تعتبر الهجرة الدولية في الوقت الراهن إشكالية صعبة و معقدة و متشعبة في مختلف أبعادها، مما جعلها تحظى بأهمية بالغة على الصعيد المحلي والصعيد الإقليمي والصعيد الدولي. وقد دفع اتساع ظاهرة الهجرة وتعقيدها الدول والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني إلى دراسة التحديات والفرص التي تتضمنها هذه الظاهرة الاجتماعية وكذلك الحلول الاجتماعية و الاقتصادية المناسبة التي يجب تقديمها.
و بالتأكيد فإن المعطيات الراهنة حول الهجرة و التغيرات المناخية تثبت أنها ظاهرة الهجرة الدولية غير مستقرة و إنما هي في تحول سريع و مستمر. ولقد ازداد الوعي حولها باطراد في السنوات الأخيرة، وهنالك الكثير من المبادرات للحد من الهجرة الدولية والمشاكل المرتبطة بها، و في هذا السياق، سيستضيف المغرب، في شهر دجنبر 2018، أشغال المؤتمر الدولي لاعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة.
و بعد خمس سنوات من نهج سياسة الهجرة في إطار تفعيل “الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء”، التي أعلن عنها جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده شهر نونبر 2013 ، أصبح ملحا طرح مجموعة من التساؤلات من قبيل علاقة هذه السياسة بالقيم الإنسانية و قيم المواطنة التي تمكن من’ التعامل مع الهجرة إما بالذكاء أو بالعاطفة’، بمعنى أن الإنسان لا يحقق كمال إنسانيته إلا باستمراره في الحياة داخل ‘المدينة’ كما يعبر عنها أرسطو.
الاستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة واللجوء تعتبر سياسة عمومية رائدة، إنسانية في مقاربتها و مسؤولة في خطواتها ومتعددة الأبعاد ترتكز على التعايش و التسامح، كما تراعي الجانب الحقوقي و الإنساني والاقتصادي،و ترتكز أساسا على المقاربة الإدماجية للأفارقة و على البعد الحقوقي وعلى مبادئ كونية حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، ثم على مبادئ دستور 2011، و على التقرير الشامل الذي وضعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة عام 2013.
في إطار رؤية ‘ منفتحة و غير غريبة’ تجمع بين مختلف المجتمعات و الدول التي تشكل فسيفساء القارة الإفريقية، سواء الناطقة بالفرنسية، الإنجليزية أم البرتغالية، مع دول الاتحاد الأوروبي و بلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا وخصوصا المغرب الذي يسعى إلى أن يرقى بالقارة الإفريقية إلى آفاق جديدة مؤكدا التزامه بالتضامن مع الدول الإفريقية و التعاون جنوب – جنوب من خلال دعم و مواكبة هذه الدول من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، من خلال سياسة إفريقية واضحة ومستمرة ومعرفة دقيقة وعلاقات إنسانية وثقافية ودينية مثمرة مع البلدان الإفريقية.
في حين أن بعض القوى الدولية الجديدة مثل الصين و الهند و تركيا على سبيل المثال لا الحصر، لا تخفي طموحاتها في تعميق «الشراكات الاستراتيجية» مع دول إفريقيا و تطوير العلاقات معها و توسيع نفوذها داخل القارة السمراء.
و في إطار تنظيم هذه الندوة الدولية، ستحل إفريقيا ضيفة على مدينة وجدة في شكل مواضيع مختلفة تكتسي أهمية خاصة و ذات راهنية قصوى نظرا لكون المغرب مقبل في أواخر هذه السنة على احتضان أشغال المؤتمر الدولي لاعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة. و من أجل تسليط الضوء على مختلف الجوانب المتعلقة بهذه الظاهرة حيث ستعتمد مختلف المداخلات على دراسات علمية و أبحاث ميدانية حديثة و إحصائيات محينة و تقارير و طنية ودولية تعكس حقيقة و انعكاسات و واقع الهجرة الدولية و المنجزات التي تم تحقيقها في هذا المجال و الأفاق المستقبلية .
محاور الندوة الدولية
المحور الأول: المغرب في صلب /قلب الاتحاد الإفريقي:
إفريقيا في قلب و رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
إفريقيا قارة متعدد، تاريخ و مستقبل.
العودة المظفرة للمغرب إلى منظمة الوحدة الإفريقية.
اختيار جلالة الملك محمد السادس ‘ رائدا للاتحاد الأفريقي في موضوع الهجرة ‘ تفويض و مظاهر تقدير و تشريف
إحداث مرصد إفريقي للهجرة، استمرارية مبدعة / مبتكرة.
المحور الثاني: الهجرة و العولمة في أسئلة.
ما قبل و ما بعد العولمة.
’تحضير’ العولمة، دون صدام الحضارات، بقارة إفريقية تعتبر’ مهد الإنسانية’
التقليص من التفاوتات العالمية من خلا ل تعبئة ‘ أهداف التنمية المستدامة’ التي تشمل العديد من المجالات: المناخ، التنوع البيولوجي، الطاقة، العدالة، السلم ….) التي لم يتم تقييمها بعد في تقارير الأمم المتحدة.
