رسم مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، صورة وردية لحال حرية الصحافة ببلادنا من خلال تأكيده على أن المغرب يتجه نحو إرساء آلية محكمة لحماية الصحافيين أثناء مزاولتهم لواجبهم المهني،منوها إلى أن المغرب لم يدرج ضمن قائمة الدول التي تعرف انتهاكات جسيمة في حق الصحفيين ولم يتعرضوا لعقوبات سالبة للحرية ولم تتم إحالتهم على محاكم عسكرية ولم تتم مصادرة الصحف الوطنية أو تتعرض مواقع إلكترونية لمنع إداري، وكلها مؤشرات تعكس الإرادة القائمة في ترسيخ حرية الصحافة في بلادنا.
وقال الخلفي خلال لقاء عقد يوم الأربعاء الماضي بالرباط خصص لتقديم التقرير السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة 2014 أن الحكومة تلتزم بتنزيل جملة من الإجراءات التي تتمثل في تطوير قانون الصحافة والنشر،وتعمل على إحداث آليات التنظيم الذاتي للمهنة من خلال المجلس الوطني للصحافة، والذي من المرتقب أن يشكل سلطة مرجعية تضطلع بتنظيم المهنة والنهوض بها، مع الاستمرار في تحديث المقاولة الصحفية عبر تطوير نظام الدعم للصحافة المكتوبة والإلكترونية،ناهيك عن العمل على النهوض بالأوضاع المهنية والاجتماعية للصحفيين.
واعتبر التقرير أن سنة 2015 تعد سنة حاسمة لاستكمال الإصلاح في قطاع الاتصال، معتبرا أن السنة الحالية تعد مفصلية في استكمال الورش القانوني والتشريعي باعتبارها سنة لتعميق تعزيز حريات الصحافة والإعلام وتعزيز حكامة قطاع الاتصال بغاية تقوية مداخل التعددية والحرية والاستقلالية والشفافية، وتقوية تنافسية الإعلام الوطني على مختلف الأصعدة عربيا وإقليميا ودوليا،معتبرا أن سنة 2014 شهدت ما وصفه تتبعا للمسار التشريعي في سياق استكمال إعداد مشروع مدونة الإعلام والنشر، حيث خلصت الجهود المبذولة إلى تقديم مشروع متكامل للمدونة تم الإعلان عنه شهر أكتوبر من العام نفسه، ويتضمن مقتضيات تهم تعزيز ضمانات الحرية في ممارسة حرية الصحافة وذلك عبر إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بغرامات وصفها التقرير بالمعتدلة، ناهيك عن تقوية دور القضاء في حماية حرية الصحافة من خلال جعله الجهة الوحيدة الموكول إليها تلقي تصريحات إصدار الصحف وكذا في مجال الإيقاف والحجب والحجز، إضافة إلى تعزيز حرية الصحافة الإلكترونية وإرساء المجلس الوطني للصحافة كآلية للتنظيم الذاتي لمهنة، حيث سيضطلع بمهام تنظيم الولوج للمهنة عبر منح بطاقة الصحافة والقيام بأدوار الوساطة والتحكيم في النزاعات المتعلقة بالصحافة.
وارتباطا بمحور الحرية، أكد التقرير أنه في سياق التفاعل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، فإن وزارة الاتصال تعمل على تفعيل الملاحظات والتوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان والترويكا الأوروبية،ناهيك عن إعمال مقتضيات العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية،وكافة أحكام الاتفاقيات الفئوية الأخرى ذات الصلة بقطاع الإعلام والاتصال وحرية التعبير.
كما تطرق التقرير إلى إلغاء تجريم القذف في الصحافة مع الإشارة إلى مصادقة الحكومة على مشروع شامل يخصوص الحق في الحصول على المعلومات.
وحول حرية الولوج للأنترنت أكد التقرير أن المغرب يشهد تطورا سريعا ومتواصلا للصحافة الإلكترونية، وذلك بفضل حرية الأنترنت والولوج الحر لجميع المواقع الالكترونية،حيث تضم المملكة أزيد من 500 موقع إخباري إلكتروني،مضيفا أنه إلى حدود شهر يناير 2015 تم إيداع 113 تصريحا لدى مصالح وزارة الاتصال يهم مجموعة من المواقع الإلكترونية المحدثة بمختلف الجهات.
