مواكبة للسياسة التي تنهجها بلادنا لحماية البيئة وفق نظرة شمولية ومندمجة تجعل من الشأن البيئي انشغالا مركزيا واهتماما مشتركا وتحت شعار : »المناطق الرطبة للوقاية من الكوارث«، احتضنت قاعة الاجتماعات الكبرى بعمالة إقليم بركان صباح يوم الخميس 02 فبراير 2017 مراسم الحفل السنوي تخليدا لليوم العالمي للمناطق الرطبة الذي تم تنظيمه من طرف العمالة بشراكة مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة والمجلس الإقليمي والجماعات الترابية والمجتمع المدني وباقي الشركاء، وقد ترأس هذا الحفل السيد عبد الحق حوضي عامل إقليم بركان و السيد سليمة الدمناتي المديرة الجهوية للوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة،و المدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر،السيد محمد بناني، والسيد ممثل جامعة محمد الأول،و السادة المنتخبين البرلمانيين وما يقارب 1000 مشارك يمثلون مختلف القطاعات الحكومية والجمعيات البيئية وباحثين ومهتمين بالقطاع البيئ بجهة الشرق.
وفي مستهل هذا اللقاء، ألقى السيد عامل الإقليم كلمة في الموضوع رحب فيها بالحضور وأكد فيها على أهمية هذا اليوم الذي يعتبر مناسبة لخلق فضاء للحوار ودراسة المقترحات من أجل بلورة آليات مرجعية في مجال البيئة التي من شأنها معالجة المعيقات والعراقيل التي تحول دون تحقيق تنمية مستدامة، داعيا فيها إلى ضرورة مساهمة جميع الفاعلين في عملية تحسيس وتنوير الرأي العام المحلي حول خصوصية إقليم بركان المعروف بمناطقه الرطبة التي تم تضمينها في المخطط المديري للمناطق المحمية وتجهيزها بالآليات والأدوات اللازمة لتحقيق التدبير المستدام لهذه المناطق ومن بينها مصب ملوية الذي يعد من المناطق ذات الأهمية البيولوجية والايكولوجية المندرجة على لائحة “رامسار” التي شملتها الحماية الدولية منذ 2005، باعتباره منطقة جغرافية وبيئية إستراتيجية للمنطقة الشرقية عامة وللإقليم خاصة، وذلك لما يزخر به من ثروات مائية باطنية وسطحية وثروته الغابوية التي تمتد على مساحة تقدر بحوالي 2700 هكتار تأوي ثلثا طيور المملكة وتعد محطات عبور للطيور المهاجرة إضافة إلى مختلف الحيوانات الأخرى، هذه الثروات الطبيعية المختلفة تدخل ضمن المتطلبات المعيشية للإنسان حيث تعد الأسماك والقصب والفطريات من بين المنتجات المدرة للدخل، إلى جانب استقطاب بعض المواقع لأعداد مهمة من المصطافين والسياح الإيكولوجيين. إضافة إلى أن للمناطق الرطبة مزايا اجتماعية واقتصادية تختلف من موقع لآخر(ترفيهي، فلاحي، اجتماعي، طاقي وتربوي)، فضلا عن كونها تخفف من حدة الفيضانات وتتحكم في الدورة الهيدرولوجية و تجدد المياه الجوفية، مع حجر الرواسب و المواد السامة والمواد الكيماوية.
وتجدر الإشارة إلى أن إقليم بركان على غرار باقي أقاليم المملكة اعتمد مقاربة قانونية مندمجة في تدبير المخاطر البيئية والسهر على احترام المجال البيئي وحمايته والحفاظ عليه، بتنفيذه لمجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بحماية الطبيعة من الأضرار والمحافظة على صحة وسلامة المواطنين (قانون رقم 22-10 المتعلق باستعمال الأكياس البلاستيكية ذات التحلل العضوي، قانون 81-12 المتعلق بالساحل، قانون 13-27 المتعلق باستغلال المقالع، قانون رقم 15-77 القاضي بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك واستيرادها وتصديرها و تسويقها واستعمالها والذي دخل حيز التنفيذ بداية شهر يوليوز 2016.)