إعادة النظر في السياسات المتعلقة بالهجرة و ضرورة إشراك الدول الإفريقية في العولمة.
الجغرافيا-السياسية: تنامي عدد الأسوار في العالم لمواجهة الهجرة، التي تحفزها العولمة.
المحور الثالث: القانون و الهجرة الدولية.
ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق و المعاهدات الدولية
* ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب، منذ 1913.
*القانون رقم 03-02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
تفادي التضخم المعياري في النصوص القانونية و المساطر في مجال الهجرة.
سن قوانين، و التشريعات أو تنظيم جميع الوقائع: خيار لا يتطابق / لا يتوافق/ لا يتناسب مع أي إجراء مستقبلي حول الهجرة، لأن هذا قد يتداخل مع الممارسات و القيم الكونية.
الوثيقة المؤسسة ‘ للأجندة الإفريقية حول الهجرة’، وثيقة مرنة و متطورة و غير ملزمة قانونيا.
المصالح المشتركة أو المتبادلة تقوم مقام القانون و الطريق/ السبيل.
المحور الرابع: المناخ و الهجرة:
تأثير التغيرات المناخية على حركية المهاجرين.
الهجرات في إطار تحدي التنمية المستدامة.
التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري و الأضرار البيئية المتعددة و المتنوعة، التي تدفع بأعداد متزايدة من المهاجرين الدوليين إلى الهجرة و تشكل مصدرا للعنف.
إن الحد من الهجرات بسبب التأثيرات البيئية و التهجير/ النزوح يتطلب تنمية تضامنية و مستدامة .
ضمان و تعزيز حق الأفراد في التنقل، سواء جنوب/ جنوب أم جنوب / شمال، بعيد عن جميع التدابير المتخذة ضد الهجرة من جهة، و التدهور أو الأضرار التي قد تلحق بالتنوع البيولوجي من جهة أخرى.
الجزر الاصطناعية – مدن المستقبل؟
تزايد و تعدد المشاريع سواء لاستقبال اللاجئين و المهاجرين بسبب عوامل مناخية ، أم من أجل إنتاج الطاقة، أو تشجيع ظهور/ بروز مجتمعات جديدة مستقلة.
المحور الخامس: الهجرة و التنمية.
من أجل / نحو شراكة مبنية على النتائج.
تعاون جنوب/ جنوب قائم على رؤية مندمجة.
سياسة إفريقية على أساس الربح المشترك و نموذج رابح – رابح، تتجلى في المصالح و المنافع المشتركة.
نحو حكامة جيدة للهجرة، قائمة على احترام حقوق المهاجرين.
تعزير الروابط بين الهجرة و التنمية.
الاندماج الإقليمي ينبغي أن يتم على أساس التوافق و التثمين وحسن توظيف فرص التكامل واستثمارها أخذا بعين بعين الاعتبار أن إفرقيا قارة صاعدة:
قارة تملك كل المقوّمات البشرية والطبيعية التي تساعد في نهضتها:
14.8% من ساكنة العالم
1.2 مليار نسمة
30.2 مليون كلم²
6 % من إجمالي مساحة الأرض
20.4 %من إجمالي اليابسة على كوكب الأرض
أكثر من 50 دولة
لا وجود لتدفق للهجرة ما دام المهاجرون لا يمثلون سوى 3.4% من سكان العالم.
الهجرة الإفريقية هي قبل كل شيء هجرة بين بلدان إفريقيا : فعلى المستوى العالمي، يمثل المهاجرون أقل من 14% من السكان. أما على الصعيد الإفريقي، فإن أربعة من بين كل خمسة مهاجرين أفارقة يبقون داخل القارة.
لا تسبب الهجرة الفقر لبلدان الاستقبال: لأن 85 بالمائة من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول.
المحور السادس: الهجرة : مقاربة جديدة
حسب المنظمة الدولية للهجرة المغرب بلد نموذجي في مجال الهجرة، جدير بشركائها الأفارقة الاقتداء به في هذا المجال.
إعادة التفكير في الهجرة الدولية مع مراعاة الإمكانات الإفريقية.
من أجل فهم أفضل للتنوع الثقافي في المنطقة الأورومتوسطية و منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
من خلال عرض أهم المحاور التي يروم هذا الملتقى الدولي الهام حول الهجرة الدولية التطرق إليها، نأمل تفاعلكم الإيجابي و مشاركتكم القيمة و الفعالة من أجل إغناء برنامجه العلمي .
وتنخرط أشغال هذه الندوة الدولية في إطار الاستمرارية و التركيز على الجانب الإنساني للهجرة في إطار الاهتمامات الدولية الكبرى في هذا المجال.
و في هذا السياق ذاته، تقرر تنظيم هذه الندوة الدولية حول : الهجرة الدولية: العمق الإفريقي للمغرب و أسئلة العولمة ” ، يومي 22 و 23 يونيو 2018 برحاب جامعة محمد الأول بوجدة بقاعة الندوات بكلية الطب و الصيدلة ابتداء من الساعة التاسعة صباحا.
اعداد:حساين محمد