فيديو…”التبوريدة تراث مغربي أصيل” في الدورة السادسة للمهرجان الوطني لفن التبوريدة بعاصمة الشرق

Mohammed23 نوفمبر 2016آخر تحديث :

15107438_1216403688405895_8574057641133096478_n
“تعد التبوريدة فنا رياضيا من فنون الفروسية المغربية التقليدية والتي يرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي،وتمثل فرصة سانحة للتعرف على لوحات الفلكور المغربية التي تمجد البارود والبندقية بجانب التعريف بالثقافة والتراث المغربي العريق باعتباره مكونا من المكونات الأساسية للهوية المغربية والتي تعد ركنا أصيلا في تاريخ وحضارة المغرب،وتعتبر استحضارا لملاحمها العسكرية التاريخية،ورمزا للقوة والشجاعة والإقدام..وتعتبر تجسيدا للحرب،وتمتد أيضا إلى شعائر استعراض القوة والشجاعة،بل تصل رمزيتها أيضا إلى البعد النفسي،باعتبارها استعارة رمزية للفحولة”.
اقتصار ممارسة “التبوريدة” في الماضي على أعيان القبائل وذوي الثروة منهم
لا تخلو مدينة أو قرية بجهة الشرق من فرقة خيالة تشارك في الاحتفالات الوطنية وتحيي المواسم الشعبية التي تقام بها،وتميزها في المقابل عن باقي جهات البلاد،وتبدع هذه الفرقة التي يتوارثها أبناء المنطقة فنا تراثيا مغربيا أصيلا يدعى “فن التبوريدة” تعود جذوره لأيام مقاومة قبائل المغرب للغزاة المستعمرين،ولزمن معارك التحرير التي خاضوها لاسترجاع الثغور المغربية السليبة.وينظم عرض “التبوريدة” في ساحات فسيحة تحاكي ميادين القتال أو فضاء الاحتفالات التي كانت تحييها القبائل تخليدا لكل انتصار تحققه،فيما تنصب حول “ميدان التبوريدة” خيام تقليدية مغربية،تغص بالأهالي الذين يفدون من كل حي لمتابعة عروض “الفنتازيا”،وتوزع فيها كؤوس الشاي والحلويات التقليدية المغربية،وحين ترص صفوف الخيل،ويتم حشو البنادق الخشبية المرصعة بالنقوش التراثية المغربية بالبارود،ويستوي الخيالة الذين يرتدون “سلهاما وجلبابا مغربيا” يكون ذلك إيذانا ببداية العرض.ومع إعطاء “قائد السربة” أو “العلام” إشارة البداية تنطلق الخيول المدربة في العدو دفعة واحدة بينما يردد الخيالة بعض الأهازيج التي تعبر عن أمجاد فرقتهم وبطولات منطقتهم،وحين الاقتراب من خط الوصول يستعد الخيالة لإطلاق البارود بشكل جماعي،فمعيار نجاح “حركة سرب الخيالة” هو سماع الجمهور لطلقات بارود الفرسان وكأنها طلقة واحدة،ومتى نجحت الفرقة في توقيع عرضها باستعراض يتناغم فيه أداء كل أعضاء الفرقة إلا وتعالت هتافات تشجيع الجمهور وزغاريد النساء.ويكتسب الفارس الذي يجيد فن التبوريدة في المخيال الشعبي حظوة خاصة بين عشيرته،و يتلقى منذ الصغر تدريبا مكثفا على تقنيات ركوب الخيل،وإطلاق البارود،وحين يصل إلى درجة عالية من التمكن والألفة بينه وبين فرسه،ينبري لاستعراض مهاراته بالتنسيق مع باقي أفراد الفرقة أو ما يسمى ب”سرب الخيالة”.ويعد فن التبوريدة أحد الفنون الواسعة الانتشار في مختلف مناطق المغرب،إلا أن ممارسته في الماضي اقتصرت على أعيان القبائل وذوي الثروة منهم،بسبب ما تتطلبه تربية الخيول والاعتناء بها،وتسريجها من نفقات مالية باهظة.
