محمد مرزاق النجومية داخل وخارج الملعب

Mohammed16 يناير 2017آخر تحديث :
محمد مرزاق النجومية داخل وخارج الملعب

oujdaregion.com

مقتطف من مؤلف: ملامح من تميز نخب الجهة الشرقية لصحافي المميز الأستاذ عبد المنعم سبعي

%d9%85%d9%84%d8%a7%d9%85%d8%ad-%d9%85%d9%86-%d8%aa%d9%85%d9%8a%d8%b2-%d9%86%d8%ae%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82%d9%8a%d8%a9
قسم جي روشر في كتابه “المدخل لعلم الاجتماع العام” “introduction à la sociologie generale ” النخبة إلى نخبة تقليدية وتقنوقراطية وعقارية وكاريزمية وإيديولوجية ورمزية، إلا أنه لم يغفل الإشارة ولو بشكل مقتضب للنخبة الرياضية مدمجا إياها ضمن النخب الرمزية، واكتفى روشر بالاشارة إلى المؤهلات الإنسانية التي يتوفر عليها الرياضيون والتي جعلتهم يتصدرون عناوين الجرائد التي تفرد صفحاتها للحديث عن حياتهم الخاصة، تداريبهم وانجازاتهم على نحو حولهم إلى نماذج للشجاعة والإقدام والذكاء، لكن بدون أن يتطرق إلى جانب الزعامة لدى المسيرين في القطاع الرياضي وتبقى نماذج من الرياضيين المغاربة الذين أعطوا الشيء الكثير للرياضة الوطنية في فترة كان الإعلام الرياضي في بلدنا لا زال جنينيا بدون إنصاف حقيقي أو تكريم يليق بعطاءاتهم، فثمة سمة أساسية يتميز بها الحقل الرياضي الوجدي تتجسد أساسا فيما يمكن تسميته بفقدان الذاكرة الموثقة لرموز وأبطال عرفتهم مدينة الألف سنة، حيث يغيب التوثيق والأرشيف المنظم لفترات زاهية للرياضة الوجدية عامة وفريق سندباد الشرق على وجه الخصوص، فيقتصر الإنشاء بالماضي الذهبي على الروايات الشفهية أو الصور المتناثرة بين عائلة وأخرى. من هنا كان أمر التأليف والتوثيق لرموز رياضية محلية أمرا ذا قيمة علمية متميزة، قد يعيد لمبدأ الانتماء والاعتزاز بالماضي ضرورته في الحركية التاريخية، كما يضفي على الرمزية صبغة خاصة لدى الناشئة والفئة الشابة لتنمية الإحساس بالانتماء والاعتزال بالرموز.في هذا الإطار يمكن فهم قيمة العمل الذي أشرف عليه الأخوان حديدي بخصوص مؤلفهما الذي وثق لمختلف محطات المولودية الوجدية، وقبلهما عمل الأخوين عبد القادر الراضي ومصطفى الراضي بتعاون مع جمعية قدماء لاعبي المولودية الوجدية والمتمثل في تأليف كتاب عن اللاعب الأسطورة محمد مرزاق تحت عنوان:”محمد مرزاق.. النجومية داخل وخارج الملعب “.
فعندما كانت شهادات الأصاقاء والزملاء تتقاطر في الحفل الذي نظمته كل من جمعية قدماء لاعبي المولودية وفضاء المولودية بمناسبة إصدار هذا الكتاب مساء يوم السبت 6 دجنبر 20008 بقاعة دار السبتي، كانت صورة السيد محمد مرزاق لاعب المولودية والفريق الوطني في فترة السبعينيات تكبر وتزداد نصاعة لمن لم يكن يعرف السي محمد بكثير من الجزئيات كما كان الإجماع حول نقطتين اثنتين لم يعتريهما أي استثناء، وهما تقنياته وتميزه داخل الملعب من جهة وأخلاقه الرفيعة مع الأصدقاء والزملاء من جهة ثانية، فمن يكون هذا اللاعب الذي كان يزأر في الملاعب الوطنية والدولية يوم كان الزئير خاصية الأسود فحسب؟
