الاستاذ عصام الزياني يبسط الدليل العملي في الدفوع الشكلية لرد الاتهام

Mohammed7 أبريل 2023آخر تحديث :
الاستاذ عصام الزياني يبسط الدليل العملي في الدفوع الشكلية لرد الاتهام

مــــن إعـــداد :
الأستاذ عصام الزياني محام بهيئة وجدة .
الدليل العملي في الدفوع الشكلية لرد الاتهام طبقا
لقانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي.
– توطئة :
تكتسب الدفوع الشكلية أهميتها كدفوع لرد ” الاتهام” المنسوب إلى المتهم سواء أمام قاض التحقيق أو أمام قاضي التلبس المنفرد، ويستوجب الإدلاء بها يتم قبل كل دفع أو دفاع وليس بعد ذلك حتى تصير منعدمة الصلاحية استنادا الى مقتضيات المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية واذا افترضنا أن المحامي التحق إلى قاعة المحاكمة في وقت تم الاستماع فيه إلى المشتكي و خلال توجيه التهمة للمتهم الأول فإن محكمة النقض أجابت عن هذا الإشكال كالتالي: ” حيث إنه عملا بمقتضيات المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية فانه يجب أن تقدم قبل كل دفاع في جوهر الدعوى ودفعة واحدة….كل أنواع الدفع المترتبة إما عن بطلان الاستدعاء أو بطلان المسطرة المجراة سابقا، وكذا المسائل المتعين فصلها أوليا وإن ما تمسك به الطاعن من دفوع شكلية أمام المحكمة الابتدائية بجلسة 03/04/2012 بخصوص خرق القواعد القانونية المنظمة للوضع تحت الحراسة النظرية ،هي الدفوع التي ترمي إلى بطلان مسطرة مجراة سابقا وهي بذلك دفوع شكلية أولية يتعين تقديمها قبل كل دفع أو دفاع و الثابت من محضر الجلسة المذكور أن دفاع الطاعن لم يقدم دفوعه تلك إلا بعد الاستماع المحكمة للمشتكي وشروعها في استنطاق المتهم الأول، مما يجعل دفوعه غير نظامية على اعتبار أن استماع المحكمة للمشتكي وشرعها في الاستنطاق هو بمثابة تقديم جزء من الدفاع والجزء مثله مثل الكل مانع لتقديم الدفوع الشكلية الاولية وهو ما تطرق إليه المشرع عندما نص على تقديم الدفوع قبل –كل دفاع- في جوهر الدعوى….. وهذا ما أكده المشرع بالمادة 324 من نفس القانون عندما نص على أن طلبات الإبطال المثارة من الأطراف يجب أن تقدم دفعة واحدة قبل استنطاق المتهم في موضوع الدعوى تحت طائلة سقوط الحق فيها، بمعنى أن الاستماع إلى المشتكي والشروع في استنطاق المتهم الأول يسقط الحق في إثارة الدفوع المذكورة ، ومحكمة الموضوع لما استندت على مقتضيات المادتين 323 و 324 من قانون المسطرة الجنائية لرد دفوع الطاعن تكون قد طبقت القانون ولم تخرق أي مقتضى أو حقا من حقوق الدفاع و الوسيلة على غير أساس – رفض الطلب – ” .
وحيث إنه يستوجب على القاضي الجزائي البت في الدفوع المثارة أمامه قبل التصدي للأساس حتى لا يصير ذلك إجهاضا لحق من حقوق الدفاع المكرس دستورا وقانونا، وله إمكانية ضم تلك الدفوع إلى الأساس في حال قيام استحالة البت فيها وضمها إلى الجوهر لكن لابد من تبرير قرار الضم.
وعلى ضوئه سنتطرق لمجموعة من الدفوع التي تستوجب على المحامي إثارتها أمام المحكمة قبل كل دفع أو دفاع مع إبراز توجه العمل القضائي في كل واحد منها.
الدفع بخرق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية (سبقية البت ) :
وقد جاء في مضمون الفقرة المذكورة ما يلي :”كل متهم حكم ببراءته أو بإعفائه ، لا يمكن أن يتابع بعد ذلك من أجل نفس الوقائع ولو وصفت بوصف آخر ” .
وحيث دفع المتهم أمام محكمة الموضوع بسبقية الفصل في نفس القضية بحكم سابق قضى ببراءته وأدلى بالحكم الابتدائي القاضي ببراءته والقرار الاستئنافي عدد 4898 في الملف الجنحي عدد : 234/2012 بتاريخ : 31/12/2012 ، غير أن محكمة الموضوع ردت الدفع بعلة أن المتهم لم يدل بما يفيد نهائيته وفق التعليل التالي :
“…فلم يثبت للمحكمة ما يفيد أن الحكم المستند عليه للقول بسقوط الدعوى العمومية أضحى نهائيا على اعتبار أسبقية البت المعتد بها للقول بسقوط الدعوى العمومية تستلزم صدور مقرر حائز لقوة الشيء المقضي به مما يتعين معه رد الدفع ….”
في حين، أن المشرع لا يجيز إعادة متابعة الشخص من أجل نفس الوقائع التي حكم من أجلها وقضي ببراءته إلا في نطاق طرق الطعن، والمتهم لم يكن ملزما بالإدلاء بما يفيد نهائية القرار الاستئنافي المدلى بها طالما أن القرار المذكور يثبت متابعته بنفس الوقائع وبنفس الحجج ، خاصة وأن المتابعة تقررت استنادا إلى نفس محضر المفوض القضائي المؤرخ سنة 2010 ونفس محضر تبديد المحجوز المؤرخ في نفس السنة واللذين كانا محل مناقشة وتقييم من طرف المحكمة الجنحية التي قضت بالبراءة ، وأن إعادة الشكاية سنة 2016 دون حصول أي تغيير في مجريات الملف التنفيذي ودون إنجاز أي إجراء جديد يستدرك الإخلالات المسطرية في مسطرة التنفيذ السابقة يجعل ما انتهى إليه القرار المطعون فيه خرقا واضحا للمادة 369 من قانون المسطرة الجنائية ومحاكمة ثانية غير مبررة للعارض في شأن نفس الوقائع .
الدفع بخرق مقتضيات المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية : ( التقادم )
حيث إن وقائع موضوع المتابعة والقرار المطعون فيه حصلت سنة 2010 حسب التواريخ المضمنة بمحضر الحجز ومحضر تبديد المحجوز ، كما أن آخر قرار صدر في الموضوع كان سنة 2012 ، ولم تحرك المتابعة إلا في سنة 2017 الشيء الذي يجعل الجنحة قد طالها التقادم وفق المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية .
غير أن المحكمة مصدرة القرار القاضي بالإدانة اعتبرت الركن المادي لجنحة تبديد المحجوز مستمرا في الزمن مادام المتهم يحتفظ بالمال المحجوز ويحوزه ويمتنع عن إحضاره لإتمام عملية التنفيذ وليس من تاريخ تحرير محضر إتلاف محجوز المؤرخ في 02/01/2010 .
وحيث إن هذا المنحى غير سليم لأن جنحة الفصل تبديد المحجوز هي جنحة فورية تتقادم بمرور اجل التقادم المنصوص عليه قانونا ابتداء من تاريخ ارتكابها وليست جريمة مستمرة وفق ما ذهب إليه القرار هكذا جاء في إحدى قرارات محكمة النقض المصرية 8-6-1942 مجموعة القواعد القانونية ج 5 ق 424 ص 677 :
” اختلاس الأشياء المحجوزة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع فعل الاختلاس ، ولذا يجب ان يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها في ذلك الوقت واعتبار يوم ظهور الاختلاس تاريخا للجريمة محله ”
وهو الحكم المقرر أيضا في جنح خيانة الأمانة التي تتم وتنقطع بمجرد تبديد الشيء المودع .
الدفع بخرق مقتضيات الفصل 524 من القانون الجنائي:
إن جنحة تبديد المحجوز لا تقوم إلا بتبديد وإتلاف المحجوز عمدا .
وحيث إن المتهم نازع خلال جميع مراحل الدعوى في إسناد حراسة السيارة المحجوزة إليه ، كما نازع في قيام علمه بالحجز أو الامتناع عن تسليم السيارة .
والثابت من خلال محضر إتلاف المحجوز المؤرخ في : 02/11/2010 أن المفوض القضائي أشعر ابنيه ——– حسب ما ورد بالمحضر دون الإدلاء بما يفيد تبليغهما تبليغا رسميا بمحضر الحجز ولا بالإعلام بإحضار السيارة وفق المقتضيات العامة في قانون المسطرة المدنية. وحيث لم يرفق محضر الحجز ولا محضر الإتلاف ما يفيد تبليغ المتهم بالحجز لإثبات علمه بالمسطرة الجارية ، وكان المتهم قد تمسك بهذه المقتضيات واثبت عدم علمه بالحجز والإجراءات المتبعة من طرف المشتكي الذي كان ولازال يقاضيه خلافا لقواعد حسن النية .
