تصميم إعداد التراب للشرق: نحو إرساء جهة نموذجية مندمجة ومستدامة

25 ديسمبر 2021آخر تحديث :
تصميم إعداد التراب للشرق: نحو إرساء جهة نموذجية مندمجة ومستدامة

و.م.ع
كوثيقة استراتيجية، يقدم التصميم الجهوي لإعداد التراب تشخيصا مجاليا يحدد من خلاله أهم العوائق الترابية، كما يقترح رهانات للتهيئة والإعداد، وحلولا عملية للتنمية الجهوية على المدى البعيد.


الأمر يتعلق هنا برؤية استراتيجية تترجم إلى مشاريع مهيكلة يتم تحديدها بتوافق مع جميع الفاعلين المحليين، حتى تكون في مستوى تطلعات وحاجيات الساكنة الراهنة والمستقبلية. كما أنها تشكل إطارا مرجعيا يمكن من التقائية وانسجام التدخلات القطاعية على مستوى التراب الجهوي.
وانسجاما مع التوجيهات الملكية الداعية إلى ابتكار نموذج تنموي جديد، تمكن مجلس جهة الشرق، بدعم من مختلف المؤسسات الحكومية، من بلورة تصميم جهوي لإعداد التراب أخذا بعين الاعتبار تحديد ووضع الآليات والمشاريع اللازمة التي من شأنها تقليص التفاوتات بين الشمال والجنوب، وبين الوسط الحضري والقروي للجهة، وذلك في إطار التنمية المستدامة.
وقد شكل الخامس من شهر يوليوز من سنة 2021، بالنسبة لجهة الشرق، محطة أساسية تجسدت من خلال مصادقة مجلس الجهة على أهم وثيقة مرجعية للتهيئة المجالية لمجموع التراب الجهوي؛ تلك الوثيقة المبتكرة التي حددت المعالم الكبرى لنموذج يضمن ارتقاء الجهة وجعلها قطبا تنمويا بامتياز في أفق سنة 2045.
معدو الوثيقة يرون أن من شأنها أن تقدم جوابا لمجموعة من التحديات والإكراهات التي يعاني منها تراب جهة الشرق، بكونه منطقة حدودية تعرف ركودا اقتصاديا حادا وغير مهيكل، اعتمد لعقود من الزمن على التهريب المعيشي؛ مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة. هذا بالإضافة إلى شساعة مساحة الجهة التي أفرزت خصاصا كبيرا على مستوى التجهيزات ومرافق القرب، مع وجود فوارق مجالية بين شمال وجنوب تراب الجهة، فضلا عن ظاهرة الجفاف الذي يعتبر معطى بنيويا.
هذه الوثيقة المرجعية جاءت، بحسبهم، لتشكل دعامة لتفعيل النموذج الجديد لتنمية مستدامة، عبر استغلال الإمكانات العديدة والموارد البشرية والطبيعية للجهة، مع الأخذ بعين الاعتبار طابعها الحدودي والتطلعات لجعلها قطبا للنمو والتنمية على الصعيد الأورو- متوسطي، وكذا على المستوى القاري.
وفي هذا الإطار، وحسب تقارير ذي صلة، فقد اعتمدت دراسة التصميم الجهوي لإعداد التراب، على التطورات الاقتصادية الإيجابية التي عرفتها الجهة خلال السنوات الأخيرة، والتي ينبغي تعزيزها واستكمالها استجابة للاحتياجات الحالية والمستقبلية في أفق 2045، هذا إلى جانب توظيف اقتراحات مختلف الفعاليات المحلية من إدارات ومؤسسات عمومية وهيئات منتخبة ومجتمع مدني وقطاع خاص، والمنبثقة عن نقاشات وورشات تشاورية.