لما ولد محمد مرزاق سنة 1951، ولد تحت نجمة فتوة نادي المولودية، وبما أن مرحلة الولادة لابد وأن تكون مرتبطة بمسار المولود وبشيء ما من حياته، فإن ملامح تأسيس نادي رياضي ما بعد الاستقلال للعب أدوار طلائعية في الآتي من السنوات والمواسم قد ملأ قدر هذا اللاعب الموهوب، ثم ارتفعت به موهبته وجديته ومثابرته إلى الانخراط في الفوز بالبطولة الوحيدة للمولودية الوجدية خلال موسم 1974-1975 ، وصنع أمجاد سندباد الشرق مع ثلة من الزملاء والأصدقاء، نعتقد بكثير من الجزم أن محمد مرزاق رغم الظاهر النجومي للاعب ترك بصماته واضحة على كرة القدم المحلية والوطنية، لم يكن ليصل إلى أعلى مستوياته المشهود له بها دون التدرج في الفضاءات الممكنة ابتداء من اللعب بأزقة حي بودير مرورا بالملاعب المدرسية ووصولا إلى الملعب البلدي الشاهد الأكبر على إنجازات السي محمد مرزاق، يقول الباحثان عبد القادر ومصطفى راضي في كتابهما عن محمد مرزاق: ” كانت طفولته هادئة، وكانت ساحة عبد المومن تشكل فضاء مميزا، كان يمارس فيه كرة القدم مع أقرانه، كما أن شغفه وحبه لكرة القدم كان يزداد ويكبر لما كان يصطحبه خاله الأكبر فرح لمنور إلى الملعب البلدي لمشاهدة مقابلات المولودية الوجدية. ووجد في الرياضة المدرسية فرصة لإبراز وتفجير مواهبه حيث كان يمثل الدعامة الأساسية لمنتخب ثانوية عبد المومن صغار، تحت قيادة أستاذ التربية البدنية السيد لعتيريس الحسين رحمه الله. ولم يمض وقت طويل حتى جلب انتباه السيد الحسين غوسلي أحد المهتمين بالتنقيب وبتأطير الفئات الصغرى، وهكذا وجد محمد نفسه داخل بيت المولودية الوجدية منذ نعومة أظافره، وخلال موسم 1968-1967 عن سن يناهز السابعة عشرة أصبح محمد مرزاق أصغر عنصر يلعب مع الكبار”
هكذا كانت بدايته وهكذا كان يصنع اسمه الكروي في تقاطع مع صناعة النجاح والتألق في المباريات الكبيرة ففي فترة 1972-1974التي أطلق عليها المؤلفان فترة الانتعاش ورص الصفوف، استطاع السي محمد مرزاق أن يبرهن على قوته وموهبته العالية، بأداء متميز وفي مقابلات لازالت عالقة بالأذهان لكل الذين تتبعوها سواء بالملعب البلدي أو عن طريق المذياع فقد استطاع السي محمد أن يحرز خلال موسم 73-72 على لقب ثاني هداف للبطولة الوطنية. بعد هذه الفترة سيأتي موسم 74-75 سنة البطولة، حيث سيكون السي محمد حاضرا بكل ثقله وفي جل مباريات هذا الموسم وليدخل فريق المولودية بمعية أعضاء فريق هذا الموسم أمثال الطاهري، الفيلالي، السميري، جوييط، سعيد وحديدي وبلحيوان.. إلى سجل الفرق الوطنية الفائزة بالبطولة. لكن الجسد الرياضي لمرزاق لم يختبر حقيقة التنافس الرياضي إلا ما بعد الفوز بالبطولة، ولعل السي محمد يعيش الآن تلك الفترة وما تلاها من السنوات المتبقية من عقد السبعينيات بنوع من ذاكرة القلب أكثر مما يستحضرها بتميز كروي تقني معين.
لقد حرص السي محمد على أن يحقق طموحه مع فريق المولودية في فترته الذهبية، لذلك سرق الأضواء في دوري محمد الخامس ضد كل من فريق دينامو دو كييف وفريق اسديانت الأرجنتيني خلال شهر غشت 1975 وخلال جولة ائتلاف فريق المولودية الوجدية وفريق الوداد البيضاوي إلى بلجيكا وهولندا في نفس السنة، لعب السي محمد أدوارا طلائعية واستطاع أن يسجل هدفا وصف بالجميل ضد فريق أجاكس امستردام الهولندي الذي كان يعج يومها بالنجوم.
وإذا كان شباب السبعينات من القرن الماضي ارتبط بالمسيرة الخضراء بوثاق عقائدي، فإن محمد مرزاق كان له الشرف في مشاركة فريق سندباد الشرق لمواجهة فريق شباب المحمدية في مدينة العيون مباشرة بعد استرجاعها في أول مقابلة كروية تنظم على تراب أقاليمنا المسترجعة. وسيبقي فريق المولودية ومعه النجم المتألق محمد مرزاق منقوشا في الذاكرة الكروية لأقاليمنا الجنوبية.