وحيث إن محضر الحجز لا يتضمن ما يفيد حضور المتهم عملية الحجز ولا تبليغه به ولذلك يكون القرار الذي أدان المتهم من أجل جنحة تبديد المحجوز دون تناول عنصر اتصال علمه بمحضر الحجز وكونه حارسا على المحجوز ليحقق العلم اليقيني لديه ، وقد تمسك المتهم في جميع مراحل البحث والمحاكمة أنه لا علم له بحجز سيارته وأن المفوض القضائي لم يجده ساعة انتقاله إلى مقر سكناه كما أضاف أن الجهة المشتكية تجمعه بها عدة نزاعات حول الأرض .
وحيث إن عناصر جنحة الفصل 524 من ق ج تتكون من شيء محجوز بأمر من السلطة القضائية وتبديد المحجوز أو إتلافه وان يقع الإتلاف من الشخص الذي حجز الشيء بين يديه وهي العناصر المنعدمة في نازلة الحال سيما وان الحجز باطل لانعدام ما يفيد اتصال علم المتهم له كما ان الإشعار بإحضار المحجوز لم يتم بصفة شخصية مما يؤكد عدم علم المتهم بواقعة طلب إحضار السيارة وبالتالي انتفاء النية الجرمية.
الدفع بخرق المادة 636 من قانون المسطرة الجنائية :
حيث إنه طبقا للمادة المذكورة لا يمكن الحكم بالإكراه البدني أو تطبيقه ……………………………………….بمجرد بلوغ سن 60 عاما .
القرار الاستئنافي قال بتحديد مدة الإكراه في الأدنى بالرغم من تجاوز المتهم لسن 60 عاما ).
و حيث عملت المحكمة على درجتيها استبعاد كل الدفوع الواردة أعلاه لكن محكمة النقض كان لها رأي آخر عندما قضت ب :
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون.
القرار عدد:1315/3 المؤرخ في:11/09/2019.
ملف جنائي عدد:8765/6/3/2018.
أ—– ز
ضد النيابة العامة
أصدرت الغرفة الجنائية – في قسمها الثالث – بمحكمة النقض بالرباط –بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ:11/ شتنبر 2019.
القرار الاتي نصه .
بين: أ———– ز.
و بين : النيابة العامة.
بناء على طلب النقض المرفوع من المسمى أ—- ز بواسطة الاستاذ الحسين الزياني بمقتضى التصريح المؤرخ في 22/01/2018 أمام كتابة ضبط محكمة الاستئناف بوجدة الرامي الى نقض القرار الصادر عنها في القضية عدد:990/2017 بتاريخ 18/01/2018 والقاضي بتأييد الحكم المستأنف المحكوم عليه بمقتضاه من أجل جنحة تبديد محجوز بثلاثة اشهر حبسا نافذا وغرامة قدرها 500 درهم، وبأدائه لفائدة المطالب بالحق المدني ع-س تعويضا مدنيا قدره 12000 درهم.
إلا أن محكمة النقض كان لها قول آخر :
بعد المداولة طبقا للقانون :
ونظرا للمذكرة المدلى بها من طرف الطاعن بواسطة الاستاذ الحسين الزياني المحامي بهيئة المحامين بوجدة المقبول للترافع امام محكمة النقض المستوفية للشروط المتطلبة بالمادتين 528 و 530 من قانون المسطرة الجنائية.
في شأن الوسيلة الوحيدة المستدل بها على النقض و المتخذة في فرعها الثاني من خرق مقتضيات المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية ،ذلك أن الواقع موضوع المتابعة والقرار المطعون فيه حصلت سنة 2010 حسب التواريخ المضمنة بمحضر الحجز ومحضر تبديد المحجوز، وأن آخر قرار صدر في الموضوع كان سنة 2012 والمتابعة لم تحرك إلا سنة 2017،الأمر الذي يجعل الجنحة قد طالها التقادم وفق المادة الرابعة، إلا أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه اعتبرت الركن المادي لجنحة تبديد المحجوز مستمرا في الزمن مادام المتهم يحتفظ بالمال المحجوز و يحوزه ويمتنع عن احضاره لإتمام عملية التنفيذ وليس من تاريخ تحرير محضر اتلاف محجوز المؤرخ في 02/01/2010 ،والحال أن هذا المنحى غير سليم باعتبار أن جنحة تبديد المحجوز هي جنحة فورية تتقادم بمرور اجل التقادم المنصوص عليه قانونا ابتداء من تاريخ ارتكابها وليست جريمة مستمرة وفق ما ذهب إليه القرار، مما يجعل قرارها في غير محله و خارقا للمقتضى المستدل به.
حيث انه بمقتضى الفقرة الثامنة من المادة 365 والفقرة الثالثة من المادة 370 من قانون المسطرة الجنائية يجب أن يكون كل حكم أو قرار معللا من الناحيتين الواقعية والقانونية وإلا كان باطلا وأن نقصان التعليل يوازي انعدامه.
وحيث يتجلى من حيثيات القرار المطعون فيه أن المحكمة مصدرته ردت في تعليلها على الدفع المتعلق بسقوط الدعوى للتقادم بكون الركن المادي لجنحة تبديد محجوز المنصوص عليها في الفصل 524 من القانون الجنائي يستمر في الزمن مادام المتهم يحتفظ بالمال المحجوز ويحوزه و يخبأه ويمتنع عن احضاره لإتمام عملية التنفيذ وليس من تاريخ تحرير محضر اتلاف محجوز المؤرخ في 02/01/2010 وهو على أساس مستمر في الزمان، وأن ادعاء المتهم بكونه باع السيارة المحجوزة لابنه منذ ثمان سنوات غير جدير بالاعتبار مادام لم يثبت البيع بمقبول مما يكون معه الفعل المتابع من أجله المتهم مستمرا، والحال إن واقعة تبديد محجوز هي واقعة مادية منحصرة في الزمان ولا يمكن بحال من الاحوال اعتبارها جريمة مستمرة فجاء قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه يعرضه للنقض و الإبطال.
لهذه الأسباب :
قضت بنقض وإبطال القرار المطعون فيه وإحالة القضية على المحكمة المصدرة له للبت فيها طبقا للقانون.
وبه صدر القرار وتلى بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض الكائنة بشارع النخيل حي الرياض بالرباط و كانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة: محمد بن حمو- رئيسا- والمستشارين: عبد الناصر خرفي-مقررا- ومصطفى نجيد-محمد زحلول- أحمد مومن- وبحضور المحامي العام السيد ابراهيم الرزيوي الذي كان يمثل النيابة العامة و بمساعدة كاتب الضبط السيد عزيز ايبورك.

الرئيس: المستشار المقرر: كاتب الضبط:

الدفع بالمس بحقوق المتهم وخرق القانون :

-2- القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالناظور في الملف الجنحي تلبس عدد:90/16 وتاريخ 19/04/2016 القاضي في الشكل : بقبول الاستئناف .
وفي الموضوع : أولا : برد الدفوع الشكلية المثارة وبرفض استدعاء الضابطين محرري محضر تفريغ محتوى المكالمتين الهاتفيتين .
ثانيا :بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من مؤاخذة المتهمين من أجل جنحة تقديم الرشوة وتصديا التصريح ببراءتهما منها وبتأييده في باقي ما قضى به مع تحميل المتهمين الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى في حق الثاني دون الأول .
حيث إن محكمة الاستئناف بالناظور عملت على الأخذ بالحكم الابتدائي جزئيا وادانة المتهمين بالحبس النافذ لمدة 8 أشهر وردت كل ما أثير من دفوع أولية جدية والمتمثلة في :
الدفع بخرق مقتضيات المادة 534 من قانون المسطرة الجنائية: .
إذا كان الإثبات يخضع لتقدير قضاة الموضوع ، فإنه في المقابل يتعين عليهم أن يؤسسوا لاقتناعهم على علل منطقية سائغة وتدليل مقبول، وإلا كان المقرر متسما بنقصان التعليل الموازي لانعدامه ، تحت رقابة محكمة النقض طبقا للمادة 534 من قانون المسطرة الجنائية .
وحيث إنه بمراجعة القرار الاستئنافي المطعون فيه، يتبين أنه استند على قرينة واحدة غير منضبطة وغير منطقية، لا تؤدي بالضرورة إلى النتيجة التي انتهى إليها القرار، حيث جاء في إحدى حيثياته ما يلي: ( وحيث إن الدليل الوحيد المقدم في القضية ضد المتهمين وهو عبارات الحوار الذي دار بينهما عبر مكالمتين هاتفيتين خال من أي إشارة إلى أنهما قدما هبة أو عرضا للأشخاص المذكورين في الفصل : 248 من القانون الجنائي ،… وذلك بقصد التدخل لفائدتها في العملية الانتخابية وهو الأمر الذي تمسك به في سائر المراحل )
ولما كان القرار المطعون فيه خلص إلى تبرئة الطاعن من أجل جنحة تقديم رشوة استنادا إلى الإنكار ، ولكون الدليل الوحيد في الملف هو الحوار الهاتفي الذي دار بين المتهمين، يكون قد سقط في تناقض واضح، لأن المتهمين أكدا معا في سائر مراحل البحث والتحقيق وأمام هيئة المحكمة ابتدائيا واستئنافيا، أن مضمون الحوار الهاتفي كان بهدف التنسيق حول عملية صرف مستحقات الحملة الانتخابية المتعلقة بالانتخابات الجماعية بالنظر الى كون العارض عضوا بالمكتب السياسي للحزب الذي ينتمي إليه الطرفين .
