الحسد من الأخلاق الذميمة وردت بشأنه آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة،تعرفه وتوضح موقف الشريعة الاسلامية منه،ففي التعريف اللغوي نجد أن الحسد هو تمنّي الحاسد أن تزول إليه نعمة المحسود ، أو أن يُسْلَبَها وتألّم القلب بنعمة اللّه تعالى على عباده وتمنّي زوالها عن المنعم عليه وهذا معناه في الاصطلاح.
يقول الامام القرطبي في تفسير قوله عزوجل في سورة البقرة : { كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق }،الْحَسَد نَوْعَانِ : وَمَحْمُود , فَالْمَذْمُوم أَنْ تَتَمَنَّى زَوَال نِعْمَة اللَّه عَنْ أَخِيك الْمُسْلِم , وَسَوَاء تَمَنَّيْت مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَعُود إِلَيْك أَوْ لَا , وَهَذَا النَّوْع الَّذِي ذَمَّهُ اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابه بِقَوْلِهِ : ” أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاس عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله ” [ النِّسَاء : 54 ] وَإِنَّمَا كَانَ مَذْمُومًا لِأَنَّ فِيهِ تَسْفِيه الْحَقّ سُبْحَانه , وَأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقّ . وَأَمَّا الْمَحْمُود فَهُوَ مَا جَاءَ فِي صَحِيح الْحَدِيث مِنْ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام : ( لَا حَسَد إِلَّا فِي اِثْنَيْنِ رَجُل آتَاهُ اللَّه الْقُرْآن فَهُوَ يَقُوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وَآنَاء النَّهَار وَرَجُل آتَاهُ اللَّه مَالًا فَهُوَ يُنْفِقهُ آنَاء اللَّيْل وَآنَاء النَّهَار ) . وَهَذَا الْحَسَد مَعْنَاهُ الْغِبْطَة . وَكَذَلِكَ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيّ ” بَاب الِاغْتِبَاط فِي الْعِلْم وَالْحِكْمَة ” . وَحَقِيقَتهَا : أَنْ تَتَمَنَّى أَنْ يَكُون لَك مَا لِأَخِيك الْمُسْلِم مِنْ الْخَيْر وَالنِّعْمَة وَلَا يَزُول عَنْهُ خَيْره , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يُسَمَّى هَذَا مُنَافَسَة , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : ” وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ” [ الْمُطَفِّفِينَ : 26 ] أَيْ ” مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ ” أَيْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ الْحَقّ لَهُمْ وَهُوَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْقُرْآن الَّذِي جَاءَ بِهِ .
يقول الله تعالى:( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) [سورة الفلق] ،يقول سيد قطب في تفسير هذه الآية الكريمة: الحسد انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمني زوالها. وسواء أتبع الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي، فإن شراً يمكن أن يعقب هذا الانفعال،وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:((لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل أتاه الله مالاً فهو يهلكه بالحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ))،ويقول تعالى في سورة الزخرف:{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}،وقال { كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } (البقرة)،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا, ولا تباغضوا, ولا تجسسوا, ولا تحسسوا, ولا تناجشوا, وكونوا عباد الله إخوانا }،أهل العلم استخلصوا من الآيات القرآنية والآحاديث النبوية السالفتا الذكر، أن الحسد بقسميه محرم تحريما قطعيا،فلا يحل لأحد أن يحسد أحدا.
فالمسلم لا يحسد ولا يكون الحسد خلقا له ولا وصفا فيه ما دام يحب الخير للجميع ويؤثر على نفسه فيه،يحاربه المسلم بدفعه عن نفسه وكراهيته له حتى لا يصير هما أو عزيمة له،وخير وسيلة أن المسلم إن أعجبه الشيء قال:ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
اعداد حساين محمد