اعداد:حساين محمد
خلال مشاركته مساء السبت 13 فبراير 2021، في النسخة الأربعين من فعاليات “ليالي الوصال”، التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى، بشراكة مع مؤسسة الجمال، تناول الدكتور منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، موضوع “التربية على فضيلتي الصدق والإخلاص وأثرهما على الفرد والمجتمع”، والتي بثت أطوارها عبر المنصات الرقمية لمؤسسة الملتقى.
استهلها بالتأكيد على أهمية فضيلتي الصدق والإخلاص وأثرهما على الفرد والمجتمع، وأبرز أن الصدق هو طريق الله الأقوم، وأن الإخلاص هو روح الأعمال ومحك الأحوال، و باب الراغبين في الوصول إلى حضرة ذي الجلال والإكرام، مستشهدا بنصوص من الكتاب والسنة وأقوال السادة العلماء، كقوله تعالى:” وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا” (الإسراء-80)، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي اخرجه الشيخان، “عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا”.
وأوضح أن تحقيق هاتين الفضيلتين، مرتبط بسلامة القلب وصلاحه، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»، واستطرد مبينا أن القلب هو ملك الجوارح وله تتبع، وأنه كثير التقلب والتحول، وأضاف أنه لا يمكن إدراك مراتب الصدق والاخلاص إلا بجهاد القلب، موردا في هذا الصدد حديثا نبويا شاملا لكل هذه المعاني، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “خير النَّاس ذو القلب المخْمُوم واللِّسان الصَّادق، قيل: ما القلب المخْمُوم؟ قال: هو التَّقِيُّ النَّقِيُّ الذي لَا إثم فيه، ولَا بَغْي ولَا حسد، قيل: فمن على أَثَــرِه؟ قال: الذي يَشْنَأُ الدُّنيا ويحبُّ الآخرة قيل: فمن على أَثَرِهِ؟ قال: مؤمن في خُلُق حسن”، إضافة الى مقولة لابن القيم: “فحامل الصدق كحامل الجبال الرواسي لا يطيقه إلا أصحاب العزائم”.
وأكد المتدخل أن الإخلاص هو التزام بالمواقف والصدق والثبات عليها، مع ضرورة الابتعاد عن الشرك والرياء، وعدّد بعضا من أمارات المخلصين الصادقين، كحفظ الأمانة والجد في العمل وحسن المعاملة، ومقدما بعض النماذج للإخلاص كإخلاص المعلم في تدريسه وتربيته للناشئة وإخلاص المواطن لوطنه.
وأضاف أن اخلاص الناس من أكبر عوامل تقدم ونهوض الأمم، من خلال التضحية بالوقت والصحة والمال، وليس العكس، وزاد أن من علامات المخلصين الصادقين سلامة القلب والجوارح وبذل الخير وكف الأذى.
ونبه الى أن إفساد نهضة الأمم يكون بإنتاج الإنسان النصف، الذي يكون شديد الإلحاح في طلب الحقوق، وفي نفس الوقت متثاقلا في القيام بالواجبات كما وصفه مالك بن نبي.
وأشار مدير مؤسسة الملتقى إلى أن البعد الروحي للإسلام الذي يمثله التصوف باعتباره مقام الاحسان القائم على جهاد النفس وتزكيتها باتباع القدوة الحسنة، هو الكفيل بأن يصلح دواخل قلوبنا وينمي في مجتمعاتنا فضيلتي الإخلاص والصدق في مقاصدنا، حتى يعمل القلب والعقل معا في تكامل.
واختتم مداخلته بالتأكيد على أنه لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة ولا تقدم شمولي أو نجاح في أي مشروع فيه ازدهار للمجتمع، إلا من خلال الربط المتين بين قيم الإخلاص والصدق والتضامن والإيثار، وأنه ينبغي تكوين مواطن صالح وفق رؤية واقعية تعتمد التربية الروحية والإنسانية المتشبعة بمكارم الأخلاق والقيم الروحية والإنسانية.