على هامش الندوة التي نظمتها رابطة قضاة المغرب مؤخرا،بوجدة، ارتأت الرابطة تكريم فعاليات قضائية التي أعطت الكثير لمدينة وجدة وللمغرب وكانوا أبطالا كبارا عرَّفوا بمدينة وجدة وبالجهة الشرقية ، عربونا عن الوفاء والمحبة والامتنان في حقهم لما قدموه من تضحيات في سبيل تحقيق العدالة.
من هؤلاء اللذين قضوا حياتهم وأفنوا زهرة شبابهم في خدمة مواطنيهم ووطنهم وملكهم ذكرت الرابطة أب القضاة الفقيه والقاضي العلامة شعيب الادريسي ونجله الاستاذ فيصل الادريسي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة.
الصديق… السند… القاضي الذي وفى قسم المهنة….كان شديدا في وقت الشدة… لينا في وقت اللين، ذلك القاضي الذي لايبخل بعلمه ومشورته إنه السيد شعيب محمادي الإدريسي الفقيه والقاضي والمدرس لمادة القران الكريم و والتفسير الشرعي، وكان علامة في هذا المجال حيث يشهد له بذلك مختلف العلماء و الفقهاء خاصة السيد عمر البستاوي، رئيس المجلس العلمي الإقليمي بالناظور، ذلك أن كل واحد منهما شهد شهادة حية بان المرحوم شعيب الإدريسي شغل عدة مناصب في قطاع القضاء، فقد كان نائبا للقاضي الشرعي ببني سعيد مسقط رأسه ( دار لكبداني حاليا )، إقليم الدريوش، ثم قاضيا بابتدائية الناظور، ثم رئيسا لغرفة الاستئناف الشرعي بالناظور،ثم نائب رئيس المحكمة الإقليمية بها ،وكان معروفا بنزاهته وإخلاصه في العمل، وكان حريصا على إسداء الصلح بين الناس،لأنه قريبا من المواطنين. ومطلعا على أحوالهم وهمومهم .وقد تم تعيينه رئيس الغرفة بمحكمة الاستئناف بوجدة بداية السبعينات التي اشتغل بها لمدة مهمة عرف خلالها أنه من بين القضاة المرموقين بين القضاة المرموقين والمحنكين فكانت تعرض عليه أهم القضايا العالقة و من بينها على وجه الخصوص قضية تجزئة كولوش التي دامت مناقشتها بين القضاة الفرنسيين سنة معروفا بنزاهته وإخلاصه في عمله، وكان حريصا على إسداء الصلح في ما بين الناس ،لأنه كان قريبا من المواطنين ومطلعا على أحوالهم وهمومهم ، وقد تم تعيينه رئيس غرفة بمحكمة الإستئناف بوجدة بداية السبعينات التي اشتغل بها لمدة مهمة عرف خلالها أنه من سنة1957 إلى سنة 1973،تاريخ توليه الإشراف على هذا الملف الشائك والذي استطاع بفضل خبرته الواسعة وكفاءته الجريئة في البث فيها بصفة نهائية في بضعة أشهر قليلة رغم ما عاشته من صعوبات كبيرة تجلت بالخصوص في عدد التعرضات التي بلغت ثلاث وخمسون تعرضا قبل منها واحد وأربعون .
كما أن وللمرحوم الفقيه شعيب امحمادي الإدريسي, والد السيد فيصل الإدريسي, خزانة شخصية مولها من ماله الخاص, لا تزال موجودة بمعهد الإمام مالك لتخفيض القران الكريم وتدريس العلوم الشرعية بالناظور تضم أزيد من ألف كتاب العلوم خاصة اللغة والتاريخ والتفسير الشرعي وكان رحمه الله حريصا كل الحرص على تحفيظ القران الكريم للطلب وجلب الكتب من مختلف المدن المغربية مهما بعدت وكرس حياته كلها لهذه الغاية باعتباره من الروافد القليلة التي عاشت بتلك المنطقة التي ساهمت بشكل فعال في اثرائها واغنائها بشتى مراجع التفسيىر والسيرة الذاتية للعلماء والفقهاء الأجلاء .
من جهة أخرى كان هذا الفقيه رحمه الله يشكل دعامة أساسية في إطار إسداء الخدمات .الوطنية، حيث أنه كان من بين مجموعة القضاة الاساسين بالشمال الذين تقدموا بالمطالبة باستقلال القضاء في إسبانيا وفرنسا أنذاك وقد اشتهر بإشرافه على قضية محاكمة البهائين وعددهم لأربعة عشر. فحكم عليهم بالإعدام. هذه المحاكمة كان لها صدى عميقا على الصعدين الدولي والوطني ثم نرأسه لوفد الاعيان والفقهاء الذين تقدموا بالمطالبة بعودة السلطان محمد الخامس طيب الله تراه من المنفى سنة 1954 .
الخصال الحميدة والصفات الفاضلة التي تلى بها والده المرحوم، جعلت من نجله السيد فيصل الدريسي مسؤولا قضائيا بارزا على الساحة الوطنية خاصة وأنه صار على النهج القويم الذي رسمه له أبوه واستفاد بالكثير من التوجهات والخبرات التي تمكن من اكتسابها واتباعها بكل عناية وتقدي، علاوة على ماأضافه لخبرته المهنية بفضل احتكاكه إلى جانب عدة أطر قضائية خاصة منهم المرحوم السيد محمد عدلي الدي قضى زهاء خمسة و عشرين سنة على رأس محكمة الاستئناف بوجدة كوكيل عام.وفي هدا الباب وبمجرد ماتولى الاشراف على هذا المنصب, بادر إلى عقد اجتماع موسع مع كافة الأطر التي تشتغل تحت إمرته خاصة مسؤولي الضابطة القضائية التابعة لنفوذه من شرطة ودرك وقضاة النيابة العامة والأعوان القضائيين وأعضاء مكتب النقابي للمحامين، حيث توافق معهم جميعا على وضع إستراتيجية واضحة وصالحة و قابلة للتطبيق في إطار قانوني و بناء على مقتضيات الدستور مستنرين بالتوجيهات الملكية الستمية التي تراعي أوامرها الرامية إلى قضاء نزيه حريص كل الحرص على النظر في مجموع قضايا المواطنين بكل حزم واحترام .
الاستاذ فيصل الادريسي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة، انخرط مع بداية الثمانينات في سلك القضاء برتبة قاضي، وكان أول تعيين له بالرباط، ثم بمدينة العيون الشرقية ومنها مباشرة إلى مدينة وجدة التي قضى بها ما يناهز اثني وعشرين سنة إلى أن أصبح وكيلا للملك لدى ابتدائية وجدة من جديد بصفته وكيلا للملك سنة 1994 إلى غاية 2005، حيث عن وكيلا للملك بمدينة فاس التي قضى بها مدة ثمان سنوات، فانتخب عضوا بالمجلس الأعلى للقضاء لولايتين مابين 1998 و2002 و2006 إلى 2010، ثم عين مؤخرا وكيلا عاما للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة.
هذا التكريم يعتبر بادرة مهمة خصوصا في ظل الدستور الجديد الذي يولي هذا الجهاز عناية خاصة ، حيث ان المغرب الذي يعتبر القضاء مؤسسة يعي تمام الوعي ان قوة الدولة لا تكمن في قوة الاشخاص وانما تكمن في قوة المؤسسات ، وهذا ما جعل المغرب يتميزخلال تاريخ الطويل بانه كان دائما دولة المؤسسات ، وهي مؤسسات اصبحت حاضرة اليوم وبقوة في تدبير الشان العام في مختلف المجالات
حساين محمد