باحث يرصد مستقبل المشروعية الدينية للمؤسسة الملكية في المغرب

27 يناير 2015آخر تحديث :
باحث يرصد مستقبل المشروعية الدينية للمؤسسة الملكية في المغرب

33103761
هسبريس- متابعة

قام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يوجد مقره بالدوحة بنشر دراسة حول موضوع ” المقدس والديمقراطية، المشروعية الدينية للملكية في أفق التحول الديمقراطي، حالة المغرب وتايلاند ” للباحث المغربي سمير هلال.

وحاول الباحث في هذه الدراسة تحليل مدى تأثير المشروعية الدينية للملكية في المغرب على التنمية السياسية، واستشراف موقعها داخل المشهد السياسي في ظل تجربة التحول الديمقراطي والتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، وذلك بالمقارنة مع نموذج الملكية في تايلاند.

وانطلق الباحث في إجراء هذه المقارنة من فرضية مفادها أن الديمقراطية تتعارض مع المشروعية الدينية كمصدر من المصادر التقليدية للمشروعية السياسية، وأن التطور نحو الديمقراطية رهين بالقطع مع جميع المصادر التقليدية التي لا زالت تعتمد عليها بعض الأنظمة.

فالتحول الديمقراطي في مجتمعات ذات خصوصيات سياسية واجتماعية مخالفة تماما للتجارب الغربية، يقول الباحث، يواجه أنماطا ثقافية ومؤسسات تحكمها محددات غير عقلانية، من قبيل الدين والإرث التاريخي وهالة الزعيم.

هذه الوضعية تكرس الاعتقاد بأن الدفع بالمسلسل الديمقراطي في هذه المجتمعات مرتبط بوضع قطيعة مع كل ما يتنافى مع هذه المبادئ كما هي متعارف عليها عالميا، وتحكيم العقل في تدبير الشأن السياسي. فالديمقراطية، التي هي الوجه السياسي للحداثة، اقتضت في البلدان الغربية إصلاحا دينيا جعل هذه الدول تنتقل من أنظمة تيوقراطية إلى أنظمة علمانية تفصل بين الدين والسياسة وتشكل قطيعة بين السياسي والمقدس.

وقد حاول الباحث دراسة العلاقة بين المشروعية الدينية للنظام الملكي في المغرب تايلاند والتجربة الديمقراطية من خلال محاور ثلاث : التراث الديني ومشروعية النظام الملكي في البلدين، حيث عمل الباحث على رصد الارتباط الوثيق بين الملكية في المغرب وتايلاند بالديانتين الإسلامية والبوذية وسعي النظامين، من خلال تأويلات رسمية وتفسيرات استثنائية لهذا التراث إلى توظيف الديانتين لتثبيت مشروعيتهما وتبرير واجب الخضوع والطاعة.

وفي المحور الثاني، تطرق الباحث إلى دور المشروعية الدينية في المحافظة على وحدة واستقرار نظامين سياسيين في طور التحول. وأكد الباحث في هذا الصدد أن المشروعية الدينية والبعد الروحي للمؤسسة الملكية في المغرب وتايلاند ساهما في تحقيق الوحدة الوطنية ودرء الانقسامات الداخلية، وشكلتا درعا واقيا ضد التيارات الدينية والسياسية المتطرفة (الإسلامية منها والشيوعية)، وكذا النزعات الإثنية (الأمازيغية في المغرب والمسلمون جنوب تايلاند).

هذه الوحدة، يقول الباحث، من شأنها أن تشكل، من حيث المبدأ، أرضية خصبة قد تساعد على عملية التحول الديمقراطي الذي يعتبر الاستقرار أحد الشروط الأساسية لنجاحه.

وتناول الباحث في المحور الثالث من هذه الدراسة التحديات التي تواجهها المشروعية الدينية للملكية في كل من المغرب وتايلاند في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها البلدان، حيث أشار الباحث إلى أن هذه التحولات كانت لها انعكاسات متباينة على المشروعية الدينية للملكيتين.

ففي الوقت الذي أدى فيه الرفاه الاجتماعي والاقتصادي الذي عرفته تايلاند بداية الستينات وارتفاع نسبة التعليم إلى تراجع الدين في الحياة السياسية واتساع الهوة بين الدين كمكون من مكونات إيديولوجية وبين أسلوب هذه الأخيرة في ممارسة الحكم، فإن انفتاح النظام السياسي في المغرب واكبته، وبشكل متناقض، عودة إلى التراث الإسلامي والبحث عما يمكن أن يقوي دعائم الأسس الدينية للنظام الملكي.

وخلص الباحث من دراسته هاته إلى ثلاثة نتائج رئيسية :

· إن المشروعية الدينية قد تساهم في تعزيز مسلسل التطور الديمقراطي، خاصة في مراحله الأولى. ففي مجتمعات لم تتجاوز بعد مرحلة الحداثة ولا زال الدين فيها يمثل إحدى المحددات الأساسية للسلوك السياسي للفرد، تعتبر المشروعية الدينية عامل وحدة واستقرار حيث تنصهر في إطارها جميع التيارات الفكرية والسياسية مما يخلق مناخا ملائما للتطور الديمقراطي.

·إن تطور المسلسل الديمقراطي قد لا يفضي بالضرورة إلى تراجع المشروعية الدينية لصالح قواعد الديمقراطية وتفعيل القانون. فقد يلجأ النظام إلى تحصين نفسه ضد القوى المنافسة له من خلال تحكمه في السياسة الدينية وتوسيع مجال المقدس خاصة إذا كانت هذه القوى تستمد مشروعيتها أيضا من الدين.

·إن المشروعية الدينية في ظل التطور الديمقراطي في المغرب قد تتلاءم مع مؤسسة ملكية تضطلع بوظيفة تحكيمية وتوجد فوق العملية السياسية والتدبير اليومي للشأن السياسي وتتدخل في الحياة السياسية وقت الأزمات للعب دور الوساطة بين الفاعلين السياسيين بفضل الاحترام الذي تمنحه لها هذه المشروعية.

الاخبار العاجلة