– الأناضول: وجه أكاديميون أردنيون، في مجال علوم الشريعة والاجتماع والنفس، انتقادات وتحذيرات للمسهبين في نشر خصوصياتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تأتي تلك الانتقادات على خلفية ما يمكن أن تتسبب به مثل هذه التصرفات من “آثار سلبية”، سواء المتعلقة بتجاوز تعاليم الدين، أو تلك التي تستغل ضدهم من قبل الخصوم في عالم افتراضي مليء بالغرائب.
واعتبر هؤلاء المختصون أن الإمعان في نشر الخصوصيات عبر الحسابات الشخصية، سواء بنشر صور لوجبات الطعام والشراب، أو صور الأطفال، أو الرحلات، أو مناسبات الزواج والطلاق والموت والولادة، وحتى اللحظات الحميمية بين الأزواج والعشاق، تذهب في اتجاهات المحظور والمنهي عنه دينيا في بعض السلوكيات، وأخرى تعبر عن استخدام وفهم قاصر للغرض الذي وجدت من أجله تلك المواقع.
وقال أمين القضاة، عميد كلية الشريعة السابق في الجامعة الأردنية والأستاذ الحالي فيها، إن واحدة من السلوكيات التي نهى عنها الإسلام “تتمثل فيما ينشر عبر مواقع التواصل من العلاقات بين الأزواج، إذ نهى النبي محمد (خاتم المرسلين) عن إفشاء السر بين الأزواج وكذلك العلاقات فيما بينهما”.
واستند القضاة في رأيه على ما ورد عن النبي محمد، خاتم المرسلين، في حديث “إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سره”.
ويوجه القضاة الانتقادات لمن يقومون بنشر صور تتعلق بالولائم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ففضلا عن عدم مراعاتها للفقراء والمحتاجين، فهي “تدخل في باب الرياء (الإظهار والتباهي بالأفعال)، فتذهب من كونها إكراما للضيف الذي حث عليه الإسلام، إلى وصفها رياء ومباهاة منهي عنها”.
ومن زاوية التحليل النفسي للإمعان في نشر الخصوصيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ترى أستاذة علم النفس التربوي في جامعة مؤتة الأردنية وجدان الكركي، أنه “يمكن لأي جهة مختصة أن تفهم طبيعة الشخص عبر موقعه وصفحته على تلك المواقع، وعبر ما ينشره عليها من تعابير ورسوم وألوان”.
وقالت الكركي إن “كل صورة ولون وكتابة لها مدلولاتها، فالشخص الذي يقوم بنشر خصوصياته بشكل مستفيض يعَدّ غالبا شخصا منفتحا، إلا أن المبالغة في إظهار العلاقات العائلية والزوجية يمكن أن تعبر عن سلوك غير طبيعي بحاجة إلى مراجعة”.
ومضت قائلة: “على الإنسان أن يكون أكثر حذرا في استخدام خصوصياته ونشرها، فهو حينها يقوم بإعطاء معلومات مجانية عن نفسه لأي جهة تستهدفه”.
وحذرت الكركي من “التعامل أو التواصل مع الأشخاص غير المعرفين أو أولئك الذين ينشئون حسابات بأسماء وهمية، فهم غالبا ما يعبرون عن حالة نفسية من اللاوعي والمكبوت، ويمكن معها استغلال تلك الخصوصيات بشكل سلبي”.
ومن زاوية اجتماعية، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك الأردنية، عبد الخالق الختاتنة، أن “الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يجدون فيها متنفسا كبيرا لايصال سلوكياتهم وتصرفاتهم التي يعتقدون أنها تسوقهم عند الآخرين، ولهذا يقومون بإقحام العامة بمجموعة من السلوكيات والتصرفات والاعتزاز بالذات عبر “فيسبوك” و”توتير” وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي”.
وبرأي الختاتنة، فإن ذلك يعود ل “كون المساحات الحقيقة لواقع أولئك الأشخاص الاجتماعي لا تمكنهم أو لا يستطيعون أن يعبروا من خلالها عن ذواتهم وما يحيط بهم من جوانب متعددة، وهم يجدون في شبكات التواصل الاجتماعي فرصة تنقلهم من واقعهم الذاتي الاجتماعي المحصور والضيق إلى عالم افتراضي متشابك متعدد الأطراف، يحاولون من خلاله رؤية أنفسهم والردود عليها عبر المرآة الافتراضية”.
ومضي الختاتنة قائلا: “بصرف النظر عن ردود الأفعال في تلك المواقع وصدقها من عدمه، فإن المتلقي يعتقد بإيجابياتها أكثر من سلبياتها، وهو يفترض أنه كلما أغرق في الخصوصية سوّق ذاته واكتشفها، إلا أنه في جميع الأحوال فإن مواقع التواصل الاجتماعي وجدت لأغراض أخرى، هدفها الأساس والأسمى هو التفاعل وإيصال الأفكار في قضايا عامة وليست خاصة”.
وتأتي التحذيرات والانتقادات التي وجهها المختصون الأردنيون بعد تحذيرات أطلقتها إدارة البحث الجنائي في جهاز الشرطة الأردني قبل يومين من تداول الصور الشخصية، خاصة للفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية المحمولة، تحسبا من عواقب وخيمة.
وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة عن جهاز الشرطة الأردني، فإن عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن البالغ تعداد سكانه نحو 6 مليون و800 ألف نسمة، وصل إلى حوالي خمسة ملايين مستخدم، في حين أن عدد الحسابات المنشأة على موقع التواصل الاجتماعي وصل إلى نحو أربعة ملايين حساب.