تسويق عاصمة الشرق اقتصاديا وسياحيا وخلق فرص للشغل
على إثر اجتماع اللجنة المنظمة للمهرجان الوطني لفن التبوريدة بوجدة في دورته السادسة،المنعقد بتاريخ 25 أكتوبر المنصرم،الذي خصص لدراسة ملفات طلبات المشاركة.وبعد دراسة كافة الملفات،تبين أن عدد الطلبات فاق العدد المحدد،وحتى لا يكون هناك إقصاء أو حرمان بعض السربات وخاصة الواردة من خارج النفود الترابي لعمالة وجدة أنجاد،وإيماناً منها بالقيمة المعنوية لمشاركة الفرسان في مثل هذه التظاهرات،قررت اللجنة قبول جميع السربات والبالغ عددها 60 سربة من داخل الإقليم والجهة ومن خارجهما.والمهرجان الوطني لفن التبوريدة بوجدة في دورته السادسة نظمه مجلس عمالة وجدة أنكاد بشراكة مع مجلس جهة الشرق وجمعية سياحة بلا حدود أيام خامس وسادس وسابع نونبر الجاري،تحت شعار “فن التبوريدة تراث مغربي أصيل”،بغاية رد الاعتبار لواحة سيدي يحيى وخلق جسور التواصل بين الفرق والجمعيات التي تنشط في مجال تربية الخيول وفن التبوريدة بصفة خاصة،وتربية الناشئة والحفاظ على الموروث الثقافي الذي ورثه الآباء عن الأجداد لأعوام طوال.كما قام المهرجان بتسويق مدينة وجدة اقتصاديا وسياحيا وخلق فرص للشغل،واعتبر المهرجان،وفقا للمنظمين،مناسبة تاريخية لكافة السلطات والفاعلين المتدخلين في الشأن التنموي بصفة عامة ومجال الفرس بشكل خاص التفكير جديا في إعادة الاعتبار لقطاع الفروسية وتبويئه المكانة اللائقة به.وتوسيع وتشجيع تربية الفرس الأصيل بالمنطقة وإدماجه في النسيج الاقتصادي للجهة الشرقية وإحياء التراث الفني والحضاري المرتبط بالخيل،بالإضافة إلى تشجيع الفروسية الاستعراضية والرياضية وكذا المنتوج المتعلق بالفرس والفروسية.ومثل هذا المهرجان فرصة للتعريف بقطاع تربية الفرس البربري الأصيل بالجهة وعرض عتاد الفرس والفارس والوقوف عند خصوصيات المنطقة في هذا المجال،فضلا عن كونه فضاء لترجمة الطموحات الجهوية في مجال إدماج الفرس والفروسية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي،وكذا ملتقى للتفكير الجماعي وتبادل الخبرات بخصوص تجاوز الإكراهات والصعوبات التي يواجهها القطاع.وذكر سفيان مرجع “مايسترو” الابداع الحرفي الراقي في تنظيم المهرجان الوطني لفن التبوريدة بوجدة،بأن الدورة السادسة تميزت ببرنامج حافل بالأنشطة المواكبة التي ضمت عروضا استعراضية للفرق المشاركة بساحة واحة سيدي يحيى،تنظمت ندوة للتعريف بفن التبوريدة (تاريخه ونشأته) بمعهد الرقص والموسيقى ومعرضا للتعريف وعرض منتوجات ومستلزمات الفرس وفن التبوريدة برواق الفنون بساحة زيري بوجدة طيلة أيام المهرجان الذي اختتم بحفل رسمي وزعت خلاله الجوائز والشواهد على الفرق الفائزة في فن التبوريدة التي تتمتع بجاذبية قوية بسبب قدرتها على إبهار المشاهدين بفضل صبغة الغموض والأساطير التاريخية القديمة التي تجعلها تضفي تأثيرا وسحرا خاصين علي محبي تلك المشاهد،مع تكريم أكبر فارس تجاوز ال90 عاما.
