لما تحدثت السيدة وزيرة التضامن والمرأة والتنمية الاجتماعية بمنتدى وكالة المغرب العربي للأنباء عن منحى وجنوح البعض الى المطالبة بتجريم الاغتصاب الزوجي ،أوضحت ان قانون محاربة العنف ضد النساء يجرم الاغتصاب الزوجي ،على اعتبار ان هذا القانون يجرم العنف الجنسي بشكل عام بغض النظر عن ممارسه ، ويتجلى هذا العنف في كونه فعل مادي او معنوي او امتناع اساسه التمييز بسبب الجنس يترتب عنه ضرر جسدي او نفسي او جنسي او اقتصادي للمرأة ، وان القانون حسب إفادتها لا يمكنه ان يتطرق لكل حالة على حدة .
لكن يبدو ان ما ذهبت اليه السيدة الوزيرة لا يعدو ان يكون تعويما وتعميما لبعض المفاهيم بل قد يساهم في تعثر النقاش لكون البعض سيفهم ان الأمور محسومة ،علما ان بنود القانون الجنائي تتسم بالدقة والوضوح وان الاغتصاب صنف في قسم الجرائم الماسة بالآداب ولا علاقة لها بعقود الزواج ،وهي الجرائم التي تنافي الأخلاق وقيم المجتمع كالفساد والخيانة الزوجية والاغتصاب والشذوذ الجنسي وهتك العرض وما يستتبعها من تحريض على ممارسة البغاء والاتجار والوساطة في بغاء الغير ، ذلك ان الاغتصاب المنصوص عليه في الفصل 486 من القانون الجنائي مدلوله يتجلى في مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها ،والحال ان عقد الزواج هو من العقود الرضائية اي ان الزواج الذي قبل به الزوجان هدفه الإحصان والعفاف وتكوين أسرة وانجاب أطفال وبالتالي فان العلاقة الجنسية بين الزوجين هي عماد العلاقة الزوجية وحجر زاويتها ،وبالتالي فان عنصر الرضى قائم بقوة العقد ، ولا مجال لقياس حالات الاغتصاب المنصوص عليها في الفصل المشار اليه أعلاه والتي ينعدم فيها رضى المرأة ،بحالات العلاقة الجنسية المنظمة والمحكومة بعقد زواج ، الأكثر من ذلك كيف يعقل ان يتم الادعاء ان القانون المغربي جرم الاغتصاب الزوجي والحال ان المشرع لم يتحدث عن هذه الحالة اطلاقا ، خصوصا وان الشريعة الإسلامية تبيح للزوج حق التمتع بزوجته شريطة عدم التعسف وأقصى ما يمكن للمرأة التي يواقعها زوجها بغير رضاها وبكيفية متكررة ومضرة بها ان تعتبر ذلك ضررا محققا وتعسفا يخول لها طبعا طلب التطليق للضرر او الشقاق الذي اصبح مبسطا في مسطرته ،ولا بد ان نشير ان الاغتصاب لا يتحقق الا اذا كان الطلاق بائنا وغير رجعي واجبر المطلق مع ذلك مطلقته على المواقعة بدون رضاها ، صحيح ان بعض القوانين المقارنة جرمت الاغتصاب الزوجي كالقانون السويدي الذي خول المرأة الحق في الامتناع عن تلبية رغبة زوجها الجنسية ويترتب عن ذلك انه اذا اجبرها كرها على مضاجعته يعتبر مرتكبا لجريمة الاغتصاب ، أما بالنسبة للمشرع المغربي فان الأخذ بظاهر النصوص لا يفيد اي تجريم لعلاقة جنسية بين رجل وامرأة يربط بينهما عقد زواج ، بل حتى بالنسبة للركن المعنوي لجريمة الاغتصاب والذي هو القصد الجنائي عند الفاعل والمتجلي في علمه انه يواقع امرأة بدون رضاها يكون منعدما اذا كان الامر يتعلق بالزوج لانه يعلم مسبقا انه مرتبط بعقد زواج بموجبه قبلت به الزوجة كزوج ، لذلك لا يمكن ان نحمل النص القانوني اكثر من محتواه ، علما ان الحكم الصاد ر عن جنايات طنجة والدي اعتبر سابقة في المغرب على تجريم هذا الفعل لم يتعلق بالاغتصاب الزوجي وإنما ادين المتهم بالايذاء العمدي طبقا للفصلين 401و404من القانون الجنائي وجاء في حيثيات الحكم انه لا يمكن الحديث عن الاغتصاب ولا تطبق على النازلة مقتضيات الفصلين 486 و488 من القانون الجنائي بحيث ان المتهم عندما مارس الجنس مع المشتكية كانت زوجته وتربطهما علاقة زوجية ، نستنتج من ذلك ان نية المشرع لم تتجه الى التجريم وان الاجتهاذ يساير المشرع وان قانون محاربة العنف ضد النساء لم يتطرق الى الاغتصاب الزوجي كما ان مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي تشترط ركنا معنويا يتمثل في كون الفاعل يعلم انه يواقع امرأة بدون رضاها ، والحال ان عقد الزواج الرضائي يكون قد حسم مسألة الرضى بين الزوجين ومن انتفى عنده الرضى بعد ان كان قائما إبان إبرام عقد الزواج، وعم الكره والنفور وعدم القبول بالآخر فان طلب التطليق يجعل كل من الزوجين متحللا من التزاماته التعاقدية
سليمة فراجي