وحيث إن احتمال عدم صحة تصريحات المتهمين المتواترة، يقابله احتمال صحة تصريحاتهما ، والمقرر قانونا أن الشك يفسر لصالح المتهم طبقا للمادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية ، وأنه لا يمكن ترجيح أحد الاحتمالين .
الدفع بالتعليل المتناقض و المخالف لقانون المسطرة الجنائية :
حيث إن القرار المطعون فيه بالنقض انتهى وعن حق إلى القول ببراءة المؤازر من جريمة الرشوة مستندا في تعليله إلى خلو عبارات الحوار الذي دار في المكالمتين الهاتفيتين -اللتين اعتبرهما هما الدليل الوحيد في الملف- من أي إشارة إلى أنهما أي الظنينين “قدما هبة أو عرضا أو وعدا لموظف عمومي أو قاضي أو غيرهم من الأشخاص المذكورين في المادة 248 من القانون الجنائي قصد القيام بعمل أو الامتناع عنه أو غيرهما من الأفعال المادية المجرمة بموجب الفصل المذكور” .
وحيث إنه لا جدال في أن عبارة القيام بعمل أو الامتناع عنه تستوعب القيام بالتصويت لفائدة شخص أو الامتناع عن التصويت فالتصويت كفعل ايجابي يدخل ضمن خانة القيام بعمل وعدم التصويت كتصرف سلبي يدخل في خانة الامتناع عن القيام بعمل .
وحيثتأكد من خلال الحكم ببراءة العارض من أجل جنحة الرشوة مايلي :
انعقاد قناعة محكمة الاستئناف بخلو المكالمتين من أية إشارة إلى أنهما أي المتهمين قدما هبة أو أو عرضا أو وعدا لموظف عمومي أو قاضي أو غيرهم من الأشخاص المذكورين في المادة 248 من القانون الجنائي)ص11 الفقرة الأولى من القرار المطعون فيه بالنقض)
التطـابـــق الواقـعـي المطلــق بين ما جزمت به محكمة الاستئناف من خـلـــو المكالمتين الهاتفيتين من أية إشارة إلى أي: “تقديم هبة أو عرض أو وعد من اجل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل “مع الركن المادي لجريمة المادة 62 من القانون التنظيمي 28.11 ” هدايا أو تبرعات نقدية أو عينية أو وعد بها ”
صـيــرورة القرار المطعون فيه بالنقض نهــائيـــا فيما يتعلق بتبرئة المؤازر من جريمة الفصل 248،وطبعا تعليل البراءة بحكم عدم طعن النيابة العامة في القرار المطلوب نقضه، مما يجعل التعليل المذكور، وما أفضى إليه من تبرئة المؤازر حقيقة قضائية مطلقة لا يمكن إثبات خلافها ،وحيث إننا بدمج النقط أعلاه سنصل إلى نتيجة حتمية حسم بشأنها القضاء من خلال شق القرار المطعون فيه بالنقض النهائي وهي عدم تقديم المؤازر أية هبة أو عرض أو وعد لأي شخص يشغل مركزا نيابيا أو موظفا بمفهوم الفصل 224 من القانون الجنائي وهذا يعني ويستلزم ويجزم بعدم قيام الركن المادي لجرائم المادة 62 من القانون التنظيمي11-28سواء في إطار الجريمة التامة بالحصول على الأصوات أو محاولة الحصول عليها وهو ما يعني براءة المؤازر من جرائم هذه المادة، وهذا يكشف خرق القرار المطعون فيه للمادة 62 من القانون 11-28 وسوء تطبيقه لها وسوء تعليله وعدم ارتكازه على أساس وتناقض تعليله تناقضا يفضي إلى بطلانه، وهو الأمر الذي نلتمس معه نقض وإبطال القرار المطعون فيه بالنقض في شقه موضوع الطعن .
وحيث إنه فضلا عن الحقيقة القضائية المستخلصة من تعليل القرار المطعون فيه بالنقض في شقه النهائي القاضي بتبرئة المؤازر من جريمة الفصل 248 من القانون الجنائي والجزم و القطع بعدم تقديمه هبة أو عرضا أو وعدا لموظف عمومي أو قاضي أو غيرهم من الأشخاص المذكورين في الفصل 248 من القانون الجنائي فإن ما انتهى إليه القرار المذكور وعن صواب في الشق المتعلق بتبرئة الطاعن من جريمة الرشوة، يتعزز من خلال الحوار المنسوب إلى المؤازر إذ أن ما صدر عن المنوب عنه لا يمكن أن يستخلص منه أو يستنتج أو يفهم أو يؤول بقيام المؤازر بتقديم هدايا أو تبرعات نقدية أو عينية أو وعد بوظائف عامة او خاصة أو منافع أخرى، ولا يمكن لطريقة جواب المؤازر”ماخصناش نهضرو فتلفون” و “ما تقلوش” أن تدل بحال من الأحوال على ارتكابه لأحد الأفعال المجرمة بموجب المادة 62 من القانون التنظيمي 11-28، مع الإشارة إلى أن نطاق المتابعة يحدده قرار قاضي التحقيق الذي أسس فقط على الادعاء بتقديم تبرعات نقدية ولم يؤسس نهائيا على غير هذه الواقعة .
الدفع بخرق قواعد تطبيق القانون .
إن القرار الاستئنافي عندما قضى بثبوت جنحة محاولة الحصول على أصوات الناخبين بفضل تقديم تبرعات نقدية بقصد التأثير في تصويت هيئة من الناخبين أو بعض منهم طبقا لمقتضيات المواد : 62 -64 – 65- 66 من القانون التنظيمي رقم : 28/11 المتعلق بمجلس المستشارين الصادر بتاريخ : 21/11/2011 ، في حق العارض ، فإنه سقط في خلط غير مبرر من الناحيتين الواقعية والقانونية ، حيث جاء في مضمون القرار ما يلي : ( إن المحكمة اقتنعت بثبوت الجنحة المذكورة وبكل عناصرها التكوينية في حق المتهمين معا ، وتبين لها أن محكمة الدرجة الأولى حين قضت بمؤاخذتهما من أجلها وقد أحاطت جيدا بكل جوانب القضية واقعا وقانونا ، وبنت حكمها على أساس سليم فجاء مصادفا للصواب ولا يسعها سوى تأييده ) .
لكن، بالرجوع إلى العناصر التي تمت مناقشتها ، يتبين أن القرار الاستئنافي لم يوضح الواقعة الأساسية التي اعتمد عليها وهي “محاولة الحصول على أصوات ناخبين بفضل تقــديم تبرعـات نقدية ” الوضوح الكافي الذي يسمح بتطبيق القاعدة القانونية على هذه الواقعة بشكل واضح وخال من اللبس ، لأن مفهوم ” المحاولة ” مفهوم مادي يصعب تطبيقه على محاولة الرشوة ، فهذا المفهوم اذا كانت شروطه دقيقة ومعروفة في الفصل 114 من القانون الجنائي الذي ينص : ” كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بإعمال لا لبس فيها ، تهدف مباشرة الى ارتكابها ، اذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الاثر المتوخى منها إلا لظروف خارج عن إرادة مرتكبيها ، تعتبر كالجناية التامة ويعاقب عليها بهذه الصفة “.
كما أن الفصل 115 من نفس القانون لا يعاقب على المحاولة إلا بمقتضى نص خاص .
فالقرار المطعون فيه لم يناقش جريمة المحاولة بعناصرها القانونية خاصة الظروف الخارجية التي حالت دون تنفيذ الجريمة ، إذ على فرض صحة الوقائع التي تأسست عليها الإدانة ، فإنه بالمقابل يمكن أن يكون عدم تنفيذ الجريمة سببه عدول إرادي من طرف المتهم ، وهي نقطة قانونية مرتبطة بالتكييف الصحيح للفعل .
إن المادة 62 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين الذي اعتمده القرار الاستئنافي تنص على مايلي :(يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم كل من حصل أو حاول الحصول على صوت ناخب أو أصوات عدة ناخبين بفضل هدايا أو تبرعات نقدية أو عينية أو وعد بها أو بوظائف عامة أو خاصة أو منافع أخرى قصد بها التأثير على تصويتهم سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو بواسطة الغير أو استعمل نفس الوسائل لحمل ومحاولة حمل ناخب أو عدة ناخبين على الإمساك عن التصويت …).