إحياء رياضة الآباء والأجداد وتعزيز الثقافة والتراث
وفي تصريح ل”المنعطف” ذكر هشام الصغير رئيس المجلس الاقليمي لعمالة وجدة أنكاد،أن فن “التبوريدة/فانتازيا” هي “من الرياضات التراثية المغربية العريقة التي تسهم في إحياء رياضة الآباء والأجداد وتعزز الثقافة والتراث انطلاقا من النهج الوطني والمساعي الحثيثة لإبراز تلك الأحداث بصورة مميزة.لذلك،كان المهرجان الوطني لفن التبوريدة بوجدة عرضا للفروسية والخيل معقود في نواصيها الخير والخيل أحد الرموز الخالدة للثقافة العربية وأصبح رمزا للفراسة والعزة والشهامة العربية والأمازيغية،حيث قدمت مجموعة كبيرة من الفرسان (60 سربة) عروض فن التبوريدة المغربية يوميا على مدار أيام المهرجان في واحة سيدي يحيى بنيونس”،ويضيف هشام الصغير،بأن “التبوريدة” فن رياضي من فنون الفروسية المغربية التقليدية والتي يرجع تاريخها الى القرن الخامس عشر الميلادي،”تشكل لوحة احتفالية فلكلورية عريقة لدى المغاربة وهي تمجد البارود والبندقية التي تشكل جزء مهما من العرض الذي يقدمه الفرسان خاصة عندما ينتهي العرض بطلقة واحدة مدوية تكون مسبوقة بحصص تدريبية يتم خلالها ترويض الخيول على طريقة دخول الميدان وأيضا تحديد درجة تحكم الفارس بالجواد.واشتهر بهذا الفن العريق المغاربة في جميع مناطق المغرب،وتبرز قوة الفرسان في امتطاء صهوات الخيل وفي إظهار مهارتهم في استخدام أسلحتهم”.وقال بأن المهرجان ساهم في المحافظة على التراث المحلي ومايختزله من تجارب ومقومات الأصل والهوية،ووثق التراث الثقافي المادي وغير المادي بأبعاد اقتصادية وثقافية واجتماعية،وخلق أجواء تراثية وثقافية منسجمة مع أذواق الأجيال الحالية والمستقبلية ومرتبطة بعملية الاستقطاب الثقافي المنشود والتنمية الشاملة،وشجع على إعادة صياغة حكاية المكان والزمان وربطها بذهنية السكان والمجتمع المحلي والزوار،والممارسين على الابتكار والإبداع في مجال تطوير التراث بأسلوب يضمن تسويقه في الأسواق المحلية والوطنية والعربية والعالمية.
تنوع مستويات العرض الفروسي ودرجة تعقيده
أما رئيس الجماعة القروية الحدودية لأهل أنكاد وأحد خيرة فرسانها عبد القادر لحضوري (الشايب) المنحدر من عائلة فرسان مشهورين في الشريط الحدودي المغربي الجزائري بالكرم وحراسة الحدود الشرقية المغربية،شرح بدوره ل”المنعطف” كيف أن “العرض الفروسي يري بتتابع المجموعات (السربات) كل مجموعة تتكون في الغالب ما بين عشرة وعشرين فارسا تكون تحت إمرة المقدم الذي يقوم بتنظيم ورفع الحماس لفرسانه،إذ ينطلق الاستعراض باصطفاف الفرسان على صهوة أحصنتهم الرابضة وفق خط مستقيم في أقصى الميدان قبل كل انطلاقة..ويستعرض المقدم فرسانه وتحيي السربة الحضور ويستهل المقدم الاستعراض بإعلان اسم قبيلته بصوت عال وخطاب حماسي ملحمي يبرز فيه شجاعة رجاله..وتنتصب بعد ذلك الخيول دفعة واحدة بأمر من الفرسان الذين يسيطرون عليها بيد واحدة تتحكم في اللجام تاركين الأخرى تقوم بحركات استعراضية للمكحلات (البنادق)”.وتنطلق الحركة (الهجمة) يضيف الفارس الخبير والنائب البرلماني لحضوري،”وفق إيقاع متسارع وعندما تصل السربة (الكتيبة) إلى منتصف الميدان التي تمتد على مسافة مائة متر تقريبا ينتصب الفرسان دفعة واحدة ليقبضوا على مكاحلهم بكلتا اليدين راخين الألجمة ليطلقوا النار (البارود) في نفس الاتجاه ونفس اللحظة..واتجاه الإطلاق يمكن أن يكون للأمام أو الخلف أو الأعلى أو الأسفل حسب المتغيرات الجهوية للتبوريدة.وبمجرد إطلاق النار تعود السربة إلى منطلقها لتعاود فسح الميدان لسربة أخرى.وتتنوع مستويات الاستعراض ودرجة تعقيدها حسب المناطق وحسب مهارة وخبرة الخيالة،وتتنوع بين رمي الأسلحة في الهواء أثناء الركض ثم التقاطها لاحقا مرورا بانبطاح الفرسان أو انتصابهم واقفين فوق صهوة الجياد،بل يصل الاستعراض أيضا إلى الوقوف في وضعية معكوسة يكون فيها رأس الفارس إلى الأسفل كل هذا أثناء ذروة سرعة ركض الأحصنة”.

