مبتسمة، نشيطة وحريصة على إنجاز مهمتها على النحو الأكمل، ووفق تنظيم محكم، يسر السيدة فاطمة الزهراء عمور، إحدى النساء القليلات المنتدبات للمعرض الدولي “إكسبو 2015” بميلانو، أن ترى الجمهور الغفير يتوافد بكثرة على مدخل جناح (القصبة).
تقول عمور مغتبطة: “إنه لنجاح كبير. يستقبل الجناح أزيد من 9000 زائر يوميا خلال شهر مايو الحالي، الذي يعد موسما منخفضا”.
يتسم نشاطها بحيوية وحماس باديين للعيان، ويبدو متشبعا بروح المسؤولية والشغف. ومن خلال حضور قوي في أرجاء فضاء القصبة الجميل وحدائقها، تظهر السيدة عمور عزما أكيدا على أن تتكلل مشاركة المغرب في هذا الحدث العالمي، المقام تحت شعار “غذاء الكوكب طاقة للحياة”، بالنجاح على كافة المستويات.
عينت فاطمة الزهراء عمور، المزدادة سنة 1967 بالرباط، من أب يعد واحدا من رجالات الدولة وأم تزاول مهنة التدريس ووسط عائلة تتكون من ست بنات، في أبريل 2014 مندوبة عامة للمغرب في معرض ميلانو2015 ، بتعليمات سامية من صاحب الجلالة، لتأطير المشاركة المغربية في هذا الحدث الدولي البارز، رافعة بذلك رهان إنجاح المهمة في ظرف 13 شهرا.
وفي ما كانت أغلب الأجنحة قد تهيأت للحدث، وضعت عمور نشاطها المهني جانبا لتنخرط بالتمام والكمال في المشروع.
لقد استشارت أبرز الجهات المعنية داخل المغرب وخارجه، وشكلت فريق عمل مصغر يحظى بثقتها، وعملت على “قطع المراحل بسرعة”، حيث “لا خيار آخر أمامها” في ذلك، باعتبار أنه “لا يمكن تعويض” أي يوم لا يستغل جيدا خلال هذا الطور (قبل أشهر).
وفي فاتح مايو الجاري، نجحت عند الموعد المحدد في افتتاح الجناح والمطعم، في وقت لم تفتتح فيه العديد من الأروقة، وحتى الأهم من بينها، فضاءاتها سوى جزئيا.
لقد وفت عمور بالوعد. ذلك أن جناح المغرب في معرض ميلانو حقق نجاحا كبيرا، حيث يستقبل أزيد من 9000 زائر يوميا (حقق رقما قياسيا السبت الماضي بمناسبة اليوم الوطني للمغرب، الذي ترأست حفله الرسمي صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء) خلال شهر مايو الجاري، الذي يشكل “موسما منخفضا” من حيث الإقبال.
وعلى الرغم من هذا الإنجاز الكبير، تظل السيدة عمور متواضعة عند الإفصاح عن ذلك، إذ تؤكد أن الفضل في نجاح الجناح يرجع إلى “كل الفريق” الذي أطرته في سبيل بلوغ الهدف المسطر.
وفي معرض حديثها عن أسرتها، تؤكد السيدة عمور أن والديها غذيا لديها باكرا شغف الدراسة والجهد، انطلاقا من قناعتهما بأن “الفتاة داخل المغرب يتعين أن تكون مستقلة أكثر مما يتوجب أن تكون عليه خارجه”.
تابعت عمور، المتعددة الاهتمامات، ومنها تخصص الرياضيات تحديدا، دراسات علمية بتفوق كبير في ثانوية ليوطي بالدار البيضاء، ثم توجهت إلى مدينة تولوز لاجتياز الأقسام التحضيرية في الرياضيات. وبعد حصولها على دبلوم المدرسة الوطنية العليا بباريس، عادت إلى المغرب لتبدأ مشوارها لدى شركة متعددة الجنسيات، حيث قضت تسعة أعوام، في قسم الإنتاج، ثم في التسويق الذي “يعد مجال اتخاذ القرارات” بامتياز.
وبعد هذا المشوار في مجال التسويق، التحقت بالمجموعة الوطنية (أكوا) عام 2001 ، كمديرة للتسويق مكلفة بنحو عشرين علامة تجارية. ومكثت بالمجموعة لمدة عشر سنوات، جعلت خلالها من العديد من العلامات، مثل (أفريقيا) و(أفريقيا غاز)، علامات رائدة في فئاتها، أمام الشركتين العملاقتين (شيل) و(طوطال).
وعلاوة على مسؤولياتها داخل المجموعة، أطرت السيدة عمور مشاريع واسعة النطاق، خاصة منها (مهرجان تيميتار) بأكادير و(المهرجان من أجل التسامح)، اللذين تولت تسييرهما منذ إحداثهما إلى غاية سنة 2012 . وقادت، موازاة مع ذلك، (مجموعة معلني المغرب) ما بين 2004 و2007.
وعام 2012 ، ارتأت السيدة عمور، الأم لولدين، “التوقف” لفترة، مفاجئة بذلك كل محيطها الذي لا يستسيغ أن يكون بوسع طاقة نشيطة من هذا القبيل أن “تتوقف هكذا”. وهي القناعة التي أكدها الواقع، ذلك أن السيدة انخرطت، بعد مرور ثمانية أشهر فحسب، في تقديم المشورة في مجال التسويق الاستراتيجي لدى جهات تسييرية كبرى.
و م ع