يحرص المغاربة على الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، حتى إن كثيرين يعتبرونه عيدا قائم الذات إلى جانب عيدي المسلمين الرسمييْن الفطر والأضحى، حيث يبدي المغاربة خلاله مشاعر الحب والإجلال لشخص الرسول الكريم، ويرنو كثير منهم إلى التذكير بسنته وسيرته العطرة.
إلا أن ما يميز هذه الذكرى حرص المغاربة على إحيائها عبْر عادات وتقاليد متأصلة في المجتمع ارتقت لتغدو تراثا شعبيا حافظ على طابعه الديني، حيث تتوزع مظاهر الاحتفال ما بين مجالس الذكر ومدارسة القرآن وترديد الأمداح النبوية وسرد السيرة، فضلا عن إحياء عدد من الزوايا والطرق الصوفية للمناسبة بطرقها الخاصة.
الدكتور عمر بنحماد، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بالرباط، يرى أن المغاربة لا يخلطون بين الذكرى والعيد، موضحا أن المغاربة لم يقوموا باستحداث أي صلاة مثلا، على غرار العيدين، بل بقيت الذكرى ذكرى ولم يتم إحداث شيء يميز اليوم، حيث احتفظت كل مناسبة بخصوصياتها، وهذا من الفقه لحفظ رتبة كل مناسبة في منزلتها، لافتا إلى أن صور الاحتفال بذكرى المولد النبوي تختلف حسب جهات ومناطق المغرب، لكن تبقى في النهاية مشتركا بين جهات المغرب كله.
واعتبر الأستاذ الجامعي، ضمن حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن ذكرى المولد مناسبة لترشيد التدين وتجويده وتحسينه والرقي به، مثمنا الطريقة التي يحتفل بها الملك محمد السادس ويقوم عبرها بإحياء ذكرى المولد النبوي، حين يتأسس الجمع الملكي في أحد مساجد المملكة على الذكر والمدح النبوي، مشيرا إلى أن المفروض أن يكون احتفال المغاربة بالذكرى قياسا على الاحتفال الرسمي.
وعن الطريقة المثلى للاحتفاء بذكرى المولد النبوي، أوصى عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بمدارسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تستغل الفرصة لتصحيح عدد من المغالطات التي تلحق سيرة الرسول والإسلام ككل وإزالة كل الشوائب العالقة، فضلا عن استثمار المناسبة للرد الإيجابي بإطلاق احتفالات ومبادرات اجتماعية توسع دائرة الفرحة بميلاد الرسول.
المتحدث اعتبر أن بعض المظاهر تسيء لذكرى المولد النبوي وليست منه في شيء، ما يشكل إساءة لمكانة الذكرى في نفوس المسلمين، داعيا وسائل الإعلام إلى الانخراط في إحياء الاحتفاء بالذكرى ومواكبة هذا التاريخ، والعمل على تعريف غير الناطقين بالعربية بأسباب احتفاء المسلمين بهذا اليوم وتعريفهم بسيرة النبي الكريم.