وحيث إنه بمقارنة النصين القانونيين المذكورين أعلاه ، يلاحظ أن القرار الاستئنافي لم يتطرق بشكل أو بآخر إلى أن الطاعن السيد(م) هو من حصل أو حاول الحصول على صوت ناخب أو أصوات عدة ناخبين سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وإنما الذي يشير إليه القرار هو السيد(خ) الذي اتصل بالعارض ، ولم يصدر عنه فعل يمكن أن يشكل محاولة بطريقة غير مباشرة ، مما يعني أن النص القانوني الذي طبق على واقعة محاولة الحصول على أصوات الناخبين لا تمت بصلة بالعارض ، وبالتالي فإن معاقبته تمت بناء على وقائع منسوبة إلى شخص آخر .
الشيء الذي يكون معه تطبيق المادة 62 الآنفة الذكر على المنوب عنه قد جاء خطأ، مما يقتضي نقض هذا القرار.
الدفع بخرق بعض المقتضيات القانونية المرتبطة بحقوق المتهم وضمانات المحاكمة العادلة 108 ومايليها من ق.م.ج:
حيث إن محكمة الاستئناف ردت جميع الدفوع الشكلية المثارة من طرف العارض قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر واعتبرت المساطر المنجزة أثناء البحث والتحقيق سليمة .

بالنسبة لمسطرة التنصت :
جاء في تعليلات القرار الاستئنافي ” حيث إن الثابت من أوراق القضية أن التنصت على مكالمات المتهمين تم بموجب أمر صادر عن السيد قاضي التحقيق بناء على ملتمس تقدم به السيد الوكيل العام للملك وذلك كله طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة اعلاه التي تخول لقاضي التحقيق القيام بهذا الإجراء دون قيد أو شرط سوى ضرورة البحث وبالتالي فإن ما عابه الدفاع على الإجراء المذكور يبقى بعيدا عن أي أساس ويتعين رده .
وحيث إنه فضلا عن ذلك ليس بمقتضى المادة المذكورة ما يمنع ضابط الشرطة القضائية المنتدب لإجراء التنصت من القيام به شخصيا دون الاستعانة بموظف الاتصال فيكون الدفع في هذا الجانب أيضا مجردا من أي أساس ويتعين رده .
وحيث من جهة أخرى واستنادا لنص المادة المذكورة (الفقرة الثانية) فإن صلاحية السيد قاضي التحقيق لإجراء التنصت على المكالمات الهاتفية أو غيرها من وسائل الاتصال عن بعد غير مرتبط بنوع معين من أنواع الجرائم ويمكن القيام به بالنسبة لجميع الجرائم فيكون الدفع في هذا الجانب غير مؤسس ويتعين رده ”
لكن حيث إنه بالرجوع الى أمر السيد قاضي التحقيق بعد المتابعة جزئيا وبالإحالة على المحكمة الابتدائية بالناظور، فإن السيد الوكيل العام للملك تقدم بملتمس في إطار الفصل 108 وما يليه من قانون المسطرة الجنائية، يرمي إلى التقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل اتصال عن بعد من طرف العارض ومن طرف المسمى (خ).
وإنه بالرجوع إلى المقتضيات القانونية المنظمة لموضوع التصنت، يلاحظ أن إمكانية التقاط المكالمات الهاتفية في القانون المغربي تعتبر استثناء ضيقا من مبدأ عام يكفل وجوب احترام وتقديس الحرية في التواصل وضمان نزاهة ومصداقية وسائل الاتصال المختلفة احتراما أيضا لقدسية الحياة الخاصة للأفراد كمبدأ دستوري أقرته أيضا كل المواثيق الدولية، لذا لم يسمح المشرع المغربي بهذه الإمكانية إلا في حدود ضيقة ووفق مسطرة دقيقة وفي جرائم محددة حصرتها المادة 108 الأنفة الذكر، في الجرائم التي تمس أمن الدولة أو الجرائم الإرهابية أو جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية أو الأسلحة والذخيرة أو بالمتفجرات واخذ الرهائن .
وحيث إنه ليس من بين الحالات المذكورة حصرا في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية الأفعال المرتبطة بالفساد الانتخابي، مما يجعل كل الاستنتاجات والتأويلات المبنية على هذه الوسيلة غير شرعية وفي حكم العدم.
ومن جهة ثانية فإنه تبين بعد الاطلاع على محضر الضابطة القضائية المدلى به، أن ضابط الشرطة القضائية كان قد استند في تنفيذه لأمر السيد قاضي التحقيق على مقتضيات المادتين 111 و 112 من قانون المسطرة الجنائية بشأن تحرير المحاضر الخاصة بالأصوات المسجلة وحجزها وكل ما يتعلق بهذا الإجراء.
وحيث إن هذه العملية تسبقها إجراءات قبلية تخص عملية وضع جهاز الالتقاط حسب المادة 110 من نفس القانون التي تنص على ما يلي: (يمكن للسلطة القضائية المكلفة بالبحث أو التحقيق أو لضابط الشرطة القضائية الذي تعينه أن تطلب من كل عون مختص تابع لمصلحة أو لمؤسسة موضوع تحت سلطة أو وصاية الوزارة المكلفة بالاتصالات والمراسلات، أو من أي عون مكلف باستغلال شبكة أو مزود مسموح له بخدمات الاتصال وضع جهاز للالتقاط).
وحيث إنه بإعمال قواعد تفسير النصوص الإجرائية، فإن ما تسمح به الإجازة المستثناة من أصل المنع هو ما تدل عليه صياغة النص وما عداه يبقى منعا مادام الاستثناء لا يعمل به إلا في حدود ضيقة.
وحيث أن مسالة وضع جهاز الالتقاط حسب المادة 110 الأنفة الذكر هو من صميم عمل العون التابع لمؤسسة الاتصال التي تملك الجهات القضائية وجهات التحقيق والضابطة القضائية التي تعني بهذا الغرض حق تقديم الطلب إليه ( الصفحة 182 من شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد الجزء 1 للدكتور الحبيب بيهي).
وحيث يتجلى من محضر ضابط الشرطة القضائية المدلى به المدون اسمه في محضر الحجز، أنه هو من وضع شخصيا جهاز الالتقاط وبذلك يكون قد باشر إجراء ليس من صميم عمله وتطاول على اختصاص جهة مكلفة قانونا وهي مؤسسة الاتصال، وهو ما يشكل مسا بإحدى مظاهر الضمانات التي أحاط بها المشرع وضع المتصنت عليه، ويكون الإجراء المذكور مخالفا لمقتضيات قانونية آمرة لان قواعد المسطرة الجنائية مرتبطة بالنظام العام مادامت قواعد الضمانات، وعملا بالمادة 751 من قانون المسطرة الجنائية فإن كل إجراء يأمر به القانون ولم يثبت انجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز.
وتبعا لما ذكر فإن جهاز الالتقاط قام به ضابط الشرطة القضائية وليس العون المكلف بمؤسسة الاتصال مما يجعل هذا الإجراء لم ينجز وفق مقتضيات المادة 110 من ق.م.ج ويعد بالتالي كأن لم ينجز ولا يلتفت إليه ولا تعتبر التسجيلات المضمنة بهذه المحاضر دليلا صالحا في الإثبات وما بني على باطل فهو باطل، مما يعني أن كل الاجراءات التي تمت مباشرتها في هذا الصدد غير شرعية وفي حكم العدم.
وثانيهما القول :
“ليس بمقتضى المادة المذكورة ما يمنع ضابط الشرطة القضائية المنتدب لإجراء التنصت من القيام به شخصيا دون الاستعانة بموظف الاتصال فيكون الدفع في هذا الجانب أيضا مجردا من أي اساس ويتعين رده”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الجزء من التعليل جاء في إطار مناقشة القرار للمادة 108 من ق.م.ج.
وحيث إن الواضح من تعليل محكمة الاستئناف أن القرار لم يستوعب دفوع الدفاع التي ناقشت مدى صحة إجراء التنصت من حيث قيام الضابط بنفسه بتثبيت جهاز الالتقاط دون استعانة بعون الاتصالات وذلك في خرق للمادة 110 من ق.م.ج .
وحيث إن عدم جواب محكمة الاستئناف على هذا الدفع في إطار المادة 110من ق.م.ج يعد تجليا لعيب انعدام التعليل، كما أن مناقشتها للدفع المذكور في إطار الفقرة الثانية من المادة 108 من ق.م.ج وفق الثابت من تعليل القرار المطعون فيه يعد تجليا لنقصان التعليل المنزل منزلة انعدامه، وسوء تطبيق القانون، لأن تلك الفقرة الثانية لم تنظم من الأساس إجراءات التنصت على المكالمات من حيث الاستعانة بعون الاتصالات.
