الدكتور منير البودشيشي:لا تنمية بدون اخلاص والتصوف يحمي من الاشاعات

Mohammed19 مايو 2020آخر تحديث :
الدكتور منير البودشيشي:لا تنمية بدون اخلاص والتصوف يحمي من الاشاعات

اعداد:حساين محمد
في إطار سلسلة ليالي الوصال في زمن كورونا، “ذكر وفكر” المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى العالمي للتصوف بشراكة مع مؤسسة الجمال للسماع والمديح والفن العريق تم السبت 16 ماي 2020 احياء الليلة الثانية ، وذلك عبر صفحة مؤسسة الملتقى بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك .


وتميزت هذه المحطة العلمية الاكاديمية الاولى من نوعها على المستوى الوطني بالكلمة العلمية التنويرية لفضيلة الدكتور مولاي منير القادري بودشيش مدير مؤسسة الملتقى ورئيس مركز المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام ،والتي تمحورت حول “قيمة الإخلاص وأثرها في التنمية” ، بين من خلالها أن منظومة القيم التي يحملها التصوف، الذي هو ثابت من ثوابت هويتنا الدينية، تجعله يسهم في عملية النهوض بالواقع واستشراف المستقبل، مذكرا في هذا الصدد بسير الصالحين من السلف في تمثل قيمة الإخلاص ، والذين قدموا أروع الأمثلة في هذا الباب ، كما أشار الى أن الأزمة الأخلاقية وحالات العجز والركود الاقتصادي وهيمنة النظرة المادية الاستهلاكية بعيدا عن القيم الروحية الإنسانية التي تعانيها مجتمعاتنا، مردها الى فشل نظم التربية الروحية للأفراد، مما يؤدي إلى فشل محاولات الإصلاح التنموي والاقتصادي ، منبها إلى أن محور نجاح التنمية هو الانسان، الذي ينبغي أن يهتم بتنمية مقوماته من خلال نظرة شمولية ، تراعي مختلف حاجياته النفسية والروحية والجسدية والفكرية ، فالتربية الروحية تتصدى لجوهر الانسان وتنمي فيه ملكة الإخلاص وحضور الضمير بعيدا عن الأنانية ، بما يؤهله للإسهام الإيجابي في بناء مجتمعه ، موضحا أن التصوف يعتبر الإخلاص أصل كل الاعمال ، حيث نجح الصوفية في الجمع بين التفكير الشعوري بالإخلاص وتطبيقه العملي الواقعي ، الشيء الذي يجعل الإنسان يشعر بأن ما يقدمه لدنياه ولوطنه هو ما يقدمه لأخرته، فيحدث عنده الارتباط بين الدين والدنيا.

وخلص فضيلته إلى أن الإخلاص هو الطريق المختصر نحو التنمية ، ذلك أن من سمات المشروع المؤسساتي للإسلام في بناء شخصية المسلم ، تكوين الفرد على القيم والدوام على طلب تحقيق هدف أسمى، وأن يستوى لديه المدح والذم ، وبذلك يتفادى المجتمع تعطيل الكثير من أعمال الخير وكلام الحق ، ونبه فضيلته إلى أننا نعيش تجليات مستقبل متسارع يحتم علينا الاصطفاف خلف المشروع التنموي لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ،من أجل تحقيق مستقبل حقيقي وقواعد للتنمية، مستشهدا في هذا الخصوص بما جاء في خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب، حيث جعل جلالته المواطن المغربي في صلب عملية التنمية والغاية الأساسية منها .

وفي كلمة له باللغة الفرنسية تطرق الدكتور مولاي منير القادري لموضوع “تداول الأخبار الزائفة والكاذبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي” ، موضحا أنه بفضل التقدم التكنولوجي لاسيما في مجال الاتصالات ، أصبحنا أمام كم هائل من المعلومات والأخبار التي يتم يتداولها من طرف مستعملي هذه الوسائط ، مشيرا إلى أن تداول الأخبار الزائفة والكاذبة منها يخلق البلبلة في نفوس الناس ويؤدي إلى الخلاف والفرقة وهتك أعراضهم، عبر تصيد الإشاعات ونشرها ، مما يتسبب في ترويع المسلمين وتخويفهم، وإلحاق الأذى والظلم بحقوق الأفراد المجتمع ، وأوضح فضيلته أن التصوف بقيمه الروحية الإنسانية، يلعب دورا أساسيا في تمنيع وحماية المجتمع من آفات الإشاعات، من خلال تربية المسلم على حفظ لسانه من الخوض في الشائعات ونشرها ، والتخلق بخلق الستر، امتثالا لقوله تبارك وتعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات الآية 6)

وذكر فضيلته بأن المسلم ملزم بالتثبت من حقيقة المعلومات التي يتوصل بها ،وأنه إذا كانت تلك المعلومات ذات طابع شخصي، أن يعمل على سترها ،كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة،”، كما يجب عليه أن يعمل على كتم ما يحصل من الأحداث أو الإشاعات التي تنشر الهلع في صفوف المؤمنين ولايخوفهم بها أو يروجها بينهم مصداقا لقوله تعالى : “إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم “(سورة النور الآية 19) ، مبينا أن الأخبار التي تشكل خطورة على المسلمين لايتم علاجها بنشرها بين الناس ، وإنما بعرضها على أهل الإختصاص لمعالجتها ودفع خطرها.
وقد تخللت هذه المداخلات وصلات من بديع الانشاد والسماع ، حيث شنف أعضاء من الفرقة الوطنية الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية للسماع والمديح المتابعين بقصائد سمت بأرواحهم ، إضافة قصائد لمجموعة سماع الطريقة القادرية البودشيشية بليبيا وصلات فردية متميزة من مصر الشقيقة للمنشد محمد علي جابين وكذا من داخل المغرب المنشد عبد الواحد أفيلال والمنشد أمين سنينة.

وعلى غرار الليلة الأولى تميزت الليلة الثانية بشهادات لمريدي الطريقةالقادرية البودشيشية من خارج المغرب و المنتمين لجنسيات مختلفة ، من الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب افريقيا وماليزيا. والذين تناولوا من خلالها تجاربهم مع الحجر الصحي وكيفية تعاملهم مع الوباء والدورالايجابي الذي تلعبه التربية الروحية التي يتلقونها في الطريقة القادرية البودشيشية في هذا الصدد.

الاخبار العاجلة