اعداد:حساين محمد
تجدد اللقاء ليلة السبت 20 مارس 2021، مع ليالي الوصال الرقمية التي دأبت مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية، ومؤسسة الملتقى على تنظيمها بشراكة مع مؤسسة الجمال من خلال تنظيم النسخة الخامسة والأربعين ، والتي بثت مباشرة عبر الصفحتين الرسميتين لمؤسسة الملتقى على موقعي التواصل الاجتماعي “فايسبوك” و “يوتيوب”، و ساهم في تأثيث فقراتها، ثلة من العلماء والمثقفين والمنشدين المتميزين، مع عرض أشرطة علمية وتوعوية متنوعة.
انطلقت هذه الأمسية الروحية بتلاوة عطرة لآيات بينات من الذكر الحكيم، بصوت المقرئ وسام بن أحمد من فرنسا، لتتلوها فقرة “رسائل مولاي عبد القادر الدرقاوي”، قدمها الدكتور رشيد احميمز، أستاذ التعليم العالي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة والمتخصص في الدراسات الصوفية الفرنكفونية، حلل من خلالها الرسالة الواحدة والأربعين.
بعد ذلك تناول الدكتور منير القادري بودشيش مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم بالشرح والتحليل كلمة توجيهية علمية قيمة، تحت عنوان “الحاجة إلى التصوف ومواجهة تحديات العصر” ، شدد من خلالها على أهمية البعد الروحي للإسلام ودوره في مواجهة تحديات العصر وانحرافات العولمة، ودعا إلى ضرورة تفقد الأمة الإسلامية لتراثها الروحي المشرق لتصل ماضيها بحاضرها وتنتفع بما خلفه تاريخها المجيد، وتستعين بذلك في بناء نهضتها المعاصرة على أساس متين من التربية الصوفية الإحسانية للوصول بأبنائها إلى الكمال الاخلاقي والمعراج الروحي.
كما نادى بجعل البعد الصوفي الحضاري الإحساني والإنساني للإسلام ملموسا وقابلا للإدراك والتجسيد كثقافة حية تساهم في إرساء علاقة سليمة مع قضايا المجتمعات المختلفة وتضمن الحصانة والوقاية من كل زيغ وانحراف، وتشكل بالأساس بنية أخلاقية ومجتمعية متماسكة فتكتمل بذلك أهم شروط الأمن الروحي الذي لا مناص منه لتحقيق الأمن الحضاري.
وأبرز أن صوفية المغرب اعتمدوا على منهج فريد في التربية وتقويم السلوك يقوم على مبدأ التدرج والترقي حسب المتلقي وجهده مع مراعاة حال المتعلم أو المريد، وأنهم لم يركنوا إلى اعتزال هموم الناس أو الاشتغال بالعبادة فقط، ولم يكن خطابهم جامدا على نفسه أو منعزلا عن مجريات عصره وإنما اندمجوا في محيطهم الاجتماعي، واختتم مداخلته بالتأكيد على أن التصوف مقوم أساس من مقومات الهوية المغربية الاصيلة تحت رعاية أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، أما مداخلته باللغة الفرنسية التي بين من خلالها فضيلة الاستقامة وأثرها على الفرد والمجتمع ككل ، فحملت عنوان : « La valeur de droiture dans le soufisme et son impact sur l’individu et la société »
فقرة “إشارات اللسان إلى مذاقات العرفان” التي يفسر ويحلل من خلالها الدكتور محمد المصطفى عزام، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس، الاصطلاحات الصوفية عبر إبراز معالمها البيانية والعرفانية كما سُطرت في كلام القوم، كان موضوع مداخلته في هذه الليلة يدور حول “معنى التوحيد”.
بعد ذلك قدم الدكتور إبراهيم حدكي من مدينة كلميم باحث في الدراسات الإسلامية، وخطيب وواعظ مداخلة علمية تناولت موضوع “المالية التشاركية ” من الناحيتين النظرية والتطبيقية.
تخللت هذه الليلة الروحية وصلات من النغم والمديح الصوفي لمسمعين متألقين داخل المغرب وخارجه، شنفوا مسامع وقلوب المتابعين، ويتعلق الأمر بكل من محمد البغدادي من مراكش، مجموعات السماع الخاصة بمدن الجديدة ومكناس وسلا بالمغرب ومجموعة السماع بباريس (فرنسا)، بالإضافة للمجموعة المتألقة لبرعمات الطريقة بمداغ.
كما تم تقديم شهادات حية لمريدي الطريقة من خارج المغرب، الذين أبرزوا من خلالها الأثر الإيجابي للتربية الصوفية التي يتلقونها في الطريقة على حياتهم، ومن ضمن الشهادات التي تم إدراجها في هذه الليلة شهادة كل من أسماء بايغيت ، باحثة في التصوف من بريطانيا، ومحمد رواس من الولايات المتحدة الأمريكية، الذي ضمن شهادته قصدتين واحدة باللغة العربية و أخرى باللغة الإنجليزية وصف من خلالهما خصال و فضائل شيخ الطريقة القادرية البودشيشية الدكتور مولاي جمال الدين القادري بودشيش.
اختتمت أطوار هذا السمر الروحي بفقرة “من كلام القوم”، خصصها الأستاذ إبراهيم بلمقدم، باحث ومؤطر بمركز أجيال التابع للرابطة المحمدية للعلماء وخطيب، لعرض مختارات من كلام سيد التابعين الحسن البصري رحمه الله، مختتما كلمته برفع الدعاء الصالح للبلاد ولملكها ولسائر المسلمين والبشرية جمعاء.