وحيث ان القرار الاستئنافي في شق جوابه على الدفع، والتمسك بوجوب استعانة ضابط الشرطة القضائية بعون الاتصالات، قد خرق القانون من عدة زوايا، وتتجلى الزاوية الأولى في أن الإباحة فيما يتعلق بالتنصت على المكالمات التي يجريها الأفراد والمحاطة بالسرية كإحدى الحقوق الفردية ،هي الاستثـنــــاء والمـنـــع هو الأصـــــل ومن ثمة، فإن القول بعدم وجود ما يمنع ضابط الشرطة القضائية المنتدب لإجراء التنصت من القيام به أو بإحدى إجراءاته شخصيا قول يقلب قاعدة المنع المفترض الأصلي والإباحة غير المفترضة العرضية، وهو بذلك يخرق القانون والدستور والاتفاقيات الدولية.
وحيث إن التعليل المذكور لـــم يعتبر ما نصت عليه المادة 110 من ق.م.ج، فهذه المادة يجب أن تقرأ في سياق المنع المستصحب لأي عملية من عمليات التنصت، أو إجراء يساعد على انجاز هذه العملية إلا في إطار القانون، كما يجب أن تقرأ في السياق العام لقانون المسطرة الجنائية وللمنظومة التشريعية بصفة عامة.
وحيث إن قراءة المادة 110 في ظل استصحاب منع التنصت إلا في حدود ما يسمح به القانون تلك الحدود التي لا يمكن التوسع فيها، تلك القراءة ستفضي إلى نتيجة حتمية مفادها، وجوب استعانة الضابط بعون الاتصال لتثبيت الجهاز لأن الضابط غير مخول قانونا بذلك التثبيت، وغير مختص قانونا والمختص هو عون الاتصال، المؤتمن على السرية.
وحيث إن قراءة المادة المذكورة في سياق قانون المسطرة الجنائية يفضي أيضا إلى حتمية الاستعانة بعون الاتصال لأن كلمة “يمكن” التي استهلت بها المادة 110 لا تفيد التخيير بين الاستعانة بعون الاتصال أو من هو في حكمه، وبين إجراء تثبيت جهاز الالتقاط بصفة شخصية من طرف الضابط بــــل إنها تفيد التخويل أي منح إذن قانوني للضابط أو قاضي التحقيق بـــأن يطلب من عون الاتصال أو من كان في حكمه أن يجري عملية وضع جهاز الالتقاط متى تقرر اللجوء إلى إجراء التنصت.
وحيث إن هذا التخويل مفهوم لأن الأصل هو المنع كما أن ذلك العون ممنوع بقوة القانون في إطار الحفاظ على السرية من تمكين من لم يستثنيه القانون ووفق الإجراءات التي يحددها من إمكانية الاستفادة من خدمة تثبيت جهاز الالتقاط.
وحيث إن تفسير كلمة “يمكن” بمعنى التخويل يتضح من خلال المادة 114 من نفس القانون ونفس الباب والتي تنص على ما يلي:
” يمكن، قصد القيام بعمليات التقاط الاتصالات المأذون بها ……. الحصول على المعلومات …. من أي مستغل لشبكة عامة ……”ن القرار أا
وحيث إن “يمكن” التي صدر بها المشرع المادة 110 من ق.م.ج شقيقة “يمكن” التي صدر بها المشرع المادة 114 من نفس القانون، وهنا حق لنا أن نتساءل هل يجوز للضابط الذي كلف بالالتقاط أن يأخذ المعلومات التي حددتها المادة 114 بصفة مباشرة وشخصية ودون استعانة بمن حددتهم المادة المذكورة ؟
إن الجواب حتما واضح وهو لا.
وحيث إن وحدة المنطق التشريعي، وخلفياته الحقوقية، ووحدة الحقل الاصطلاحي، الذي يفرضه سياق استصحاب المنع، وسياق الإذن المقيد للالتقاط، يفرض التعامل مع “يمكن” المادة 114 بنفس التعامل مع “يمكن” المادة 110 وذلك باعتبارها للتخــويــــــــــل ولـيــــس للتخيـيــــر، فالالتقاط وأخذ المعلومات لا يمكن أن يتم إلا بإعانة عون الاتصال، ومن في حكمه، والذي لا يقدم المعونة إلى في حدود ما يسمح به القانون.
وكمثال آخر على معنى التخويل لكلمة “يمكن” الذي يحسم السياق في ترجيحه ما ورد بالفصل الخامس والخمسون من الدستور:
“يمكن للحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين …”
فــــ”يمكن” هنا أيضا تخول هذه الصلاحية للحكومة مع تعليقها على الاتفاق مع اللجان المعنية، ولا يمكن القول بأن “يمكن” تخير الحكومة بين الاتفاق وعدم الاتفاق مع اللجان.
وحيث إن قراءة المادة 110 في سياق السياسة التشريعية العامة فضلا عن اللغة التشريعية يفضي بشكل حتمي أكثر حسما إلى نفي فرضية التخيير وكمثال على ذلك ما جاء في الظهير الشريف 1.09.15 الصادر في 18 فبراير 2009 بتنفيذ القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي الذي تنص مادته رقم 23 في فقرتها الأولى على ما يلي:
“يجب على المسؤول عن المعالجة القيام بالإجراءات التقنية والتنظيمية الملائمة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من الإتلاف العرضي أو غير المشروع أو الضياع العرضي أو التلف أو الإذاعة أو الولوج غـيـر المرخـــص”.
فبالاستناد على هذا المقتضى القانوني يتضح أن كل المعطيات الشخصية بما فيها الصوت تخضع بالضرورة للسر المهني ووجود السند القانوني والأمر القضائي بالتنصت يفرض أن يتم هذا التنصت عبر القنوات وبالاستعانة بأمناء السر المهني في إطار ما أمر به القانون، نفس الشيء بالنسبة لأخذ المعلومات وهو ما يؤكد أن كلمة “يــمـكـــن” للتخــويـــــل ولـيــــس للتخيــيـــر.
وحيث إنه تبعا لذلك، وفي ظل وجوب استعانة الضابط المعني بعون الاتصال بصفة إلــزاميــة يتضح ان القرار المطعون فيه معيب بسوء التعليل، وسوء تطبيق المادة 108 من ق.م.ج، وخرق المادة 110 من ق.م.ج.
وحيث تمسك العارض بعدم دقة ترجمة المكالمتين الهاتفيتين خلال تفريغ محتواهما من طرف ضابط الشرطة القضائية، غير أن محكمة الموضوع ردت الدفع بعلة أن الضابط المذكور لم يشر إلى أنه يجهل اللغة الريفية أو أنه لم يفهم عبارات الحوار الذي دار بين الطرفين.
والحال ، أن ضابط الشرطة القضائية هو الذي وضع جهاز التنصت خلافا لمقتضيات المادة 110 من قانون المسطرة الجنائية الذي يوجب وضع جهاز التقاط من طرف عون مختص تابع لمصلحة أو لمؤسسة موضوع تحت سلطة أو وصاية الوزارة المكلفة بالاتصالات والمراسلات …، وإن منازعة الطاعن في ترجمة محتوى المكالمتين يدخل في الضمانات الأساسية التي يوفرها المشرع للمتهم ، ولا يقوم ما انتهى اليه القرار الاستئنافي سببا لعدم الاستجابة لطلب ترجمة محتوى المكالمتين الهاتفيتين ، ولا يلزم أن يشير ضابط الشرطة أنه يجهل لغة الحوار أو كونه لا يفهمها ، خاصة وأن المتهمين التمسا على الدرجة الابتدائية وكذا الدرجة الاستئنافية استدعاء الضابط المذكور للتأكد من واقعة عدم تكلمه باللغة الريفية ، وهو الملتمس الذي ردته المحكمة حسب الثابت من تعليلات الحكم الابتدائي وكذا القرار الاستئنافي الذي قضى برفض استدعاء الضابطين محرري محضر تفريغ محتوى المكالمتين الهاتفيتين.
وحيث إنه لما كان الدليل الوحيد بملف النازلة هو المكالمتين الهاتفيتين، فإن منازعة المتهمين في محتوى التسجيل ومضمونه ، وتمسكهما بعدم سلامة الترجمة يجعل هذا الدليل مشوبا بعدم الوضوح لا يمكن الركون إليه وحده في غياب ما يؤكد صحته وسلامته .
وحيث إن فساد تعليل القرار المطعون فيه واضح، إذ أن تمسك المؤازر والمتهم الثاني بعدم توافر الضابط على أهلية الترجمة مع استحضار عدم انتسابه للمنطقة، وبالتالي عدم افتراض إلمامه باللسان الريفي وبدقائقه وتنوعه لا يمكن أن يقتصر أثره على القول بان هذا الطعن ينصب على شكلية الترجمة بقدر ما ينصرف إلى المنازعة في مضمون الترجمة وإلا لكان طعنا عبثيا .
الدفع بخرق المادة 308 من قانون المسطرة الجنائية :
حيث إن الدفاع موقع هذه المذكرة أثار ابتدائيا ومن خلال الدفوع المثارة قبل كل دفع أو دفاع كون الاستدعاء الموجه إلى المؤازر باطل باعتبار خرقه للمادة 308 من قانون المسطرة الجنائية التي ألزمت تحت طائلة إعمال جزاء البطلان بوجوب أن يتضمن الاستدعاء مجموعة من البيانات منها الجريمة ومواد القانون المطبقة بشأنها.