القائمون على إعداد الوثيقة اعتمدوا أيضا في دراستهم، سواء على مستوى التشخيص، والاستشراف، والاختيارات الاستراتيجية، على مختلف الدراسات المنجزة والوثائق المتعلقة بالجهة، وكذا التغيرات والتحولات التي عرفتها في العقود الماضية، والهدف تجويد الدراسة الخاصة بإنجاز التصميم الجهوي لإعداد التراب.
هذا التصميم الجهوي، الذي أعده مكتب دراسات تحت إشراف وبتنسيق مع ولاية جهة الشرق ومجلس الجهة، يتضمن ما مجموعه 208 مشاريع و126 إجراء، يتطلب غلافا ماليا إجماليا يفوق 106 مليارات درهم، بالإضافة إلى ارتكازه على رؤية تتمحور حول 7 مجالات، و25 اختيارا استراتيجيا، و60 محورا ذا أولوية.
وتهدف هذه الوثيقة إلى جعل جهة الشرق في أفق سنة 2045، جهة مندمجة تثمن رأسمالها البشري وتجذب انتباه ساكنتها وجاليتها المقيمة بالخارج وزوارها، عبر التوفر على بنية حضرية منظمة توافق بين المدن والقرى.
وتكمن باقي أهداف رؤية التصميم الجهوي لإعداد التراب في إرساء جهة تتجاوز عزلتها وسهلة الولوج، تكون نموذجية من حيث الاستدامة وذكية ونشيطة ذات اقتصاد متنوع ومتفوق، ومسيرة بحكامة يفتخر بها سكانها وجاليتها، وذات إشعاع ونفوذ، ومنفتحة على الخارج.
وفي هذا السياق، أكد رئيس جهة الشرق، عبد النبي بعيوي، بمناسبة مصادقة المجلس على التصميم الجهوي لإعداد التراب، أن هذا الأخير يشكل وثيقة تنموية بامتياز تتعلق بإعداد التراب، الذي يندرج ضمن الاختصاصات الذاتية لمجلس الجهة.
وأشار السيد بعيوي، إلى أنه من وجهة نظر استراتيجية، فإن هذا التصميم الجهوي يهدف أساسا إلى تحديد الحاجيات الضرورية فيما يخص البنيات التحتية الأساسية والاختيارات المتعلقة بالتجهيزات والمرافق العمومية الكبرى المهيكلة، إلى جانب تحديد مجالات المشاريع الجهوية، وبرمجة إجراءات تثمينها.
وسجل أن هذا التصميم يتماشى مع الإطار التوجيهي العام في مجال إعداد التراب، ويأخذ بعين الاعتبار التقاطعات المفصلية بين هذه الوثيقة ذات الطابع الترابي والتقرير العام للنموذج التنموي الجديد، بهدف جعل الجهة وعاء للتنزيل الأمثل للسياسات القطاعية الحكومية في تناغم مع رؤية مجلس الجهة.
وأضاف رئيس جهة الشرق أن الدورة العادية، التي تميزت بالمصادقة على الوثيقة، تشكل محطة بارزة في التخطيط الإستراتيجي، بهدف ضبط وتأطير مسار تنمية الجهة، مسجلا أن التصميم الجهوي لإعداد التراب كان ثمرة مسلسل للتشاور والمشاركة فسح المجال لمختلف الفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني، بما في ذلك الشباب والتلاميذ، عبر ورشات للتشخيص التشاركي ومختلف اللقاءات والأنشطة.
هذه الجهة، التي تمتد على مساحة تناهز حوالي 90 ألف و130 كلم مربع، وتتميز بتنوع تضاريسها، وتتكون من عمالة وسبعة أقاليم (124 جماعة ترابية)، تتطلع ساكنتها، البالغة أزيد من مليوني و314 ألف، من خلال هذه الوثيقة المرجعية، التي تمثل أيضا ركيزة عملية في تنزيل النموذج التنموي الجديد، إلى إقرار عدالة مجالية تمكن الجميع من كسب رهان التنمية المستدامة.

الاخبار العاجلة