تتكامل العديد من المقاربات المختلفة في سبيل إصلاح ما أفسده التلوث البيئي في العالم، مخلفا العديد من الأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية. ومن تلك المقاربات الرؤية الدينية لموضوع المناخ والبيئة، والتوعية بالرؤية الإسلامية، خصوصا لعلاقات الإنسان بمحيطه وبيئته.
وفي هذا الصدد، صدر كتاب جديد بغلاف أخضر يرمز إلى البيئة، لعالم الدين المغربي مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي لمدينة وجدة، وعضو المجلس العلمي الأعلى، وسمه بعنوان “الإسلام والبيئة”، وذلك بتساوق مع تنظيم المملكة هذه الأيام مؤتمر التغيرات المناخية بمراكش.
ويقول سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، في تصريحات لهسبريس، إن الكتاب “ثمرة جهد علمي متميز، يقدم رؤية معرفية وحضارية لعلاقة الإنسان بالبيئة في مكوناتها الطبيعية من خلال نصوص الوحي واجتهادات الفقه الإسلامي والمالكي”.
وأفاد بودينار بأن “المؤلف الجديد سبر أغوار الرؤية الإسلامية لموضوع حماية المكونات الأساسية للبيئة الطبيعية والحفاظ عليها من كافة الملوثات”، موردا أنه “يضم خلاصة الآراء الفكرية العميقة، والنصوص الفلسفية والأدبية في التراث الإسلامي في مجال البيئة”.
وأكد رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية أن كتاب العلامة بنحمزة، “الذي تناول فيه البيئة من منظور ديني علمي، يعد عملا تأطيريا هاما يصدره المجلس العلمي الأعلى في المجال الديني، يروم بالأساس معالجة القضايا الراهنة المرتبطة بحماية البيئة من مختلف الملوثات”.
واعتبر محمد يسف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، في مقدمة الكتاب، أن “الذي يميز الرؤية الإسلامية في مقاربتها للبيئة كونها لم تنظر إليها مفصولة عن ساكن الأرض، الذي هو الإنسان، إذ إن كل ما يصيبها من إنهاك وانتهاك وفساد وإفساد مصدره هو الإنسان”.
وشدد يسف، في مداخلته المؤطرة لكتاب بن حمزة، على أن “أي معالجة لموضوع الأرض والبيئة، وكل ما يحيط بها، ولا يجعل موضوع الإنسان منطلقا لها، لن يكون أكثر من محاولة فاشلة مسبقا”، فيما أكد مؤلف الكتاب على ضرورة الإسهام الديني في عملية التحسيس بأهمية البيئة.
وحسب بنحمزة، فإن “الاشتغال على الجانب الديني يأتي على رأس الأولويات، اعتبارا لما للدين من قدرة فائقة على مخاطبة النفس، وعلى الإلزام بأحكام البيئة والخروج بها من مستوى التوصيات إلى جعلها حالة تدينية، يرى معها المسلم أن الالتزام بالتوصيات البيئية طاعة لله وقربى إليه قبل أن يكون ائتمارا بتوصيات عادية”.
وبسط بنحمزة أمثلة على ما سماه “المزج السلس بين الديني والمدني في المحافظة على البيئة”؛ ومن ذلك أن “المسلم قد يؤدي فريضة الوضوء من حيث هي طاعة لله، وهو يراعي في الوقت نفسه ضرورة الاقتصاد في استعمال الماء، وعدم الإسراف فيه ولو كان على نهر جار”.
واستطرد رئيس المجلس العلمي بوجدة بأن “هذا السلوك في ترشيد استخدام الماء في الوضوء والنظافة قد يدري أو لا يدري الإنسان المسلم أنه بتطبيقه يكون قد انسجم مع السلوك الديني الذي يتماشى مع توصيات حماية البيئة، التي تلح على ترشيد استعمال الماء وعدم هدره”.
هسبريس ـ حسن أشرف