اعداد:حساين محمد
بتنظيمها السبت 1 ماي 2021 لليلة رقمية جديدة، تكون ليالي الوصال “ذكر وفكر في زمن كرونا “، المنظمة من طرف مؤسسة الملتقى ومشيخة الطريقة القادرية البودشيشة بشراكة مع مؤسسة الجمال، بلغت الرقم الواحد والخمسين، وعلى منوال سابقاتها بثت هذه الأمسية عبر المنصات الرقمية لمؤسسة الملتقى، واشتملت على إسهامات علمية وذوقية لعلماء ومختصين ومنشدين من داخل المغرب وخارجه.
وتم استهلال برنامج هذا السمر الروحي بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم م طرف القارئ حكيم خيزران من المغرب، لتتلوها مداخلة الدكتور محمد أمين الغويلي، خريج دار الحديث الحسنية وباحث في الفكر الاسلامي، حول موضوع “التصوف والبناء الحضاري للإسلام”، أبرز من خلالها بعض العوالم البنائية الكبرى التي يتأسس عليها البناء الإنساني، في ضوء المكون الصوفي باعتباره معلما دينيا وثقافيا وحضاريا، وبين أن بناء الحضارة يتم عبر بناء الانسان الذي اليه توجه الخطاب الالهي في عمارة الكون وبناء الحضارات حيث بتفاعله تسير حركة الكون سيرها الايجابي لتحقيق ما خلق لأجله، حيث اذا صلح الانسان صلحت سائر مرافق الحياة، ولفت الى أهمية المسألة الأخلاقية ودورها في بناء الإنسان والمجتمع، إضافة الى دورها في الحفاظ على البيئة والأرض، باعتبار الإنسان مستخلفا فيها ومُؤمّنا عليها وعلى ما فيها، وتابع أن من زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالإنسانية، ونبه الى أن الوجود الإنساني المتوازن، لن يتحقق إلا من خلال تبني منهج رباني وبصحبة أهل الفضل والصلاح والتعاون على البر والتقوى، مع الأخذ بالنموذج الحي في الاقتداء، صحبة وقدوة ومعاينة.
بعد ذلك تدخل الدكتور سعيد بيهي، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والمتخصص في العقيدة، ضمن سلسلة المدخل الى العقيدة الأشعرية، متناولا “مسألة المحكم والمتشابه في القرآن الكريم”، باعتباره مبحثا من مباحث علوم القرآن وكذلك من مباحث العقيدة، حيث سلط الضوء على المقاصد التربوية والتزكوية لهاته المباحث العقدية.
“التزكية في التشريع الالهي والتنزيل النبوي”، كانت محور كلمة الدكتورة أسماء المصمودي، باحثة بالرابطة المحمدية للعلماء، بينت من خلالها ان التزكية في التشريع الالهي ترتكز على شقين أساسين، تزكية فطرية وتزكية مكتسبة، مستشهدة بآيات من القران الكريم، كما أوضحت أن الجامع بين هاتين التزكيتين هي التقوى التي هي دليل التزكية، وأن التقوى محلها القلب الذي هو محل نظر الله سبحانه وتعالى، وأشارت الى أن فعل التزكية لا يكتمل ولا تتم به الصالحات الا اذا اقترن بالتعليم ووجهته التقوى، وهوما تبناه شيوخ التربية والتصوف.
فيما حملت المداخلة العلمية للدكتور منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى ورئيس مركز المركز الأور ومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، عنوان “أهمية الوقت في حياة المسلم والمجتمع”، أشار في بدايتها الى أننا نعيش اليوم في عالم تتسارَعُ فيه الأحداثُ، وتُطْوَى فيه صفحاتُ الزمن، حيث لا نكادُ نشعرُ بوقْتِنا كيف يمرُّ وفيما نقضيه، وأن ذلك يجعلنا في أمَسِّ الحاجة إلى تنظيم أوقاتنا والاستفادة منها بما يعود علينا بالفوز في امتحان الدنيا و فلاح في الآخرة .