كما تميز هذا اليوم التحسيسي أيضا بكلمات: السيد عبد النبي بعوي رئيس جهة الشرق، السيد نائب رئيس المجلس الإقليمي للعمالة والسيدة المديرة الجهوية للبيئة، السيد المدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، السيد ممثل جامعة محمد الأول والسيد ممثل وكالة تنمية أقاليم وعمالة جهة الشرق، أشاروا فيها إلى مدى أهمية تنظيم مثل هذه التظاهرات التي تعتبر تجاوبا للفاعلين المحليين مع الاهتمام الدولي بالتحديات الإيكولوجية والبيئية حيث يرجع هذا الاهتمام بالأساس إلى الوعي المضطرد بالارتباط العضوي بين قضايا التنمية الشمولية والمستدامة وتحسين ظروف عيش الساكنة المحلية من جهة وحماية النظم البيئية والإيكولوجية التي يزخر بها الإقليم من جهة ثانية. كما أكدوا فيها على وجوب تكثيف الجهود بين المسؤولين والأطر العلمية والمجتمع المدني للحفاظ على المناطق الرطبة وإعادة تأهيلها وتدبيرها تدبيرا عقلانيا مع احترام وتفعيل المواثيق الدولية المتعلقة بالبيئة ومراعاة مقتضياتها عند وضع المخططات والبرامج التنموية من خلال إدماج البعد البيئي في التصور العام للتنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية.
وخلال هذا اللقاء تم تقديم عدة عروض وتدخلات من طرف مجموعة من الأطر والأساتذة والباحثين في المجال البيئي تنصب جميعها في تقييم الوسائل البناءة لحماية المناطق الرطبة والحفاظ على مواردها لفائدة الأجيال القادمة وللإنسانية جمعاء في ظروف التغيرات المناخية التي يعرفها كوكبنا الأزرق وذلك عن طريق تحسيس وتوعية الساكنة المحلية المتواجدة بهذه المناطق وتلقينها أفضل السبل للاستغلال المعقلن للثروات دون الإخلال بنظامها البيئي والعمل على تقنين الصيد التقليدي للأسماك وتشجيع السياحة البيئية بهدف تحسين الظروف المعيشية للساكنة بواسطة المنتجات المدرة للدخل.
وقد توج هذا اليوم بزيارة ورش مشروع التدبير المندمج لساحل البحر الأبيض المتوســط GIZC الخاص بمدينة بركان بحوالي 25.18 مليون دولار والذي يمتد من فاتح أكتوبر 2012 إلى غاية 30 شتنبر2017، الذي يعد من البرامج والمشاريع لحماية المناطق المحمية ذات الأهمية البيولوجية والايكولوجية حيث قدمت شروحات حول مدى تقدم الأشغال بهذا المشروع. ومن بين المشاريع التي تم برمجتها بهذا الخصوص تهيئة محمية مصب ملوية بغية المحافظة عليها وعلى التوازن الطبيعي بها من خلال ثلاث 3 مشاريع :
– إرساء و تثبيت حوالي 2 هكتار من الكثبان الرملية بكلفة تقدر ب 600.000 درهم .
-إعداد دراسة هيدرولوجية للموقع وإنشاء قنوات مائية لتصريف المياه من عين الشباك نحو المناطق الرطبة لملوية بكلفة تقدر ب 1.200.000 درهم.
-إقامة سياج واقي للحيلولة دون ولوج الراجلين وكذا توقف السيارات بالمحمية مع تهيئة ممرات مؤدية لشاطئ المحمية وتجهيز المنطقة بمرافق صحية وأكشاك للتحسيس والتواصل والإعلام ولوحات إخبارية و تحسيسية، وهو مشروع كلف ما مجموعه 3.300.000 درهم.
– خلق أنشطة مدرة للدخل لفائدة التعاونيات من بينها تعاونية لتربية النحل.
وفي الختام دعا السيد العامل كافة الحضور إلى ضرورة حماية البيئة بصفة عامة والمناطق الرطبة على وجه الخصوص تحقيقا للتنمية المستدامة مع رصد كل المجهودات بشراكة مع كافة الفاعلين لإدماج البعد البيئي في مختلف المشاريع التنموية مع المحافظة على المجال الطبيعي وحماية الموارد المائية ومحاربة التلوث و الكوارث الطبيعية .
حساين محمد