العلامة بنحمزة…رجل زاوج بين الكرع من حياض العلم والانخراط في المجال الإحساني التضامني

5 يناير 2016آخر تحديث :
العلامة بنحمزة…رجل زاوج بين الكرع من حياض العلم والانخراط في المجال الإحساني التضامني

oujdaregion.com (8)
كان الإعلان عن إصابة الأستاذ مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي بنوبة صحية ومغادرته أرض الوطن لتلقي العلاج خبرا مؤثرا في محبي عالم وجدة ومحطة عصيبة مرت على من آمنوا بتميز هذا الأستاذ الفذ ودوره في نشر الوعي الديني والإنساني بهذه الجهة عموما ومدينة وجدة على وجه الخصوص.
فبين النخب المتميزة التي تجمع الشهادات على شجاعة قراراتها وبين النخب العادية التي لا تشذ عما ألف من جريها وراء المناصب وحصد الغنائم، مسيرة غير يسيرة من القرارات العسيرة، والأستاذ مصطفى بنحمزة في اعتقادنا رمز الفئة الأولى ونموذجها الأصيل الذي جسد بصدق الاستثناء الحقيقي لنخب الجهة الشرقية. فكان قرار اعتذاره لتولي منصب وزير الأوقاف بالحكومة الحالية، بمثابة الصفعة التي استفاق على دويها من كان لا يفرق بين معادن الناس والمبادئ التي شبوا عليها، قرار سيظل نبراسا يهتدي به كل من تاه في سراديب البحث عن الاستوزار والمكافئات العينية، ويرفع من قيمة علماء المغرب بخصوصيته وخصوصيتهم المبنية على العلم والتربية والزهد، فيما لا تملك الفئة الثانية القدرة على تركه أو حتى التفكير في التخلي عنه. هذا العالم المغربي المدرك لدوره، يستحق من كل المغاربة أن يخلدوا قراراته وآراءه ومواقفه، فهو بحق “فكرة بهامة وطن” فحق لأتباعه أن يقلقوا على مرضه.
إنه رجل زاوج بين الكرع من حياض العلم والمعرفة والانخراط في المجال الإحساني التضامني، مما بوأه قابلية الخندقة في سياق الرمز الذي تصنع أبعاده اللحظات السياسية والثقافية والاجتماعية، ويكاد الأستاذ مصطفى بنحمزة يقنعنا بأن اكتساب ثقة الخاصة والعامة، ونيل عطف شريحة واسعة من المواطنين كما أكدته أزمته الصحية الأخيرة التي أجبرته على إجراء عملية جراحية بفرنسا برعاية ملكية، لا يكون أمرا سهلا إلا إذا كان نابعا من يقين متجدر في كون المجال الدعوي مرتبطا ارتباطا وثيقا بالقوة وإعطاء المثل في استقلالية القرارات والاهتمام بالقضايا ذات الهم الإحساني والاجتماعي.
المتتبع لمسارات الموجود من حياة الأستاذ بنحمزة، يدرك أنه لم يخطئ أيا من مراحل المرجل الثقافي والسياسي لمغرب السبعينات فما فوق، فقد تزامن حضور الأستاذ في المشهد الثقافي لمدينة وجدة مع تغلغل الفكر الاشتراكي والعلماني، واعتبار المجال الإيماني والإسلامي مجالا للتخلف، حتى كان الطالب الملتزم دينيا يقيم شعائره خفية درء لتهمة الرجعية والتخلف، فجاء الأستاذ الجامعي مصطفى شاهرا علمه ومنطقه واطلاعه الواسع في وجه دعاة الإلحاد والتبعية الفكرية للشرق الأحمر، وكان بذلك المنارة العالية التي أضاءت طريق التدين الصحيح من جهة، وقطعت الطريق أمام الانحرافات الفكرية والمنهجية المرتبطة بالفرق التكفيرية التي كانت تنشط وقتها بالشقيقة الجزائر من جهة ثانية، فموقع مدينة وجدة الحدودي سيجعل من حضور شخصية وازنة في الحقل الديني في مستوى الأستاذ بنحمزة عطاء إلاهيا لفرملة الانحرافات النشيطة وراء حدودنا الشرقية، والحفاظ على نقاء العقيدة الأشعرية، وسلاسة المذهب المالكي.. وسيظل الدكتور مصطفى بنجمزة حاملا مجسات المقاومة ضد أي انحراف أو مروق عن الشريعة السمحة، سواء في رحاب الجامعة أو داخل المساجد أو في المنتديات الفكرية..
hadath.ma

الاخبار العاجلة