وأضاف أن الوقت نعمة من نعم الله تعالى، أقسم الله به في قرآنه، وأن الإسلام حث على استثمار الوقت بما يعود بالخير، ونهى عن إضاعته، مذكرا بأقوال عدد من سلف الأمة وعلمائها، وأكد أن وقت الإنسان وَجَبَ أن يكون لله وبالله، مستشهدا في هذا الصدد بمجموعة من الاحاديث النبوية، وتابع أن الوقت كما هو نعمة من نعم الله فإن له بركة، ثمرة معنوية غيبية من ثمرات العمل الصالح، يحقق الله بها الآمال، ويدفع السوء، ويفتح بها مغاليق الخير من فضله، ولفت الى أن في السنة النبوية مثال ومنهاج لكل مسلم حتى يقتدي به ويسير على أثره، وأكد على أنه يجب على العبد أن لا يُكّرِسَ الوقت في ما يلهيه عن ذكر الله تعالى والعبادات والطاعات، واستعرض مجموعة من الأسباب التي تُعين وتساعد المسلم على حسن تقدير قيمة الوقت وحفظهِ، ونبه الى أن مشكلتنا الأساسية ليست في عدم وجود وقت كاف لتحقيق ما نريد فعله، وإنما في عدم استغلالنا الوقت بشكل أمثل وصحيح لعمل ما يجب عمله، وشدد على أن إدارة الوقت بشكل فعَّال تستحيل في ظل انعدام وجود أهداف أو أولويات أو خطط يومية، وشدد على أهمية تأهيل العامل البشري – خصوصا فئة الشباب- و تكوينه على أهمية الوقت و قيمته، فيما حملت مداخلته الثانية باللغة الفرنسية عنوان:
« La dimension spirituelle de l’endurance et de la patience » ، تحدث فيها عن فضيلة الصبر وبعدها الروحي.
و باللغة الانجليزية تناول للدكتور ادريس شاغيي، في مداخلته موضوع « The Sufi culture of happiness: spiritual values as a means of access to peace and joy »، تحدث فيه عن مفهوم السعادة في الثقافة الصوفية وعن القيم الروحية كوسيلة للوصول للسلام والسعادة.
وعرفت هذه الليلة تقديم موضوع بالغ الاهمية من طرف الاستاذ السعيدي محمد، وهو مدير استشاري في المالية بفرنسا تحت عنوان « l’abstinence dans le cadre du jeune » ، ركز من خلاله على بعض احكام فقه الصيام معتمدا بذلك منظومة ابن عاشر، بحيث ربط ما بين الجانب الظاهري والجانب الباطني الروحي من خلال اشارات ومعاني ابيات هذه المنظومة في السلوك والسير الى الله تعالى وحفظ الحواس من كل المقدرات.
الفقرة الصحية كانت للدكتور فيصل بن ميلود ، طبيب مختص في الترويض الطبي ومعد بدني، قدم خلالها مجموعة من النصائح حول خطورة الاسراف في السكريات في شهر رمضان الكريم، حتى يتسنى الاستفادة من الصيام، كما تم عرض ربورتاج النصائح التي يجب اتباعها خلال الحجر الصحي الليلي في رمضان من خلال التركيز على ممارسة الرياضة المنزلية وشرب الماء والتقليل من السكريات ، إضافة الى ادراج ربورتاج حول قدوات الشباب.
وتخللت هذه الليلة الروحية وصلات من النغم والمديح لمسمعين داخل المغرب وخارجه، ويتعلق الأمر بكل من المنشد عبد الهادي الجيلاني، والمنشد محمد التهامي رئيس نقابة المنشدين بجمهورية مصر العربية، ومجموعة من مسمعي الطريقة بهولندا، ومجموعة مسمعي الطريقة بليبيا، وكذلك مسمعي الطريقة ببرشلونة، والمجوعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية، إضافة الى برعمات الطريقة القادرية البودشيشية بمذاغ.
واختتمت أطوار هذا السمر الروحي بفقرة “من كلام القوم”، خصصها الأستاذ إبراهيم بلمقدم، باحث مؤطر بمركز أجيال للمواكبة والوقاية والتمنيع بالناظور التابع للرابطة المحمدية للعلماء، للحديث عن موضوع مدارج الترقي في قراءة القران الكريم، ليختم هذا السمر العلمي والروحي برفع الدعاء الصالح للبلاد ولملكها ولسائر المسلمين والبشرية جمعاء.