئي لواد الناشف الذي ستكون لنا فرصة زيارته بعد هذا اللقاء، وتقوية المواطنة البيئية وتعزيز الوعي البيئي وتحسين الحكامة البيئية.
ومن بين الإنجازات الأخرى نذكر أيضا المطرح العمومي بمدينة وجدة كمشروع هام في مجال التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، والذي يمكن من تحويل “غاز الميتان” كغاز حيوي منبعث من النفايات المنزلية الصلبة بعد تحللها إلى طاقة كهربائية، تساهم في سد بعض حاجيات مدينة وجدة من الطاقة.
كما أعطت الانطلاقة لمشروع رائد على الصعيد الوطني والذي يهم وضع آليات للتدبير المندمج للمناطق الساحلية يشمل أقاليم بركان والناظور والدريوش، والذي تشكل زيارة السيدة الوزيرة اليوم مناسبة سانحة لتفقد مشاريع هذا البرنامج الطموح والمتفرد، والذي ستكون له انعكاسات جد إيجابية على المنطقة سواء من الناحية البيئية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
وعلى الرغم من هذه الإنجازات الهامة، فإن الإكراهات المطروحة اليوم على صعيد الجهة والمتعلقة على سبيل المثال لا الحصر بتدبير النفايات الصلبة وما ينبعث منها من مخلفات تضر ببيئتنا وتناقص المجالات الطبيعية والثروة النباتية والحيوانية وتنوعها ومشاكل التعرية والتصحر وتدهور المناطق الساحلية وغيرها من الإكراهات يدعونا جميعا إلى مضاعفة الجهود من أجل تغيير العقليات بغية تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة تحقق انخراط الكل في الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، والتدبير المندمج للنفايات وتدويرها، واقتصاد وعقلنة في استعمال لموارد المائية، وحماية وتثمين الواحات والثروات الطبيعية والحفاظ على الغطاء النباتي والتنوع الحيواني وخلق أنشطة مهنية خضراء…
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أجدد شكري للسيدة الوزيرة، كما أتوجه بالشكر لكافة الحاضرين.
وفقنا الله لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.
اعداد:حساين محمد