وحيث إن محكمة الدرجة الأولى ردت هذا الدفع بعلة أنه تم استدعاء الظنين لجلسة أخرى، وهي جلسة 21/12/2015 باستدعاء جديد لم يكن محل طعن مضيفة أن الظنين حضر أمام المحكمة وتم تأخير الملف بناء على ملتمس مؤازره لإعداد الدفاع وأن الملف أدرج بجلسة 04/1/2016 التي نوقشت خلالها القضية لتخلص إلى القول بأن الدفع ببطلان الاستدعاء غير ذي موضوع محددة سندها الذي اعتمدته في المادة 310 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إن الطاعن أثار من خلال المرافعة التي تقدم بها الدفاع أمام الغرفة الاستئنافية كونه تمسك بالطعن المذكور أعلاه أمام محكمة الدرجة الأولى قبل كل دفع أو دفاع، محددا الأساس القانوني لطعنه، أي المادة 308 من قانون المسطرة الجنائية، واستشهد بقرارات صادرة عن محكمتكم الموقرة تؤكد كلها على وجوب تضمين الاستدعاء النصوص القانونية المعتمدة في المتابعة، وتؤكد على جزاء بطلان الاستدعاء متى خلا من نص القانون المعتمد في المتابعة .
وحيث إن عدم جواب المحكمة على دفوع الأطراف أو طلباتهم وعدم مناقشتها والبت فيها، يعد تجليا لعيب انعدام التعليل الذي يتحقق به أيضا عيب خرق حق الدفاع والحرمان من مناقشة الدفوع على درجتين من التقاضي باعتبارها من الإجراءات الجوهرية للمسطرة.
الدفع بخرق المادتين : 308 و 751 من قانون المسطرة الجنائية .
حيث إنه وكما سبقت الإشارة إلى ذلك فإن المؤازر تمسك ابتدائيا واستئنافا بخرق الاستدعاء الموجه إليه للمادة 308 وبالتالي بطلانه إعمالا للجزاء المنصوص عليه صراحة في نفس المادة.
وحيث إن محكمة الدرجة الأولى ردت الدفع المذكور بناء على تعليل فاسد سبق الإشارة إليه أعلاه، في حين أن محكمة الاستئناف لــــم تجب على تمسك المؤازر بخرق الحكم الابتدائي للمادة 308 من قانون المسطرة الجنائية وبطلان الاستدعاء وأيدت الحكم الابتدائي فيما عدا الإدانة على أساس الرشوة.
وحيث إن القرار الاستئنافي يكون تبعا لذلك قد خـــــرق المادة 308 من ق.م.ج وخــــــــــرق أيضا المادة 751 من نفس القانون والتي تنص على ما يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلي:
“كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز، وذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 442 المتعلقة بجلسات غرفة الجنايات.”
وحيث إن جزاء اعتبار الإجراء كأن لــم ينجز يعني اعتباره منعدمــا وهذا ما يصطلح عليه قانونا بالبطلان المطلق، وهو عين الجزاء الذي نص عليه المشرع في المادة 308 من ق.م.ج والتي خرقها الحكم الابتدائي والقرار المطعون فيه بالنقض.
وحيث إن رب قائل يقول أن محكمة الاستئناف تبنت تعليلات الحكم الابتدائي في شق ما لم يلغ، وهذا يدفع احتياطيا إلى مناقشة تعليل حكم الدرجة الأولى الذي ردت من خلاله تمسك المؤازر بخرق الاستدعاء للمادة 308 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إنه وقبل ذلك يود الطاعن أن يذكر، أنه وبعد إحالة الملف على المحكمة الابتدائية تقرر إدراجه بجلسة 23/11/2015، وهي التي لم يتوصل لها الطاعن وقررت المحكمة تأخير الملف إلى جلسة 28/12/2015، فتقدم السيد وكيل الملك بطلب تقريب الجلسة فاستجابت المحكمة لطلبه وقررت تقريب الجلسة بإدراج الملف بجلسة 07/12/2015، وبهذه الجلسة أيضا تقرر تأخير الملف لعدم توصل الطاعن وذلك لجلسة 21/12/2015، وهي الجلسة التي توصل لها الطاعن بموجب الاستدعاء الخارق للمادة 308 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إن الحكم الابتدائي سقط في تحريف واضح للوقائع المذكورة، باعتبار أن الطاعن توصل باستدعاء جديد لم يكن محلا لأي طعن، والحال أن الاستدعاء الذي توصل به وحضر بناء عليه هو الاستدعاء المتعلق بجلسة 21/12/2015، وقد أثــار الطاعن بـطــــلان الاستدعاء الذي توصل به قصد حضور جلسة 21/12/2015 وليـس 23/11/2015، وهو الاستدعاء الذي خلا من تحديد النصوص القانونية المعتمدة في تسطير المتابعة ،كما أن محكمة الدرجة الأولى التي قد يقال أن محكمة الاستئناف تبنت تعليل حكمها أســـــــــــاءت تطبيق المادة 310 من قانون المسطرة الجنائية.
ذلــــــــــــــك، أن المادة 310 من قانون المسطرة الجنائية تمنح الظنين أو المتهم في حالة اقتران بطلان الاستدعاء بحضوره الشخصي الخيــار بـيــــــــــــن حالتيــن ويتعلق الأمر :
إثارة بطلان الاستدعاء.
أن يطلب من المحكمة إصلاح ما يكون قد شاب الاستدعاء من أخطأ أو استيفاء أي نقص فيه.
وفي الحالة الأخيرة تكون المحكمة ملزمــة بإعطاء المتهم أو الظنين مهلة لإعداد دفاعه.
وحيث إنه تبعا لذلك، فإن المحكمة الابتدائية التي قد تكون محكمة الدرجة الثانية تبنت تعليلاتها تكون قد أساءت تطبيقا للمادة 310 من قانون المسطرة الجنائية لأن المؤازر آثر واختار التمسك ببطلان الاستدعاء وهو الأمر الذي كان معه على محكمة الدرجة الأولى وعلى محكمة الدرجة الثانية في إطار الطعن المرفوع إليها أن تـقـــــــــــــول ببطلان الاستدعاء، مع ما يترتب عن ذلك قانونا، لوضوح النص فيما يتعلق بتحديد الجزاء وضوحا يمتنع معه الاجتهاد.
وحيث إنه تبعا لذلك، يتضح بشكل لا يدع مجالا للشك خــــــــــرق القرار الاستئنافي في جميع الأحوال سواء اعتبر متبنـيــــــــــــا لتعليلات الحكم الابتدائي أو منــعــــــــــدم التعليل للمادة 308 و751 من قانون المسطرة الجنائية مع ســــــــوء تطبيق المادة 310 من نفس القانون في حالة اعتبار القرار الاستئنافي متبنيا لتعليل الحكم الابتدائي، مع التأكيد أن المؤازر لم يبلغ لحضور جلسة غرفة الجنح الاستئنافية قصد البت في طعن النيابة العامة في قرار قاضي التحقيق، ولم يبلغ بقرار الغرفة المذكورة المسطر للمتابعة في إطار الفصلين 248 و251 من القانون الجنائي.
الدفع بخرق مقتضيات المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية .
حيث إن دفاع الطاعن أثـــــار أمام محكمة الاستئناف مجموعة من الدفوع، متعلقة ببطلان الاستدعاء، وبطلان المسطرة المجرات سابقا، ومتعلقة بمسائل يتعين فصلها أوليا.
وحيث إن محكمة الاستئناف لـــم تتقيد بما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية كما يلي :
“يتعين على المحكمة البت في هذه الطلبات فورا، ولها بصفة استثنائية تأجيل النظر فيها بقرار معلل إلى حين البت في الجوهر”.
وحيث إن محكمة الاستئناف عوضا عن أن تبت في تلك الدفوع فورا أو تؤجل البت فيها إلى حين البت في الجوهر بقرار معلل، قضت بضمها إلى الجوهر، بــــــــدون تعلـيــل.
وحيث إن هذا يتحقق به خرق القرار المستأنف للمادة 323 من قانون المسطرة الجنائية، والمادة 751 من نفس القانون .
وحيث انه من جهة أخرى، فإن محكمة الدرجة الأولى وقعت في نفس الخطأ إذ قررت ضم الدفوع في شأن بطلان الاستدعاء وغيرها من الدفوع الشكلية إلى الجوهر بدون تعليل، وقد كان حريا بمحكمة الاستئناف في ظل إلزامها بضرورة تطبيق القانون المناسب للنازلة ولو لم يطلب الأطراف منها ذلك أن تلغـــــي الحكم الابتدائي للعلـــة المذكورة، وهو ما يجعل القرار الاستئنافي معيبــــــــــــا بخرق القانون من هذه الزاوية أيضا .