ممارسة التبوريدة في المغرب
وقال ل”المنعطف” البرلماني يوسف هوار ممثل إقليم وجدة أنكاد بمجلس النواب عن “ممارسة التبوريدة في المغرب” بأنها ارتبطت منذ قرون بالمواسم والاحتفالات والمهرجانات السنوية المرتبطة بالمناسبات الدينية أو الزراعية والتي يتجاوز عددها السبعمائة عبر مجموع التراب المغربي..وكانت التبوريدة ولا تزال الفرجة الرئيسية خلال المواسم وفرضت نفسها منذ التسعينات في المجال الرياضي باعتمادها ضمن المسابقات الرسمية للجامعة الملكية المغربية لرياضات الفروسية التي تدرجها ضمن الفنون الفروسية التقليدية.وفي عام 2008 تم افتتاح المركب الملكي لرياضات الفروسية والتبوريدة دار السلام والذي يضم مدرسة لتعليم فن التبوريدة إضافة إلى محارف لإنتاج ألبسة الفرسان وعتاد الأحصنة..ويحتضن المركب كل عام منافسات البطولة الوطنية لفنون الفروسية التقليدية (التبوريدة) في فئتي الكبار (ذكورا وإناثا) والشبان (في صنف الذكور فقط).وأوضح سليل عائلة هوار المعروفة في عالم المال والاقتصاد الوطني والإفر يقي والمشهورة بمبادراتها الإنسانية وأعمالها الخيرية الكبيرة،والمنتمية لمنطقة بني ادرار قلعة الفروسية الأصيلة،أن التبوريدة فنا رياضيا من فنون الفروسية المغربية التقليدية ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس عشر الميلادي،وتمثل فرصة سانحة للتعرف على لوحات الفلكور المغربية التي تمجد البارود والبندقية بجانب التعريف بالثقافة والتراث المغربي العريق باعتباره مكونا من المكونات الأساسية للهوية المغربية والتي تعد ركنا أصيلا في تاريخ وحضارة المغرب،وتعتبر استحضارا لملاحمها العسكرية التاريخية،ورمزا للقوة والشجاعة والإقدام..وتمتد أيضا إلى شعائر استعراض القوة والشجاعة،بل تصل رمزيتها أيضا إلى البعد النفسي،باعتبارها استعارة رمزية للفحولة..
ممارسة فروسية البارود وزينة الفارس والفرس
يتمثل عتاد الفارس في المقام الأول في بندقية البارود،المعروفة بتسمية المكحلة وهي سلاح من العيار الصغير بماسورة طويلة جدا،والتي تتميز بعقبها المنقوش وزخرفتها ونقوشها الملونة،وتطعيماتها الخارجية التي تكون بالعاج أو العظام أو عرق اللؤلؤ أو المعادن،إضافة إلى السيوف والخناجر.يضيف باحث في التراث الفني للمنطقة،أن عدة الحصان تكون عادة أفخم من زي الفارس،وغالبا من الأنسجة النبيلة،فالسروج فتتمظهر فخامتها بأشكال مختلفة،مثل الجلد المغربي الأحمر،الذي يكون مطرزا أو مزينا بالطريقة الدمشقية،أو مطعما بالذهب،أو موشى بالحرير التونسي.أما الحزام الجلدي الذي يربط السرج إلى الفرس (حزام الدير أو الدايرة) فيكون مفصصا بنسيج الساتان المطرز،أما الركاب فتكون غالبا مغطاة بالفضة.وفي بعض المناطق توضع الحناء على غرة الفرس،درءا للسوء،حسب المعتقد الشعبي.والملحقات الأخرى لعدة الفرس،الوظيفية الأكثر منها جمالية هي العصابة الواقية لعيني الحصان من الغبار ودخان البارود،والمعروفة بالنشاشة،وتكون من قماش بأهداب مدلاة أسفل السرج توضع سجاجيد،لجعله وثيرا أكثر (و تسمى اللبدة)،ولتوفير التوازن والتحكم الجيد للفارس،يكون المقبض وظهر السرج الخشبيين (القربوس) مكسوين بالفرو.وفروسية البارود تجسيد ممسرح للأسلوب العسكري المعروف بالكر والفر،المتمثل في هجوم وانسحاب خاطفين للخيالة.ويشار،إلى أن ممارسة فروسية البارود تصاحبها مخاطر شتى،سواء بالنسبة للفرسان أو المتفرجين؛فعلاوة على المخاطر الذاتية للفروسية،يمكن للاستعمالات السيئة للأسلحة وأخطاء التنسيق أن تؤدي إلى حوادث خطيرة،يؤجج حدوثها الحماس والانفعالات التي تصاحب الاستعراض.
إعداد : عبد الرحيم باريج

الاخبار العاجلة