https://www.youtube.com/watch?v=OR0S4NY0q5E
ترك حمزة بن العباس، شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، وصيته لذويه ومريديه بتنصيب ابنه من بعده ثم حفيده عقب ذلك، مذكرا بمبادئ عدة تهم الذكر والطريقة البودشيشية، متبرئا من كل من لم يلتزم بوصيته بالقول: “كل من خالف العمل بهذه الوصية، فإننا والطريقة منه براء”.
الوصية التي حصلت هسبريس على نسخة منها جاء فيها: “نشهد أمام الحق سبحانه أن الإذن الذي لدينا في تلقين الذكر والدعوة إلى الله على طريق الافتقار إليه، هذا الإذن ينتقل بعد مماتنا إلى ولدنا الأرضي مولاي جمال الدين ثم من بعده إلى ابنه البار مولاي منير”.
وأضاف الراحل: “فوصيتنا لكافة المريدين لوجه الله تعالى، رجالا ونساء، ممن أخذوا عنا العهد على التوبة إلى الله أن يبادروا بتجديد العهد لوارثنا الأوحد والمأذون الأرشد ونصيحتنا لهم أن يعظموا الرابطة بينهم وبينه تعظيما لبنيانها المرصوص بعبارة التوحيد”.
وذكر الشيخ حمزة بعضا من خصال ابنه قائلا: “سيدي جمال هو من صلبنا الترابي قد نشأ على الطهارة كما يعرفه الأقارب والأباعد وقد هيأه الله لأحوال الذكر السنية التي نشأ عليها ونبت حتى تحقق له ميلاد جديد من الصلب الروحاني لهذه الطريقة”.
وزاد: “نحمده على ما رزقنا من معنى العبودية وعلى ما أورثنا وهدانا إليه من توجيه القلوب وترقيتها حتى تخلص التعلق بالألهية وذلك من سبحانه وتعالى منة وفضلا وما كان عطاء ربك محظورا بشرى من الله بقبول توبة الآباء والأجداد”.
الشيخ والمريد
ترك الشيخ حمزة لهذه الوصية قد يكون مفيدا للبعض من مريديه ممن سيتأثرون بغيابه. وفي هذا الإطار، يقول محمد الخيراوي، أستاذ الشريعة الإسلامية عضو المجلس العلمي، إن “موت شيخ الطريقة القادرة البودشيشية سوف يؤثر، بطريقة أو بأخرى، على نفسية مريديه لأنهم ارتبطوا به ارتباطا قويا”.
الخيراوي شرح ذلك، في تصريح لهسبريس، بالقول: “ارتباط المريد بشيخه هو ارتباط روحي قوي باعتباره الشيخ الدال على الطريق الذي يأخذ السالك ويدله على المسالك الوعرة”، وأضاف: “الزاوية القادرية البودشيشية الآن قد بلغت من التنظيم قوة تسمح لها بأن تصمد أمام مثل هذه الهزات الأليمة”.
وأكد المتحدث أنه “سيتم تنصيب شيخ الطريقة الجديدة ويأخذ نبراس جده ووالده بتبصر، لتستمر الطريقة كما باقي الطرق الصوفية المغربية”، منبها إلى أن التصوف ثابت من ثوابت المملكة ويشكل مكونا خاصا للشخصية المغربية.
الوصية والطريقة
على صعيد آخر، وصية الشيخ حمزة لم تحمل فقط تعليمات بخصوص من سيواصل المسار من بعده، بل ذكّرت بالفائدة من الطريقة التي وصفتها بـ “الشجرة الزكية التي نستظل بظلها وهي شجرة الاجتماع على ذكر الله كان قد جدد غرسها في التربة البودشيشية القادرية شيخنا وابن عمنا سيدي أبو مدين بن المنور وعهد بالإذن فيها لوالدنا فتعهدها بالرعاية”.
وواصل الراحل: “صدقت ولله الحمد بشائر كان يخبر بها الوالد تغمده الله برحمته وقد أبره الله في الإذن الذي خصنا به وأشهد عليه إخواننا الفقراء بعد أن ذكره تلميحا وتصريحا ثم وثقه في وصية مسجلة على القواعد المرعية”.
كما ذكر الراحل بانتشار الطريقة البودشيشية بالقول: “ها قد رأينا ذلك الإذن ورآه المؤمنون يتفجرون فيوضا غزارا وينفلق بركات وأنوارا ما فتئت تزكو وتزداد انتشارا غرف منها في البلدان الدانية والفاضية أفواج من الشيب والكهول ومن الشباب خاصة رجالا ونساء أحيوا الطريقة على مقتضاها وسعدوا بها على ما رزقهم الله من إحياء مراسم النسبة للذكر على مبتغاها”.
وختم الشيخ حمزة وصيته بأن الطريقة “قد جمع الله فيها على هدى المحبة والصحبة من كتب له نصيب من إرادة وجهه الكريم”، مضيفا: “طريق الإرشاد إلى الله وسبيل الدلالة عليه بتلقين الذكر هي لدى العارفين بمقاماتها أقوم طريق وأبين محجة وهي لدى الذائقين حلاوة الإيمان أعظم توفيق وأنجح منهاج إذ فيها تنكشف عن قلوب المنتسبين الحجب وتزول الأكدار وبها تدرك في حرز اللطف والأمان مقامات الأطهار وبها ينال العلم الذي به يعبد الله حقا على نبضات الإخلاص الخالية من شوائب الأغيار”.
هسبريس – أمال كنين