الدفع بخرق مقتضيات المادة 1 من قانون المسطرة الجنائية والمواد : 111 و289 و 751 من نفس القانون :
حيث إن كل مواطن بل كل إنسان متمتع بقرينة البراءة وهذه القرينة لا يمكن أن تنتفي إلا بقيام حجة قاطعة على ارتكاب هذا الشخص لفعل مجرم على أن يتم الإثبات وفقا للشكليات التي حددها القانون.
وحيث إن الطاعن أدين في ملف نازلة الحال بناء على ما سطر في محضر غير نظامي إذ حرر من طرف شخص غير مؤهل لتحريره، وبيان ذلك أن السيد قاضي التحقيق اسند مهمة التقاط المكالمات إلى رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية وقد كان حريا بهذا الأخير أن ينجز المهمة بصفة شخصية ويحرر المحضر تبعا لذلك بصفة شخصية لوضوح المادة 112 من قانون المسطرة الجنائية التي تقصر إمكانية تحرير محضر نقل محتويات الاتصال على الضابط المكلف بذلك من طرف السلطة القضائية.
ذلــــــك، أنه بالرجوع إلى الأمر بالتقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، الصادر عن السيد قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالناظور، بتاريخ 29 شتنبر 2015، وذلك في الملف رقم 190-13-15 نجد أنه جاء فيه ما يلي:
“نأمر بإسناد تنفيذ هذا الأمر للسيد رئيس المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالناظور.”
وحيث إن الضابط الذي حرر محضر التقاط المكالمة وقام بتوقيعه ونقل محتوى الاتصال حسب فهمه، لــم يكلــف قـــط من طرف السلطة القضائية بالتقاط الاتصال، مما يجعله غيـــر مؤهــــل للقيام بهذه المهمة الضبطية الخاصة التي لا يكفي فيها مجرد التوافر على صفة ضابط الشرطة القضائية بـــل يلزم بالإضافة إلى ذلك التكليف الخاص للقيام بها من طرف السلطة القضائية المكلفة.
وحيث إن مثل هذا المحضر لا يمكن مهما تضمن من الوقائع أن يكون أساسا لنفي قرينة البراءة، مما يكون معه القرار المطعون فيه بالنقض خارقا للمادة 1 من ق.م.ج، لأن الإدانة لم تؤسس على أساس ومن ثمة فإنها أسست على محاكمة تفتقر لشروط المحاكمة العادلة كما أن القرار المذكور معيب أساسا بخرق المادة 112 من ق.م.ج والمادة 289 و 751 من نفس القانون.
لكن على غرار هذه الخروقات التي شابت القرار الاستئنافي الآنف الذكر عمل المتهم على تقديم الطعن بالنقض بواسطة دفاعه فأصدرت محكمة النقض القرار التالي:
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
القرار عدد: 1411/3
المؤرخ في:26/10/2016
ملف جنحي القسم الثالث
عدد: 11845/6/3/2016
——————
ضد
النيابة العامة
بتاريخ 26/10/2016
إن الغرفة الجنائية، القسم الثالث بمحكمة النقض في جلستها العلنية أصدرت القرار الاتي نصه.
بين:————————- الطالب.
وبين النيابة العامة.
بناء على طالب النقض المقدم من (ع.س) بمقتضى ثلاث تصريحات، الأول أفضى به بواسطة الأستاذ عصام الزياني بتاريخ 20/04/2016، والثاني بواسطة الأستاذ سليمان بوراس بتاريخ 25/04/2016، والثالث بواسطة الأستاذ عبد الله المارودي بتاريخ 26/04/2016 لدى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بالناظور الرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بها بمحكمة الاستئناف بالناظور الرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بها في القضية عدد 90/16 بتاريخ 19/04/2016 القاضي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من مؤاخذته من أجل جنحة تقديم الرشوة وتصديا التصريح ببراءته وبتأييده فيما قضى به من إدانته من أجل جنحة محاولة الحصول على أصوات ناخبين بفضل تقديم تبرعات نقدية بقصد التأثير في تصويت هيئة من الناخبين أو بعض منهم بثمانية اشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 10000 درهم.
إن محكمة النقض
بعد أن تلى المستشار السيد المصطفى البعاج التقرير المكلف به في القضية.
وبعد الإنصات إلى السيد إبراهيم الرزيوي المحامي العام في مستنتجاته.
وبعد المداولة وطبقا للقانون
نظرا لعريضة النقض المدلى بها من لدن طالب النقض الموقعة من طرف الأستاذ الحسين الزياني المحامي بهيئة وجدة والأستاذ عبد الله الماوردي المحامي بهيئة الرباط المقبولين للترافع أمام محكمة النقض التي جاءت مستوفية للشروط المنصوص عليها قانونا.
في شأن الفرع الثاني من الوسيلة الثالثة المتخذ من خرق بعض المقتضيات القانونية المرتبطة بحقوق الطاعن وضمانات المحاكمة العادلة، ذلك أن الطاعن تمسك بعدم دقة ترجمة المكالمتين الهاتفيتين خلال تفريغ محتواهما من طرف الشرطة القضائية، غير أن محكمة الموضوع ردت الدفع بعلة أن الضابط لم يشر إلى أنه يجهل اللغة الريفية أو أنه لم يفهم عبارات الحوار الذي دار بين الطرفين، والحال أن ضابط الشرطة القضائية هو الذي وضع جهاز التنصت خلافا لمقتضيات المادة 110 من قانون المسطرة الجنائية الذي يوجب وضع جهاز التقاط من طرف عن مختص تابع لمصلحة أو لمؤسسة موضوعة تحت سلطة أو وصاية الوزارة المكلفة بالاتصالات والمراسلات، وأن منازعات الطاعن في ترجمة محتوى المكالمتين يدخل في الضمانات الأساسية التي يوفرها المشرع للمتهم، ولا يقوم ما انتهى إليه القرار الاستئنافي سببا لعدم الاستجابة لطلب ترجمة محتوى المكالمتين ولا يلزم أن يشير الضابط إلى أنه يجهل لغة الحوار أو كونه لا يفهما، خاصة أن الطاعن التمس سواء أمام محكمة الدرجة الأولى أي محكمة الدرجة الثانية استدعاء الضابط للتأكد من واقعة عدم تكلمه باللغة الريفية، وهو الملتمس الذي ردته المحكمة علما أن الدليل الوحيد بملف النازلة هو المكالمتين الهاتفيتين، وبالتالي فإن منازعة الطاعن في محتوى التسجيل ومضمونه وتمسكه بعدم سلامة الترجمة يجعل هذا الدليل مشوبا بعدم الوضوح لا يمكن الركون إليه وحده في غياب ما يؤكد صحته وسلامته.
بناء على مقتضيات المادتين 365 و 370 من ق.م.ج .
حيث إنه بمقتضى المادة 365 في بندها الثامن والمادة 370 في بندها الثالث من ق.م. ج فإن كل حكم أو قرار يجب أن يحتوي على الأسباب الواقعية والقانونية التي بني عليها وإلا كان باطلا، وأن نقصان التعليل ينزل منزلة انعدامه.
حيث إنه فضلا على كون محكمة القرار لم تناقش مقتضيات المادة 110 من ق.م.ج التي لا تمنح صراحة لضابط الشرطة القضائية صلاحية وضع جهاز التقاط المكالمات الهاتفية بنفسه وإنما ألزمته باللجوء إلى العون المختص التابع لمصلحة الاتصالات و المراسلات، فإنها لما ردت الدفع المتعلق بعدم الاستعانة بترجمان يتقن اللغة الريفية خلال تفريغ محتوى المكالمتين موضوع القضية عللته بكون الضابط الذي أنجز العملية لم يشر إلى أنه يجهل اللغة الريفية أو أنه لم يفهم عبارات الحوار الذي دار بين الطرفين، وأنه من العبث إلزامه بالاستعانة بترجمان خاصة أن الطاعن خلال جميع مراحل القضية لم ينازع بشكل جدي في العبارات الواردة في محضر التفريغ بعد ترجمتها ولم يرد في جميع أقوله ان مدلولها مخالف لما سطر في المحضر.
لكن حيث إنه من جهة أولى فإن المحكمة لما اعتبرت أن الطاعن لم ينازع بشكل جدي في العبارات الواردة في محضر التفريغ بعد ترجمتها، والحال أنه ثابت من خلال حيثيات القرار المطعون فيه ومحضر الجلسة الصحيح شكلا أنه تقدم بدفع نظامي يؤكد من خلاله عدم أهلية الضابط للقيام بعملية الترجمة من اللهجة الريفية إلى اللغة العربية، وهو ما يشكل واقعا وقانونا منازعة في مدلول العبارات المضمنة بمحضر التفريغ، والمحكمة لما اعتبرت أن هذه المنازعة ليست جدية تكون قد جهلت قضاءها بخصوص هذه النقطة فاسدة التعليل يوازي انعدامه.
