احتضنت عاصمة المغرب الشرقي وجدة،مؤخرا ندوة تحت عنوان “أية حماية قانونية للمرأة في ظل خلايا التكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف؟”،أطرتها فضيلة الأستاذ فتيحة غميظ،نائبة وكيل جلالة الملك بالمحكمة الابتدائية بوجدة،رئيسة الخلية المحلية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف،وعرفتحضور ممثلات الجمعيات النسائية الفاعلة بالمدينة.
استهلت الندوة التي أقيمت بمركز الدراسات والبحوث الانسانية والاجتماعية بوجدة،بعرض قيم تفضلت به الأستاذة فتيحة غميظ،أوضحت من خلالها للحضور أنه بالرغم من المجهودات المبذولة في سياق مناهضة جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء، إلا أنه هذه الظاهرة لازالت تعتبر من أبشع الممارسات التي تعرفها العلاقات الإنسانية داخل الأسر المغربية.
وأضافت، أن العنف ضد المرأة يشكل العائق الأساسي لكل تنمية مجتمعية، فهو يقضي على قدراتها وإمكانياتها الذاتية، ويحرمها من المشاركة الفعلية في الحياة العامة، لذا فالمعركة الحقيقية التي يجب خوضها تتمثل في اجتثات كافة أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة سواءا كان ذو طبيعة فردية جماعية أو مؤسساتية، وهذا ما أدى إلى ظهور مفهوم التكفل، والذي استهدف تعزيز الحماية القانونية للمرأة ضد العنف وتمكينها فعليا من حقوقها التي يوفرها لها القانون.
واستحضرت نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوجدة ضمن مداخلتها:”دور النيابة العامة في تفعيل حماية النساء ضحايا العنف الزوجي”، الخطاب الملكي السامي ل 20 غشت 1999 الذي أكد على ضرورة توفير الحماية الكاملة للمرأة من كل عنف حتى تتمكن من المساهمة في رقي المجتمع، إلى جانب الدستور المغربي.
وكشفت المتدخلة، أن نسبة قليلة من الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء تجد طريقها نحو المتابعة القضائية، وذلك بسبب انعدام وسائل الإثبات، فمن أصل 2478 شكاية تم تسجيلها سنة 2014، حظيت 254 منها بالمتابعة، كما أن 624 شكاية من الشكايات الواردة على الخلية المحلية تتعلق بعنف جسدي و27 منها بعنف جنسي.
وفي محور الآليات الحمائية للمرأة المعنفة، أبرزت أن الخلايا القضائية للتكفل القضائي بالأطفال والنساء ضحايا العنف المحدثة على صعيد محاكم المملكة من طرف وزارة العدل والحريات كجهاز قضائي يسعى إلى حماية الحقوق والحريات وتطويق العنف الموجه ضد النساء، باعتبارها القناة الرئيسية المستقبلة لضحايا العنف، والمسؤولة عن حمايتهن حظيت بالأولوية ضمن الاستراتيجية الوطنية التي دعت إلى ضرورة خلق بنيات استقبال على مستوى المحاكم والشرطة والمستشفيات، وهو ما سعت إليه وزارة العدل عبر إصدار عدة توصيات تجسد الوسائل الكفيلة بمواجهة ظاهرة العنف والاعتداءات التي تستهدف النساء، خصوصا ضحايا العنف الزوجي، وهو ما تحقق فعلا من خلال تكوين خلايا على مستوى النيابة العامة تتكفل بهذا النوع من الملفات، من أجل تقديم خدمات ناجعة وفعالة لهذا النوع من القضايا وإعطائها بعدا اجتماعيا وإنسانيا.
وفيما يخص النزاعات التي يعرفها المغاربة المقيمين بالخارج، ذكرت رئيسة الخلية بالاتفاقيات الدولية وخاصة اتفاقية لاهاي والاتفاقيات الثنائية التي أبرمها المغرب مع الدول الأوروبية في هذا المجال، إذ في حالة النزاع غالبا ما يقوم الزوج بإرجاع الزوجة إلى ارض الوطن ويرفع دعوى إنهاء العلاقة الزوجية، وفي المقابل يقوم بعدم تسليمها وثائق الإقامة بالخارج أو امتناعه عن تسليم جوازات سفر الأبناء، وفي حالات أخرى يتم اختطاف الأبناء وحرمان الأم من فلذة كبدها وهو اكبر عنف بالنسبة للمرأة، كما يتم العمل على دعم ضحايا العنف ماديا ومعنويا عن طريق توفير المساعدة القضائية للمحتاجات ومساندتهن على مستوى الدفاع.
واستعرضت، الإشكالات العملية التي تحد من حماية المرأة المعنفة، فمن الوجهة العملية، ومن خلال ما أثبتته التقارير التي تعدها مراكز الاستماع والجمعيات المهتمة بموضوع النساء ضحايا العنف والإحصائيات على مستوى المحاكم، لازالت الزوجة المغربية تعاني من صعوبات نفسية جمة بسبب التبليغ، إضافة إلى صعوبات إثبات العنف الممارس عليها أمام المحاكم، إضافة إلى أن التبليغ يتم بعد تكرار العنف، استبعاد الشهادة الطبية وإفراغها من أهميتها بوصفها قرينة على حدوث العنف ووسيلة للإثبات وتحديد الضرر، صعوبة إثبات العنف النفسي والجنسي، عدم كفاية المادة الوحيدة المتعلقة بإرجاع الزوجة المطرودة إلى بيت الزوجية لكونها لم ترتب أي جزاء في حالة رفض الزوج ارجعا زوجته، هذا بالإضافة العنف الأكبر المتمثل في قيام الزوج أثناء فترة النزاع بنقل أبنائه إلى بلد آخر، في ظل الفراغ القانوني.
واختتمت الدكتورة غميظ مداخلتها بالقول:”إن ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة مركبة، فلا نتوقع أن يكون حل هذه الظاهرة أو علاجها أنيا وسهلا، بل لابد من تضافر الجهود من أجل القضاء عليها أو التخفيف منها وتطويقها على الأقل وذلك عبر:
*تعزيز الترسانة القانونية والتعجيل لإصدار قانون العنف ضد النساء
*تفعيل دور المجالس العلمية وإنشاء مراكز للإيواء
*ضرورة إعادة النظر في المنهجية والمقاربة المتبعة في مجال مناهضة العنف.
*وضع مقاربة شمولية لكل مكونات المجتمع تراعي فيها مختلف التحولات تعرفها الأسر المغربية”.
جاءت هذه المداخلة أثناء الندوة العلمية حول موضوع:”أية حماية قانونية للمرأة في ظل خلايا التكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف؟” المنظمة من طرف الخلية المحلية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، بتنسيق مع جمعية حوار النسائية وجمعية وجدة عين الغزال 2000 زوال يوم الجمعة 11 دجنبر 2015 بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، والتي تندرج في سياق احتفاء الخلية ذ المحلية للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، بتنسيق مع جمعية حوار النسائية وجمعية وجدة عين الغزال 2000 بالحملة الوطنية لمناهضة العنف الموجه ضد النساء التي تنطلق من 25 نونبر 2015 كيوم عالمي لمناهضة العنف ضد المرأة إلى غاية 10 دجنبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
اعداد:حساين محمد