أفاد قضيلة الشيح العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة،رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة،وعضو المجلس العلمي الأعلى،أن الإفتاء خطة شرعية،ومنصب شرعي له مرجعيته القرآنية،وأن القرآن الكريم هو الذي أشار إلى وجود فئة تتولى الاستنباط وذلك قوله تعالى في سورة النساء:( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)،ففي الآية إشارة على وجود فئة لها القدرة على أن تستنبط وأن تستمد الأحكام من النصوص،وهذه هي فئة العلماء الذين تميزوا وبلغوا درجة من الاجتهاد وعلى الأقل اجتهاد الإفتاء.
وأوضح العلامة،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو المفتي الأول لهذه الأمة،وهذا منصب من مناصبه،ومناصب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تتردد بين كونه مبلغا عن الله تعالى ومفتيا وحاكما وأميرا للأمة،وهذه المناصب توسع فيها فيما بعد،بحيث إن النبي صلى الله عليه وسلم في تصرفاته أصناف أخرى،فالنبي عليه الصلاة والسلام أفتى الأمة وبعض الاستفتاءات سجلها القرآن الكريم في قوله تعالى ((ويستفتونك))،إذن فالإفتاء خطة ووظيفة مآصلة بالقرآن الكريم وبفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.وأضاق أنه كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حي صاحبة أفتو في غير محضر النبي عليه الصلاة والسلام،وقد بلغ بهم بعض العادين نحو 12 أو 13 صحابيا عرف بأنهم كانوا يفتون منهم عمر ابن الخطاب وزيد ابن الحارث وأبي بن كعب عليهم الرضوان،هؤلاء كانوا يفتون في نوازل وفي حوادث كانت تقع بعيدا عن محضر رسول الله صلى الله عليه وسلم،ومن هنا نرى دليلا على أن كان هناك إفتاء من طرف فئة متخصصة.
وأبرز فضيلة الشيخ أن الإفتاء لم يكن عملا يمارسه عموم المسلمين ولو على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،وكأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحد هذه المجالات وكان يذكر أن أقضاء الناس هو علي بن ابي طالب و أن أعلمهم بالحلال والحرام هو معاذ ابن جبل وأن أعلمهم بالفرائض هو زيد ابن ثابت،فهذا تنصيص منه صلى الله عليه وسلم يشير إلى موضع الاختصاص،فالصحابة بلا شك كانوا يحترمون هذا وكانوا يسئلون في الفرائض،من رشحهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأن يكون فرضيا لتمكنه من العلوم الضرورية من المعرفة الضرورية بهذا الشأن الذي رشح له،وأن بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هنالك صحابة أفتو وكان هناك بعض الصحابة التابعون، فالصحابة الذين أفتو بعد الرسول صلى الله عليه وسلم منحصرون في نحو 130 صحابيا وبعد ذلك أفتى من التابعين نحو 170 تابعيا هؤلاء كانوا يفتون وهم ليسوا كل الأمة وليسوا جمهورالأمة لأن الأمة كانت تريد أن تسند الفتوى إلى من يقوم بها وإلى من يستطيع يمارسها لأن الفتوحى في الحقيقة شأنها عظيم.
وأكد العلامة االفاضل أن الإفتاء هو توقيع عن الله كما قال الشاطبي:المفتي هو موقع عن الله ومخبر عن مراد الله من عباده،فكان هذا هو الوصف الملازم للمفتي هو أنه الموقع عن الله،فلذلك كتب الكاتبون في إعلام الوقعين عن رب العالمين،والموقعون عن رب العالمين هم المنبئون،هؤلاء ليسوا طبقة دينية تحتكر الفتوة كما يريد أن يتوهم،وإنما هم جهة الخبرة وجهة المعرفة،فم توفرت فيه الشروط المطلوبة في المفتي فهو من المفتين بدون أن يشكل طبقة دينية تحتكر الإفتاء ولا يجوز أن يفتي غيرهم،لاكن في نفس الوقت ليس الافتاء مجالا سائبا،لأنه هو قول عن الله بحق أو غير حق،ومن لم يكن مؤهلا فلا شك أنه سيقول على الله بغير علم وسوف يلحق بالأمة الأضرار البليغة لهذا يعتبر منصب الإفتاء منصب كبير،ومن أجله كان الناس يتحرجون منه،وكان مالك يقول “إذا سأل الإنسان أجاب،فقبل أن يجيب يجب أن يعرض نفسه على الجنة والنار”،هذه الأشياء ليس مخوفة للمارسة الإفتاء بالقطع ولاكنها على حال هي منبهة إلى خطورة الإفتاء،فهذه النصوص لاتفيد التخلي المطلق عن الإفتاء ولاكنها في نفس الوقت تنبه من ليس من أهل الإفتاء أن يمارسه بهذه الصيغة.
كما أشار إلى أن الإفتاء في غالب الأحوال لم يكن فرديا حتى في عهد الصحابة ومن تبعهم،ففي عهد الصحابة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم شكل المفتون مجموعات إفتائية وكان بعضهم يستشير يعضا،فكان أبي بكر على جلالة قدره إذا ألمت ونزلت النازلة العامة لم يفتي فيها،وإنما سأل الناس إن كان لهم بها من علم،فإن لم يجد جمع أشياخ الناس وكبراء الناس واسفتاهم،وطالما اسفتى عثمان علي،فذكر عثمان في بعض أحكامه أنه لولا علي لهلك عثمان في بعض القضايا إلى غير ذلك من الشواهد التي تدل على أن الإفتاء منذ الآساس لم يكن عملا فرديا ولا عملا يقوم به ويتقحمه من ليس من آهله،لأن له خطورة بحيث إن الجاهل بالإفتاء قد يورط الأمة في فتوى ليست سليمة.فالذي ليس له علم بالشريعة إذا أفتى الغير سبب له ضرر فهو ضامن،لأن الإفتاء مجال لا يعذر بالجهل فيه فلا يقول من ليس أهل الفتوى إنني جربت ثم اجتهدت ثم أخطأت،هذا ليس مجالا للخطأ وإنما يتحدث عن الخطأ والإصابة ممن كان مجتهدا،يحيث من ليس مؤهلا اجتهاده وخطأه محسوب عليه،لأنه سيؤدي إلى أضرار وكوارث.
وأوضح فضيلة الشيخ في الأخير على أن الفتوى تتطلب شروط علمية كثيرة وتتطلب أخلاق و ورع،وأن هذه الفتاوى يجب أن تراعي أشياء كثيرة تراعي سلامة وأخلاق الأمة،وعلى المفتي أن يظهر في فتواه بالشكل الذي يكون فيه رحمة وتوسعة وخدمة للأمة،وإظهار مقاصد الإسلام وغاياته.
حساين محمد