وحيث إنه من جهة ثانية فإنه بالرجوع إلى المادة 112 من ق.م.ج يتضح أن السلطة القضائية المكلفة بالبحث أو التحقيق أو الضابط المكلف من طرفها ينقل كتابة محتويات الاتصال المفيدة لإظهار الحقيقة التي لها علاقة بالجريمة، ويحرر محضرا عن هذا النقل يوضع في ملف القضية، وأنه ينقل كذلك كتابة الاتصالات والمراسلات التي تمت بلغة غير اللغة المستعملة أمام المحاكم بمساعدة ترجمان يسخر لهذا الغرض كما أنه يستعين بذوي الاختصاص للتعرف على الرموز والألغاز، ومحكمة القرار عندما اعتبرت أن الضابط لما يشر بمحضر تفريغ المكالمتين إلا أنه يجهل اللغة الريفية فإن بإمكانه الاستغناء عن الترجمان تكون قد حادت عن التطبيق الصحيح للمادة المذكورة أعلاه التي توجب بشكل صريح لا يقبل التفسير أو التأويل الاستعانة بترجمان كلما تعلق الأمر بلغة أخرى غير اللغة العربية، خاصة أن إجراء التقاط المكالمات الهاتفية أحاطها المشرع بمجموعة من الضمانات ومن بينها ضرورة الاستعانة بمترجم يجب أن يتوفر فيه شرط الحياد لفهم محتوى ومدلول المكالمات بشكل واضح لا يحتمل الإبهام أو الغموض وذلك من قبل شخص يتقن هذه اللغة ويلم بأدق تفاصيلها، وهي عندما قضت على النحو المذكور أعلاه تكون قد جعلت قضاءها مشوبان بنقصان التعليل وفساده مما يستوجب النقض والإبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة يقتضي إحالة القضية والأطراف على محكمة الاستئناف بوجدة.
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة لبحث باقي الوسائل المستدل بها على النقض.
قضت بنقض وإبطال القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالناظور بتاريخ 19/04/2016 في الملف الجنحي عدد 90/16 وإحالة القضية على محكمة الاستئناف بوجدة للبت فيها من جديد طبقا للقانون وبإرجاع مبلغ الوديعة لمودعه وتحميل الخزينة العامة الصائر.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر القرار المطعون فيه أو بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض الكائنة بشارع النخيل حي الرياض بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة : محمد بن حمو رئيسا والمستشارين السادة المصطفى البعاج مقررا، وزكرياء كنوني ومصطفى نجيد ومحمد زحلول وبمحضر المحامي العام السيد إبراهيم الرزيوي وبمساعدة كاتب الضبط السيد عزيز ايبورك.
الرئيس المستشار المقرر كاتب الضبط
وحيث إنه بعد النقض والإحالة تم مناقشة القضية أمام غرفة الجنح الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بوجدة فأصدرت بتاريخ: 08/05/2017 القرار رقم:1637 في الملف الجنحي عدد:85/2017 القاضي :” – في الشكل بقبول الاستئناف – في الموضوع: إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به وتعديل الحكم من جديد بعدم مؤاخذة المتهمين من أجل ما نسب إليهما والتصريح ببراءتهما منه وتحميل الخزينة العامة الصائر على الدرجتين”.

حيث انه أثناء مناقشة قضية أمام القضاء الزجري بناء على شكاية مباشرة سبق تقديمها أمام السيد قاضي التحقيق تفضل الدفاع بإثارة مجموعة من الدفوع الأولية المتمثلة تفصيلا وتحليلا في الآتي:
الدفع بخرق مقتضيات المادة 92 من قانون المسطرة الجنائية:
يتعين على المدعي في الشكاية المباشرة أن يعلن صراحة في استدعائه المباشر أنه ينصب نفسه مطالبا بالحق المدني، ويحدد مبلغ التعويض عن الضرر الذي يدعيه.
وهكذا تنص المادة 92 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:” يمكن لكل شخص إدعى أنه تضرر من جناية أو جنحة أو ينصب نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمام قاضي التحقيق المختص…”
وحيث إن الشكاية المباشرة أو الاستدعاء المباشر لتحريك الدعوى العمومية، هو أساسا دعوى مدنية تهم مصالح المتضرر الشخصية، ولا نيابة له على المجتمع ، وبالتالي فإن شكايته ترمي إلى جبر الضرر الحاصل له شخصيا والناتج مباشرة عن الجريمة ،مما يستلزم وجوبا وتحت طائلة عدم القبول تحديد مبلغ التعويض منذ الوهلة الأولى في الشكاية المباشرة لأنه أساس هذه الشكاية، و يكون التعويض المطالب به يدخل ضمن الاختصاص القيمي للمحكمة الابتدائية، وهو ما جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 1084-الصادر بتاريــــــــــــــــــخ:
23-07-1982 في الملف الجنائي عدد 68827 ” أنه لا يكفي لتحريك الدعوى العمومية أن يقدم المتضرر شكاية يبين فيها وقائع الفعل الإجرامي بل يجب أن يعبر عن رغبته في المطالبة بالحق المدني ويحدد مبلغ التعويض عن الضرر الذي حصل له”.
كما أنه ملزم بأداء الرسوم القضائية طبقا للقانون المنظم للمصاريف القضائية سيما المادة 54 من القانون المنظم للرسوم الجنائية التي تنص: ” يجب على المدعي بالحقوق المدنية غير المتمتع بالمساعدة القضائية أن يودع بكتابة الضبط، وإلا كانت دعواه غير مقبولة، المبلغ المفترض أنه ضروري لتسديد جميع مصاريف الإجراءات إذا رفع قضيته مباشرة إلى قاضي التحقيق أو إلى المحكمة وفقا لقانون الإجراءات الجنائية…”
بحيث إن المشتكي في الشكاية المباشرة ملزم بأداء مصاريف الدعوى التي يحددها قاضي التحقيق أو المحكمة، وكذا الرسوم القضائية بصفة تلقائية دون إنذار من المحكمة، وهذا ما أكده المجلس الأعلى بقوله “الطرف المدني ملزم بأداء الرسوم القضائية وإلا فإن مطالبه تكون غير مقبولة، ويتم الأداء تلقائيا دون إنذار من المحكمة”.
وحيث يتجلى من الشكاية المباشرة الأولـــــى المــــؤرخــــة فـــــــــي 04-12-2015 المودعة في 29-01-2015 أنها لم تحدد مبلغ التعويض، ولم يعلن المشتكي انتصابه طرفا مدنيا إلا في ملتمسه النهائي دون الإعلان صراحة على تحريك الدعوى العمومية بصفته تلك، كما أنه لم يؤد الرسوم القضائية.
وقد بادر المشتكي إلى أداء مبلغ 100 درهم في 12 فبراير 2016 دون بيان ما إذا كان الأمر يتعلق بالوديعة الجزافية أم الرسوم القضائية؟
وفي المذكرة الثانية للمشتكي المؤرخة في 04-03-2016،حدد مبلغ التعويض في ثلاث ملايين درهم، وكأنه ينتصب لأول مرة كطرف مدني، وهذا أمر غير مقبول في الادعاء المباشر.
ولما كان الأمر كذلك فإن المطالبة الثانية تفتقر تماما إلى شروط تحريك الدعوى العمومية عن طريق الاستدعاء المباشر، بما في ذلك ذكر الهوية الكاملة للأطراف، حيث اكتفت المذكرة الثانية على ذكر الاسم والعنوان، وهذا مخالف للقانون سيما المقتضيات المتعلقة بتحديد هوية الأطراف، والمادة 365 من ق.م.ج التي توجب في الأحكام ” بيان أطراف الدعوى المحكوم فيها مع تعيين الاسم العائلي والشخصي للمتهم وتاريخ ومحل ولادته وقبيلته وفخذته ومهنته ومحل إقامته وسوابقه القضائية ورقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء…”
الدفع بخرق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 95 من قانون المسطرة الجنائية :
حيث أوجبت الفقرة الثانية من المادة 95 من قانون المسطرة الجنائية إشعار الوكيل القضائي للمملكة إذا أقيمت الدعوى العمومية ضد شخص ينصرف عليه مفهوم الموظف العمومي.
وإنه بناء على مقتضيات المادة 224 من القانون الجنائي فإنه” يعد موظفا عموميا، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي، كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه، في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية أو الهيأة البلدية، أو المؤسسات العمومية أو مصالح ذات نفع عام…”.
وحيث إنه بالرغم من إثارة دفاع المتهم لهذه الدفوع سواء أمام السيد قاضي التحقيق أو أمام المحكمة الابتدائية خلال رواج الملف إلا أنها انتهت بعدم قبولها.
لكن ان محكمة الاستئناف كان لها رأي آخر و قضت: في الشكل بقبول الاستئناف، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المتهم و الحكم تصديا بعدم قبول الشكاية المباشرة شكلا لجدية الدفوع الشكلية المثارة مما يتعين ترتيب الاثار القانونية عليها.( القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة في الملف الجنحي عدد:1567/2019 بتاريخ :02/12/2019 تحت رقم 4772).

الاخبار العاجلة