حساين محمد
استقبل السيد Ying Yong النائب العام لدى المحكمة العليا بجمهورية الصين الشعبية،الاستاذة الفاضلة جميلة صدقي المستشارة بديوان السيد رئيس النيابة العامة،و الاستاذ مصطفى يرتاوي،الوكيل العام للملك بوجدة،بجمهورية الصين الشعبية،ترحيبا بمشاركتهم في منتدى التعاون الصيني الافريقي.

واكد رئيس النيابة العامة المغربية،الاستاذ هشام بلاوي،في كلمة تفضلت بها نيابة عنه الاستاذة صدقي،ان لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن تمثل رئاسة النيابة العامة بالمملكة المغربية في هذا المنتدى المرموق الذي يجسد عمق العلاقات التاريخية والإنسانية بين جمهورية الصين الشعبية والدول الإفريقية ويعكس الرغبة المشتركة في بناء تعاون قضائي متجدد يخدم قضايا العدالة والأمن والتنمية المستدامة.
واوضحت كلمة السيد رئيس النيابة العامة،ان النيابة العامة بالمملكة المغربية،قطعت منذ استقلالها المؤسساتي سنة 2017، أشواطا مهمة في مجال الرقمنة وتجويد أساليب البحث الجنائي، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة لخدمة العدالة الجنائية، إدراكا منها بأن العدالة في العصر الرقمي تتطلب أدوات جديدة ومقاربات مبتكرة قادرة على مواجهة الجريمة العابرة للحدود، خاصة في ظل التحولات التي تشهدها الجريمة الإلكترونية والجرائم المنظمة.

كما أولت رئاسة النيابة العامة عناية خاصة لتقوية القدرات المهنية لقضاتها في مجال العدالة الرقمية، من خلال تمكينهم من الوسائل والتقنيات الضرورية لإجراء الأبحاث والتحريات في القضايا ذات البعد الرقمي، مع إرساء منظومة للتكوين المستمر والمشترك مع ضباط الشرطة القضائية، تقوم على دورات تكوينية منتظمة ومتخصصة تعنى باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، ولا سيما الأنظمة المعلوماتية
المؤمنة، وتحليل المعطيات الرقمية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوات الأمن السيبراني.

وفي هذا الإطار، أولت رئاسة النيابة العامة أهمية خاصة لتقوية القدرات المهنية لقضاتها وأطرها، من خلال الاستناد إلى مقاربة مزدوجة تجمع بين البعدين القانوني والتطبيقي. وقد تم إحداث برامج تكوين وطنية بشراكة مع مؤسسات قضائية وأكاديمية رائدة، تعنى بمواضيع البحث الجنائي المتطور والتحقيق المالي، وتتبع مسارات الجريمة المنظمة إضافة إلى تطوير المهارات القيادية والتواصلية لقضاة النيابة العامة. كما تم إدراج وحدات للتكوين في مجال العدالة الرقمية والذكاء الاصطناعي إيمانا بأن الاستثمار في العنصر البشري هو الركيزة الأساسية لإنجاح أي إصلاح أو تحديث مؤسساتي، وأن القضاء لا يمكن أن يبلغ أعلى درجات الفعالية إلا إذا كان أعضاؤه مؤهلين علميًا وتقنيا وأخلاقيا لمواكبة التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم.

وفي امتداد لجهود التأهيل الداخلي وتعزيز القدرات المهنية وفق المعايير الدولية، تؤكد رئاسة النيابة العامة على أهمية الانخراط في المنظمات الدولية القانونية والقضائية لتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب والممارسات الفضلى. ومنذ تأسيسها، انضمت بصفة عضو ملاحظ إلى عدة منظمات تابعة للاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، منها المجلس الاستشاري للوكلاء الأوروبيين (2019) والشبكة الأوروبية للوكلاء من أجل البيئة (2020)، كما شاركت بفعالية في أعمال اللجنةالأوروبية لنجاعة وفعالية العدالة (CEPEJ). وفي إطار هذا التعاون استفاد قضاة النيابة العامة من برامج تكوينية في مجالات النجاعة القضائية وقياس الزمن القضائي وتصفية المخلف. كما تم اختيار بعض النيابات العامة كنماذج خضعت لتقييم خبراء CEPEJ، الذين أعدوا تقارير وتوصيات لتحسين أدائها وفق المعايير الدولية، خاصة فيما يتعلق بتدبير الزمن القضائي والموارد البشرية والعلاقات مع المؤسسات الشريكة.
وفي السياق ذاته، وتعزيزًا لهذا التوجه الدولي في مجال التعاون القضائي، كانت المملكة المغربية قد أودعت بتاريخ 29 يونيو 2018 صك انضمامها الرسمي إلى اتفاقية بودابست التي دخلت حيز التنفيذ بالمغرب في 1 أكتوبر 2018 ، ثم وقعت بتاريخ 12 مايو 2022 على البروتوكول الإضافي الثاني للاتفاقية بمدينة ستراسبورغ، وهو ما عزز انخراطها الفعلي ضمن المنظومة الدولية للتعاون القضائي في مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية وتبادل الأدلة الرقمية، تأكيدًا لالتزامها الثابت بتقوية التعاون القضائي في مواجهة التحديات الرقمية والجرائم العابرة للحدود.
ومن جهة أخرى، وانسجاما مع هذه الدينامية الدولية، قدمت رئاسة النيابة العامة، بصفتها أمينا عاما لجمعية المدعين العامين الأفارقة، خلال الجمع العام الثامن عشر المنعقد بمدينة بوينغالا بجمهورية أنغولا، عرضا حول مدى تقدم أشغال إنجاز مقر الأمانة العامة الدائم للجمعية بمدينةالرباط، والذي يُرتقب أن يشكل منصة مؤسساتية لتبادل التجارب والخبرات بين قضاة النيابات العامة الإفريقية وتعزيز قدراتهم في مجالات العدالة الجنائية الحديثة.
وكشفت الاستاذة صدقي ان التحديات الأمنية الراهنة، وعلى رأسها الجريمة العابرة للحدود، تفرض على النيابات العامة في العالم، وخاصة في إفريقيا والصين تطوير آليات فعالة للتعاون القضائي. وقد جعلت رئاسة النيابة العامة بالمملكة المغربية من مكافحة هذا النوع من الجرائم أولوية قصوى، من خلال دعم التعاون مع أجهزة العدالة الجنائية في الدول الصديقة، والمشاركة النشطة في الشبكات الإقليمية والدولية المعنية بتعقب الجريمة المنظمة، وجرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين وتمويل الإرهاب. كما تم تعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية كالإنتربول ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بهدف تبادل المعلومات وتعزيز المساعدة القانونية المتبادلة، وهو ما أسفر عن نتائج ملموسة في تفكيك شبكات إجرامية متعددة الجنسيات.