سيكون من الإجحاف حصر الحضور المتألق لمحمد مرزاق مع نادي المولودية فقط دون الوقوف عند مشاركته مع المنتخبات الوطنية، كانت البداية مع المنتخب المدرسي والجامعي الذي شارك في الألعاب المغاربية المدرسية والجامعية التي أقيمت في تونس يوليوز 1970، سنة بعد ذلك سينضم محمد مرزاق إلى المنتخب الوطني شبان وسيتشرف بحمل شارة عميد الفريق الوطني، وفي سنة 1972 سيسافر مع الفريق الوطني إلى فرنسا للمشاركة في الدوري الدولي بلوهافر حيث تمكن من الفوز بهذا الدوري الدولي، ومباشرة بعد ذلك التحق محمد مرزاق بالفريق الوطني المشارك في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت بميونيخ بألمانيا سنة 1972 حيث تألق بشكل لافت وسجل هدفا رائعا ضد المنتخب الدانماركي ثم شارك محمد مرزاق مع المنتخب الوطني المغربي للشرطة سنة 1973 في البطولة المغاربية بمدينة طنجة وقد فاز بمعية زملائه بهذه البطولة، وقد سجل هدفا رائعا ضد المنتخب التونسي .
بعد كل هذا المسار المتألق كان سندباد الشرق يفقد بعض فواكهه التي نضجت والتي لم تبلغ بعد نضجها، لكن من الواضح أن الذي نضج فعلا هو إعلان محمد مرزاق سنة 1980 عن اعتزاله بعد 13 سنة من العطاء والتألق.
اعتزل مرزاق اللاعب والنجم وبقي مرزاق الإنسان مرزاق الصديق مرزاق الأخ، لذلك كانت كل الشهادات التي تثار بحضوره أو غيابه تستحضر بإكبار تلك القيم الإنسانية الرفيعة وتلك التربية الدينية السامية، لنترك للأستاذ م . ح الزروقي فضل ختم هذا البورتريه بشهادته المسجلة بالكتاب/ الحدث: ” في البدء هو صديق وجار، قبل أن يكون لاعب كرة، لذلك لم أتردد ولو لحظة واحدة بعد أن طلب إلى الأخ عبد القادر راضي تقديم شهادة في حق محمد مرزاق. للشهادة في ميدان الكرة أصولها وضوابطها، بل ولها آلياتها وأدبياتها حتى تكون مكتملة شكلا ومضمونا، إذن هي مجرد كلمة متواضعة في حق لاعب عرفته عن قرب، ينحدر من أسرة رياضية شغوفة بكرة القدم، لذلك لم يكن تألقه ليفاجئ أهل الكرة في وجدة، وهو يلعب لفريق مولودية وجدة لمدة تربو عن 13 سنة، في وقت كان السندباد الشرقي يضم في صفوفه لاعبين موهوبين مهرة كانوا بحق نجوم زمانهم.
محمد مرزاق من طينة اللاعبين الكبار، أخلاقا وسلوكا وانضباطا وهدوء وتواضعا داخل رقعة التباري وخارجها، وللأخلاق الفاضلة التي جبل عليها هذا اللاعب داخل أسرته الصغيرة دور أساسي وفاعل في مساره الكروي بكل إشراقاته وتواريخه المضيئة، فقذفاته المدوية من على بعد عشرات الأمتار كثيرا ما أقلقت راحة أمهر حراس المرمى وقتئذ، بل وكانت حاسمة أحيانا في كسب الرهان بسبب ما كان يتمتع به من مؤهلات بدنية وتقنية عالية.
بين محمد مرزاق والكرة، حب عذري قل نظيره، وهو مازال كما كان حبل المودة بينهما ولو بعد مرور سنوات طويلة، قويا وعميقا من خلال انخراطه في تعليم الناشئة وتكوينها، وهو الأستاذ والإطار التربوي المحنك والمخلص في مهنته النبيلة.
هو بكل صدق، نموذج فريد زمانه، هكذا عرفته مستميتا في الدفاع عن ألوان فريق مولودية وجدة بكل إخلاص وتفان وجهد ووفاء فألف تحية من الأعماق .. إلى السي محمد مرزاق .. والله الموفق”.

الاخبار العاجلة