و.م.ع
شكل الدعم الذي قدمته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لقطاع التربية والتعليم، على مستوى عمالة وجدة-أنكاد، دفعة قوية للجهود المبذولة لتعميم التعليم الأولي، وتشجيع تمدرس الأطفال ومكافحة الهدر المدرسي.
ولعل المشاريع المنجزة في هذا السياق عديدة، وجاءت المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي خصصت برنامجها الرابع للدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، لتعزيز هذه الإنجازات.
في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة (2019-2023)، يتم إيلاء اهتمام خاص لتعميم التعليم الأولي في المناطق القروية والنائية التابعة لعمالة وجدة أنكاد.
وأشارت رئيسة قسم العمل الاجتماعي بالعمالة، حفيظة الهندوز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جعلت من التعليم الأولي أولوية في إطار مرحلتها الثالثة، بالنظرا لأهمية هذا التعليم ودوره الحاسم في التنمية المعرفية والاجتماعية للأطفال.
في هذا السياق، أشارت إلى أنه تم إنشاء ما مجموعه 13 وحدة للتعليم الأولي في المناطق القروية خلال عام 2019، يستفيد منها حوالي 200 طفل، وستة وحدات أخرى في عام 2020 لصالح 110 أطفال، معتبرة أن إنجاز هذه الوحدات وتغطية تكاليف تسييرها للعامين الأولين تطلب غلافا ماليا بقيمة 3.7 مليون درهم.
ويتعلق المحور الآخر ذو الأولوية ضمن برنامج الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة بإنشاء وتأهيل دور الطالبة ودور الطالب من أجل مكافحة الهدر المردسي وتعزيز التمدرس، وذلك بشراكة مع مختلف الفاعلين المحليين.
وأشارت السيدة الهندوز أن تدخلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتم عبر إجراءات هادفة وعملية تصب في خدمة التلاميذ في وضعية هشاشة والمنحدرين من المناطق القروية أو الأحياء الحضرية الهامشية، مؤكدة أنه يتم الاستفادة من خبرة الشركاء من المجتمع المدني في تسيير هذه المؤسسات المتعلقة بالدعم الاجتماعي للمتمدرسين.
كما تم تخصيص منحة سنوية لكافة الجمعيات المسؤولة عن تسيير هذه المؤسسات، والتي يبلغ عددها أربعة على مستوى عمالة وجدة – أنكاد، بالإضافة إلى توفير المعدات والتجهيزات كلما دعت الضرورة.
في معرض إبرازها الأهمية الأكيدة لدور الطالبة في تشجيع تعليم الفتيات في المناطق الريفية على وجه الخصوص، ذكرت السيدة فاضل خديجة، مديرة دار الطالبة في جماعة سيدي موسى، أن هذا المؤسسة، التي افتتحت عام 2009، توفر العديد من الخدمات للفتيات القادمات من قرى جماعات سيدي موسى وإيسلي، خاصة خدمات السكن والطعام والدعم التربوي والنفسي والاجتماعي.
وقالت إنه “بفضل هذه المؤسسة الإيوائية، التي تعد مشروعا تربويا متكاملا من حيث الإجراءات والوسائل والأهداف، تم إنقاذ العديد من الفتيات من الوقوع في ظاهرة الهدر المدرسي”، موضحة أن انتشار الحافلات المدرسية ساعد على تشجيع أسر المستفيدات، خاصة أن من بينهن من يقطن على بعد 70 كلم عن المؤسسة، وذلك من خلال تسهيل تنقل الفتيات لمواصلة التعليم في ظروف لائقة وآمنة.
من جهتها، تطرقت فدوى نعام، المسؤولة الإدارية لدار الطالبة الأمل بجماعة بني درار، إلى أن هذه المؤسسة الجديدة للحماية الاجتماعية تلبي جميع الشروط اللازمة لتشجيع الفتيات على مواصلة تعليمهن في بيئة معيشية وتعليمية محفزة للغاية، نظرا للعديد من الخدمات المقدمة لهن”.
وقالت التلميذة سناء الحموتي لوكالة المغرب العربي للانباء، إن “هذه المؤسسة توفر لنا جميع الوسائل للمثابرة على طريق التعلم وتحقيق حلمنا في النجاح بالمدرسة، بدون هذا المؤسسة، لن أتمكن من مواصلة دراستي الإعدادية”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز النقل المدرسي يشكل أيضا أولوية بالنسبة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في مرحلتها الثالثة، من أجل الحد من مغادرة المدرسة بشكل مبكر من جهة، ومن أجل تسهيل الوصول إلى الخدمات التعليمية، من جهة أخرى.
وللمساهمة في تحقيق هذا الهدف المزدوج على مستوى عمالة وجدة أنكاد، فقد تم في إطار برنامج استدراك الخصاص في البنيات التحتية والخدمات الأساسية في المناطق الأقل تجهيزات اقتناء 12 حافلة مدرسية لصالح الجماعات القروية بميزانية تزيد عن 3.5 مليون درهم.
في السياق ذاته، تسهر اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بالعمالة على المراقبة المستمرة ومواكبة الجامعات الترابية المحلية، من أجل وضع آليات مناسبة من شأنها ضمان التدبير السليم لعربات النقل المدرسي وصيانتها، بتنسيق مع المجتمع المدني وفق مقاربة تشاركية.
وتهدف المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019-2023) بشكل أساسي إلى الحفاظ على كرامة المواطن وتحسين ظروفه المعيشية، وكذلك تنمية الرأسمال البشري، تماشيا مع الدينامية التي أطلقتها المبادرة منذ عام 2005.
يذكر أن عدد المشاريع المنفذة خلال المرحلتين الأوليين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2005-2018) على مستوى محافظة وجدة-أنكاد بلغ 545، بقيمة إجمالية قدرها 898 مليون درهم.