ما أشبه الأمس باليوم، حين نبهنا على الأهمية الاستراتجية لتواجد رجال أعمال وطنيين في المشهد السياسي، فلم يمر على الحوار الذي أجريناه مع جريدة الصباح، في أواخر شهر مارس من السنة الماضية، إلا سنة واحدة، حتى تأكد بالدليل القاطع ما توقعناه.
ساعتها نبهنا على أن السياسة بحاجة إلى رجال أعمال مواطنين، يمتلكون الكفاءة والرغبة في خدمة الوطن، ويوظفون تجاربهم في خدمة الشأن العام، وأوضحنا أيضا محدودية تفاعل الحكومة بقيادة “بيجيدي” مع المشاكل الكبرى التي تعيق التنمية، وبطء تنفيذها للإصلاحات المفتوحة بتعليمات ملكية، منتقدين التباطؤ في الاستجابة لإكراهات المرحلة المقبلة، خصوصا ما يتعلق بحل المعضلات الاجتماعية، وإصلاح التعليم والصحة وخفض معدلات البطالة وهو ما برزت أهميته الآن، على كل حال ليس هذا هو هدفنا في هذا المقال.
غايتنا اليوم، هو أن الأخ عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ورجل الأعمال المواطن، هو المعني بتصريحنا، حينئذ لم يكن حديثنا الصحفي مجرد كلام دافعنا به عن حق الرجل في دخول غمار السياسة، مثله مثل أي مواطن مغربي، بل كان حديثا نؤمن به يقينا لأننا كنا على يقين تام بأن أخنوش، يمتلك كاريزما سياسية تحمل في جيناتها كل قيم التضامن والحس الوطني المتفرد، لنفنذ من قال واختفى اليوم” معندوش كاباري ديال السياسة”، اليوم تتضح الصورة أكثر، لأن شخصية زعيم التجمعيين والتجمعيات، تحمل معان يصعب على الحاقدين والمغرضين، اكتشافها لأنها ستظهر وستتجسد في الظروف الاستثنائية والصعبة التي تمر منها بلادنا.
لقد أحسسنا بهذه القيم الذي يحملها هذا الرجل الطيب وبقيمة المعاني التي يحملها وأهميتها، لأننا كنا على يقين بأن زيف الهجمة الشرسة التي شنها خصوم حزبنا على الرجل ستنكشف يوما ما، وسيولون الدبر خاسئين، بعد أن أصابهم الخرس، فصاموا عن الكلام في زمن “وباء كورونا”، خصوصا بعد أن قرر الأخ أخنوش، أن يكون أول من يلبي نداء الوطن كما جميع إخوانه رجال الأعمال وطنيين والشركات المغربية المواطنة، ويعلن عن مساهمته بمائة مليار سنتيم، في صندوق مكافحة مرض كوفيد 19 الذي أمر بإحداثه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، على الرغم من التأثيرات الاقتصادية الحادة المحتملة لهذا الوباء العالمي، على مجموعته الاقتصادية، وعلى الشركات الوطنية والعالمية.
ما أذهلنا جميعا هو من أين أتى هذا الرجل الطيب بكل هذا الحس التضامني والوطني العالي، هل يرغب في خطف الأضواء سياسيا كما يدعي اليائسون من رحمة الله؟ بالتأكيد لا وألف لا، ما لا يعرفه الكثير من الناس عن عزيز أخنوش، أن أخلاق التضامن وقيم البذل والعطاء راسخة، متأصلة في أسرته منذ زمان بعيد، ومنذ رأى النور، سنسرد عليكم بعضا من محطاتها في هذا المقام.
الشركة المواطنة” افريقيا”، التي تبرعت اليوم بمائة مليار سنتيم، لمحاربة فيروس كورونا المستجد، لها تاريخ متميز من العطاء وتلبية نداء الوطن، ففي سنة 1974، حين كان يسيرها الحاج أحمد أخنوش أولحاج، ستقدم خدمة وطنية نوعية، خلال أزمة تعرض الشواطئ المغربية لعواصف عاتية، حين تعذر على المستثمرين الآخرين تفريغ شحنهم من البترول، فصار القطاع مهددا بخسارات سيكون لها انعكاس سيء على كثير من القطاعات الحيوية في المغرب. أمام خطورة الوضع بادرت شركة “افريقيا”، بحل الأزمة ووضعت ما صنعته من “الخزانات الضخمة”، رهن إشارة الدولة المغربية، فلعبت الخزانات دور “صمام أمان”، وطني مهم للغاية، به نجا القطاع من الكارثة في المغرب كله، كما يؤكد على ذلك الباحث الدكتور عمر أمارير، في كتابه الذي يحكي السيرة الذهبية العصاميين السوسيين في الدار البيضاء.
إسهامات عائلة الأخ أخنوش، وشركتهم المواطنة، ومشاهد من بذلها وعطاءها تلبية لنداء الواجب الوطني متنوعة بتنوع الأحداث التي مرت بها بلادنا، سنقتصر أخيرا على التذكير بأهمها. فعندما أعلن الملك الراحل، الحسن الثاني رحمه الله، عن تنظيم المسيرة الخضراء، دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة، وفي أوج هذا الحدث التاريخي الغير المسبوق، قرر والد الأخ عزيز أخنوش، الحاج أحمد أخنوش أولحاج رحمه الله، تزويد المسيرة الخضراء في سنة 1975, بما قدره 150.000 لتر من الوقود، والعمل على تزويد المتطوعين في هذه الملحمة الوطنية الخالدة من تاريخ النضال المغربي، بما مجموعه 350.000 قنينة من الغاز، أي ما يساوي عدد المتطوعين في هذه المسيرة الوطنية.
إذن هي أخلاق عالية، أصيلة ومتأصلة في هذا الرجل، لأننا على يقين بأن تأكيدنا على حاجة المغرب والسياسة لأمثاله من رجال أعمال وطنيين، يغلبون مصالح وطنهم، على مصالحهم الشخصية، مجسدين صور رائدة لمعاني التماسك الاجتماعي والتعاضد المغربي في أبهى صوره، حاجة ملحة.
إن عطاء العائلة السوسية، مرده إلى ما تربوا عليه من القيم الوطنية والدينية، التي يرقى بها الإنسان من درجة حب الخير للغير، إلى درجة الإيثار، التي يجود بمقتضاها بالإحسان لكل إنسان، دون انتظار لجزاء إلا مِن الله، ولقد تجلى ذلك جليًّا فيما كان بين المهاجرين والأنصار، في العصر النبوي الخالد، فقال عز وجل في كتابه العزبز “وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، صدق الله العظيم، تقبل الله من رجالات هذا الوطن، الوطنيين، ما يقدمونه من الخير والنفع للناس في عز هذه الأزمة، وفي مقدمتهم صاحب الجلالة محمد السادس، الملك المواطن وقدوتنا في التضامن أيده الله.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط
رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية
رئيس لجنة الأطر داخل الحزب
عضو هيئة المهندسين التجمعيين