حساين محمد
بمشاركة علماء ومثقفين مغاربة وأجانب، وحضور عدد كبير من المريدين والمحبين من داخل المغرب ومن خارجه، أحيت مساء السبت 21 من الشهر الجاري بالزاوية الأم بمذاغ –إقليم بركان ( الجهة الشرقية للمملكة المغربية )، مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال، الذكرى السادسة لوفاة الشيخ حمزة القادري بودشيش، الشيخ السابق للطريقة القادرية البودشيشية.
وفي مداخلة حفيد الشيخ سيدي حمزة، و نجل الشيخ الدكتور مولاي جمال الدين القادري بودشيش: الدكتور مولاي منير القادري ، اعتبر أن هذه المناسبة تستدعي الاعتراف بفضل جهود الشيخ سيدي حمزة في خدمة الاسلام، و نشر أسس التربية على القيم الاخلاقية الروحية ، والمساهمة في اشعاع الاسلام ومقاصده القائم على الوسطية والاعتدال واحترام الآخر، بواسطة منهج معتدل ملائم للسياق المعاصر.
وذكر في هذا الصدد ان صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله بعث ببرقية تعزية إثر وفاة الشيخ حمزة القادري إلى نجله الدكتور مولاي جمال الدين القادري بودشيش -شيخ الطريقة الحالي-، والتي جاء فيها “فقد تلقينا ببالغ التأثر وعميق الأسى نبأ وفاة المشمول بعفو الله تعالى ورضاه والدكم المبرور، العلامة الجليل، فضيلة الشيخ حمزة القادري بودشيش، تلقاه الله في عداد الصالحين من عباده، المشمولين بالمغفرة والرضوان”، وجاء فيها أيضا ، “وبهذه المناسبة المحزنة، نعرب لكم… عن أحر تعازينا وأصدق مواساتنا في وفاة أحد العلماء الأخيار والمشايخ الأبرار ….”.، وأضاف جلالته “و إننا لنستحضر، في هذا الظرف الأليم، ما كان يتحلى به الراحل من مكارم الأخلاق، ومن غزارة في العلم، وسعة في الفقه”، مبرزا جلالته أن الشيخ حمزة، رحمه الله،
كان “شيخا قائما على سنن الطريقة الروحية الصوفية السنية، ممن تواصل بهم، في هذه المملكة، سند التربية على توحيد الله بالحال والمقال، واستفاد من صحبته وإرشاده القاصدون الطالبون لهذا المنبع الصافي، سواء في داخل المغرب أو خارجه”.
وأبرز جلالة الملك أن مورد الشيخ حمزة مثل “منبعا من منابع التزكية الروحية، سيرا على النهج القويم الذي ما فتئنا ندعو إليها بصفتنا أمير المؤمنين، والحض على الأخذ بجوهر الدين، الذي هو إخلاص التوجه إلى الله، وتعظيم ثوابت المملكة، والنصح بدعم مسيرتها في الاستقرار والنماء”.
وأشار جلالة الملك في ذات البرقية إلى أن الراحل “كرس حياته، رحمه الله، لخدمة الإسلام، ونشر تعاليمه السمحة، في تشبث راسخ بالمقدسات الوطنية والثوابت الروحية للأمة المغربية، والتزام قوي بمكانة ودور إمارة المؤمنين، وولاء مكين للعرش العلوي المجيد”.
للإشارة فإن الشيخ سيدي حمزة بن العباس رحمه الله من مواليد سنة 1922 بقرية مداغ من إقليم بركان شرق المغرب، وأنه حفظ القرآن الكريم وتلقى علوم الشريعة الاسلامية بزاوية أسرته العريقة أولا، فأخذ علوم الفقه واللغة والنحو عن الفقيه العلامة سيدي أبي الشتاء الجامعي، والفقيه العلامة سيدي محمد بن عبد الصمد التجكاني، والفقيه العلامة سيدي علي العروسي اليزناسني والفقيه العلامة الحاج حميد الدرعي.
وأنه تابع التحصيل والتكوين بمدينة وجدة في المعهد الإسلامي، التابع لنظام جامعة القرويين يومئذ، وأخذ فيه عن أعلام منهم سيدي أبو بكر بن زكري، ناظر الأحباس، وسيدي عبد السلام المكناسي وسيدي محمد بن إبراهيم اليزناسني وسيدي محمد الفيلالي وسيدي الحبيب سيناصر، وبزاوية أسلافه الكرام، يزداد نجمه، في سماء العلم، وذلك سنة 1940م تحت إشراف العلامة المحقق سيدي محمد الكبداني، فيضطلع العالم اليافع بمهمة التدريس والتذكير خاصة في علوم النحو والفقه والسيرة النبوية، و في سنة 1942م ينتظم مع والده الجليل الشيخ العباس في سلوك طريق التربية والتحقيق على يد الشيخ سيدي أبي مدين بن المنور القادري البودشيشي.
و بعد وفاة والده الشيخ العباس رحمه الله في الثاني من فبراير 1972 اضطلع بأمر التربية والتوجيه في الطريقة القادرية البودشيشية، حيث قام بعملية تجديد واسعة، وعرفت الطريقة في عهده انتشارا واسعا، وإشعاعا عالميا، حيث انتشرت في القارات الخمس، في افريقيا وفي اروبا و في الولاية المتحدة و كندا، و في بعض دول آسيا كالهند والفيتنام، وفي جل الدول العربية و تركيا، وأصبح أغلب مريديها من الشباب ومن مختلف الطبقات .
هذا واشتهر الشيخ سيدي حمزة بمواقفه الوطنية ودفاعه عن ثوابت الهوية الدينية والوطنية للمغرب وعن مقدساته ورموزه وتشبته بإمارة المؤمنين .