وارتباطا بهذا الموضوع، أفاد التقرير أن سنة 2014 لم تسجل أي حالة مطالبة الصحفي بالكشف عن مصادر خبره مع الإشارة إلى أن وزارة العدل قدمت خلال العام المنصرم مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية يتضمن تعديلات مهمة تعطي ضمانات لعمل الصحفي فيما يخص استثناءه من عمليات التنصت وحماية سرية مصادره،ولم يتم خلال سنة 2014 تسجيل أي حالة تتعلق بوضع صحفي تحت المراقبة خاصة عبر التنصت أو تتبع الحركات.
كما أكد التقرير أن المغرب تم استثناؤه من قائمة الحكومات التي طلبت من “تويتر” و”غوغل” و “فيسبوك” الكشف عن معلومات تخص مستخدمي هذه الوسائط، منوها بتوسع حضور الصحافة الأجنبية والدولية، حيث اعتمدت وزارة الاتصال خلال السنة المنصرمة 99 صحفيا يتوزعون على 94 جنسية ويمثلون 57 مؤسسة إعلامية أجنبية، مع الاستجابة ل 1292 طلب بمنح رخصة تصوير فوق التراب الوطني،ناهيك عن تنامي توزيع المطبوعات الأجنبية وزيادة حجم توزيعها في المغرب.
وفيما يخص محور التعددية،كشف التقرير أن قناة “ميدي 1 ” أصبحت قناة خاصة منذ شهر ماي الماضي بعد توقيعها لدفتر التحملات الخاص بها مع الهيئة العليا للسمعي البصري، مؤكدا على تنوع المشهد الإعلامي الوطني من خلال قطاع تلفزي عمومي يتكون من عشر قنوات تلفزية وقطاع إذاعي عمومي يتكون من أربع إذاعات وطنية وإذاعة موضوعاتية،إضافة إلى 11 إذاعة جهوية،وإعلام إذاعي خاص يتكون من 19 إذاعة خاصة، مع 488 عنوان وطني في الصحافة المكتوبة ضمنه 15 جريدة حزبية، زيادة على 171 جريدة جهوية وأزيد من 500 موقع إلكتروني إخباري.
وأشار التقرير إلى ارتفاع نسب مشاهدة قنوات القطب العمومي التلفزي في وقت الذروة بنسبة بلغت 4،51 في المائة حسب نتائج مؤسسة “ماروك متري”، موضحا أن نحو 11 مليون مغربي يشاهد القناة الأولى في اليوم الواحد ،وما يقارب 5 مليون مغربي يشاهدها في وقت الذروة، بينهم 6،3 مليون مغربي يشاهد الأخبار على القناة الأولى، فيما اكتسبت القناة الثانية خمس نقط إضافية في نسب المشاهدة المحققة ما بين شتنبر 2013 و2014 مسجلة نسبة 30 في المائة، مع ارتفاع مهم خلال الفترة الرمضانية بتجيل متوسط مشاهدة على مدار اليوم بلغ نسبة 43 في المائة مقابل 26 في المائة خلال الفترة العادية.
وحول احترام التعددية السياسية والمدنية في الإعلام السمعي البصري العمومي، ركز التقرير على التزام الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري بإشراك متعدد ومتوازن للأحزاب والمنظمات النقابية،منوها بالولوج المطرد لأحزاب المعارضة إلى وسائل الإعلام العمومي إضافة إلى تعزيز التنوع اللغوي والثقافي والمجالي.
كما سجل التقرير غياب التدخل السياسي في وسائل الإعلام، مؤكدا أن السنة الفارطة لم تسجل فيها أية حالة سلبية لتدخل السلطة التنفيذية في وسائل الإعلام، كما أن مسطرة إصدار الجرائد أو المطبوعات الدورية قائمة على التصريح من دون أي تدخل للسلطة التنفيذية، إضافة إلى عدم تسجيل أية حالة طعن في قرارات منح بطاقة الصحافة.
وفي محور الحماية، سجل التقرير تراجعا في عدد الصحفيين الذين تعرضوا للاعتداء أثناء مزاولتهم لمهامهم حسب النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بحيث بلغ عدد الصحفيين الذين تعرضوا للاعتداء 14 صحفيا وهو نفس العدد المسجل خلال العام الفائت، منوها بغياب حالات العنف الخطير أو الانتهاك الجسيم في حق الصحفيين وعدم صدور أي حكم بعقوبة سالبة للحرية في حق الصحفيين،كما أن سنة 2014 لم تشهد تسجيل أية متابعة حركت تلقائيا من طرف النيابة العامة، مسجلا أن أزيد من نصف قضايا الصحافة التي صدر فيها حكم خلال هذه السنة أفضت إلى الحفظ .
سعيد الوزان