وانا اتصفح تدوينات بعض السادة المحامين لاحظت انه تمت الاشارة الى حكم اصدرته المحكمة الابتدائية بوجدة مؤخرا طبقا لمقتضيات قانون محاربة العنف ضد النساء وتلك مسألة محمودة ، لكن تمت الاشارة بين قوسين الى كون وجدة تقع بشرق المغرب ، وكأن المدينة نكرة او ليست من الجهات التي يضرب لها الف حساب او ليس لها إشعاع ، مع العلم ان وجدة عرفت اول محكمة عصرية بالمملكة سنة 1913 وان فقهاء القانون منهم د موسى عبود ،وغيره كانوا يفدون على محاكم وجدة من اجل الاطلاع على ترسانة قانون الشغل منذ عهدPaul Lancre الذي كتب مؤلفات حول législation marocaine du travail وجدة المدينة الألفية عاصمة المغرب الشرقي واجهة محورية للمملكة وبوابة أوروبا و افريقيا ،تصدت لمختلف اشكال الاستعمار وللمد العثماني الذي توقف في تلمسان ، لها تاريخ حافل بالامجاد ، أمجاد تمثلت في ثورة 16 غشت 1953 ، ومساعدة جنود جيش التحرير الجزائري الى ان حصلت الجزائر على استقلالها سنة 1962 , لها موروث ثقافي وحضاري ومعماري مميز بحكم تفاعل وتمازج الحضارات والثقافات والفن المعماري ، عرفت اول محكمة عصرية بالمغرب و اول محطة قطار،ونقابة المحامين التي عرفت نقباء فرنسيين وجزائريين ويهود و مغاربة، عرفت محاكمها قضاة وثلة من المسؤولين القضائين مشهود لهم بالكفاءة العالية سواء تعلق الامر بالمحاكم العادية او المتخصصة ولا زال قضاتها يبذلون مجهوذات جبارة من اجل رفع مستوى الاحكام في ظل المحاكمة العادلة واحترام القانون ، كما ان هيئة الدفاع عرفت اصحاب بذلة سوداء شرفوا مهنتهم، ورغم كونهم لا يتبجحون غالبا بدرجات العلم والمعرفة الا ان إنتاجاتهم الفكرية القانونية ومرافعاتهم ومذكراتهم أسهمت ايما إسهام في تجويد الاحكام وتقديم مقترحات في التشريع
شهدت المدينة ثانويات عتيدة منذ عهد الاستعمار ، ثانويات احتضنت أقطابا واقطابا ورجالات دولة كثانوية عمر بن عبد العزيز وثانوية عبد المؤمن ، تميزت منذ 1946 بفريق ذهبي هو المولودية الوجدية التي تعتبر شاهدة على عصر ذهبي ولا زالت محتفظة ببريقها ، آزرت الثورة الجزائرية التي ردت الجميل بستار حديدي شل المبادلات التجارية ،لكن لا يهم عاصمة الشرق هذا الجفاء بقدر ما يعتبر سكانها حراس الحدود وتهمهم سيادة الوطن ووحدته والتمسك بثوابته ، عرفت قفزة نوعية منذ الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة بتاريخ مارس 2003 اذ انطلقت الاوراش الكبرى منها الطريق السيار وكلية الطب والمدارس العليا والمحطة السياحية والمدارات الطرقية والمراكز التجارية الكبرى ومختلف المنشآت والإنجازات ، مخطئ من يظن انها لا زالت تعتبر منطقة تأديب او جهة مهمشة مقصية ولئن كان الاستثمار ناقصا فان سعي ساكنتها و ممثليهاالذين لا يكفون عن المطالبة بتحفيزات ضريبية وبرامج بديلة من اجل سد ذريعة الحدود المغلقة سيؤدي لا محالة الى تحقيق نتائج تنموية ، كما ان الصحوة الجماعية وإيقاظ الضمائر من شأنه مواجهة المشاكل التي تعاني منها على رأسها تشجيع الاستثمار وإيجاد فرص الشغل من اجل امتصاص البطالة ، علما ان هذه الإشكاليات لا تعتبر منقصة للمدينة الألفية التي لم يخفت وهجها عبر العصور والأجيال ولا تؤثر اطلاقا على موروثها الثقافي الحضاري ،ومن كون محاكمها الصادرة عنها مختلف الاجتهادات منذ عهد الاستعمار بحكم تواجد الشركات المنجمية وغيرها شاهدة على العصر ، ومن جمعياتها وعدد أدبائها وشعرائهاوفرقها المسرحية وفنانيها التشكيليين لذلك لما يصدر حكم عن ابتدائية او استئنافية وجدة او لما يتم الحديث عن وجدة مدينة المقام والمقام ، فان الامر يتعلق بمدينة الفية غنية بمواردها البشرية وكفاءاتها وتاريخها اللامع وبالتالي غنية عن التعريف ، وبجهة هي للمغرب في الشرق الجناح ،و لا حاجة للقول لساكنة المغرب بانها تقع في شرق المغرب !
الاستاذة سليمة فراجي