الملتقى العالمي للتصوف…موعد عالمي حرك جهة الشرق فكريا واقتصاديا

Mohammed4 ديسمبر 2018آخر تحديث :

تعيش جهة الشرق والمغرب بأكلمه كل سنة حدثا عالميا يستقطب ألاف المحبين من كل بقاع العالم من أطر وعلماء ومفكرين زانــاس احــبوا طريق الخير والفلاح والسلم،نتحدث عن الملتقى العالمي للتصوف كأحد المحطات الفطرية والاقتصادية الكبرى التي يعيشها المغرب وجهة الشرق على الخصوص سنويا،موعد عالمي يشرف المنطقة ويعرف بالثقافة الصوفية ويرسخ لاسلام الوسطية والاعتدال.
اليكم تفاصيل الحدث:
في سياق الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، وتحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، نظمت الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الأورو متوسطي لدراسة الإسلام اليوم الملتقى العالمي الثالث عشر للتصوف في موضوع:
“الثقافة الصوفية والمشترك الإنساني: ترسيخ لقيم الحوار والتعارف”


وذلك أيام التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر من ربيع الأول 1440 هجرية الموافق لـ السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين من نونبر 2018 ميلادية، وقد جاء برنامج هذه الدورة حافلا بالمداخلات وغنيا بالمطارحات العلمية الأكاديمية التي تفضل بها السادة العلماء والأساتذة المتدخلون في سياق المشترك الإنساني بأبعاده وتجلياته الدينية والثقافية والاقتصادية والجمالية والحضارية والبيئية وغيرها، والتي تزينت بها فعاليات هذه الدورة.
بعد الافتتاح بآيات بيّنات من الذكر الحكيم، استهلت أشغال الملتقى بكلمة افتتاحية ألقاها مدير الملتقى فضيلة الدكتور مولاي منير القادري بودشيش حفظه الله، والتي ركزها في جملة من المعالم البيانية الكاشفة عن الإطار العام لموضوع الدورة ومرتكزاتها؛ فقد أكد فضيلته -بعد الترحيب بالسادة الضيوف والمشاركين- على الأهمية التي أصبح يتبوؤها الملتقى العالمي للتصوف، إذ أضحى محطة علمية وبحثية وأكاديمية واعدة ومتميزة، وفضاء للتفاعل والتواصل وتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات والمعارف، وفق مقارباتٍ متنوعة وغنية ذات انتماءات معرفية متعددة ومتكاملة؛ وذلك بفعل إسهامات نخبة وازنة وكبيرة من خيرة العلماء والباحثين من داخل المغرب وخارجه من مختلف أنحاء المعمور، والذين تتنوع مشاربهم العلمية والمعرفية، وذلك في سياق خطة العمل التي تنهجها مؤسسة الملتقى منذ انطلاق فعاليات دوراتها لتدارس واقع الإنسان المعاصر ومعالجة قضاياه الآنية واستشراف الحلول الناجعة لأزماته.


وبهذا فقد وضع فضيلته السياق العام الذي تندرج ضمنه فعاليات هذه الدورة؛ إذ تأتي في سياق الاهتمام بالقضايا الراهنة، والآفاق التي من شأن التصوف أن يخلقها باعتباره عمقا روحيا لهويتنا، للتقريب بين الشعوب، وإشاعة روح الحوار والتعايش، وتثبيت دعائم السلم والسلام العالميين وسائر القيم التي يشملها المشترك الإنساني، وإبراز الفاعلية التي يضطلع بها التصوف في ترسيخ هذا المشترك على جميع المستويات؛ قيميا وثقافيا واقتصاديا وبيئيا وحضاريا. وقد بيّن فضيلته في ذات السياق الأصول الإسلامية التي يستند إليها هذا المكون خاصة في جوانبها الإحسانية التي تشكل عمقا وجوهرا لحضارتنا وديننا الإسلاميين. مبرزا الحاجة الملحة التي تفرضها السياقات المعاصرة من أجل ترسيخ هذه القيم وتنزيلها على أرض الواقع. وقد أعطى فضيلته نماذج واقعية لهذا التنزيل مثلما هو الحال بالنسبة للنموذج الأندلسي الذي جسد صورة واقعية للتلاقح والتمازج، والتفاعل المثمر، والتكامل في بناء صرح المجد الحضاري لمشتركنا الإنساني. وكذا ما قدمه المغرب ويقدمه إلى اليوم من نموذج رائد في ترسيخ هذه القيم، الأمر الذي وسع من دائرة إشعاعه الحضاري في سائر آفاق المعمور.
وهكذا فقد شكلت الكلمة الافتتاحية لمدير الملتقى إطارا عاما لجملة المحاور المبرمجة ضمن أشغال هذه الدورة، ليدع المجال فضيلته بعد ذلك لبعض العلماء المشاركين وبعض الشخصيات العلمية والأكاديمية الوازنة من دول مختلفة ليقدموا شهاداتهم حول الملتقى، ومن ضمنهم فضيلة الدكتور عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية الذي تمت استضافته من أجل التعاون في سياق ما تضطلع به مؤسسته من بُعدٍ تنسيقيٍّ مع الجالية المغربية في الخارج من أجل إشراكها في هذا البعد الذي فتحته مؤسسة الملتقى، وكذا رئيس جامعة محمد الأول بوجدة الذي أشاد بدوره بمحورية موضوع الدورة وأهميته، إضافة إلى كلمة مؤسسة الأزهر الشريف، وأكاديمية جنوب إفريقيا، وغيرها من كلمات المشاركين الممثلين لمختلف جهات العالم، والذين أشادوا –جميعهم- بالدور الريادي الذي أصبح يضطلع به الملتقى، الذي يشهد سنة بعد أخرى تطورا ملحوظا تنظيميا وعلميا، وقد أعربوا عن امتنانهم الكبير والخالص لأمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله على رعايته المنيفة لفعاليات هذا الملتقى وحرص جلالته على دعم وخدمة كل ما له صلة بثوابت الأمة، مشيدين بالدور الطلائعي الذي تقوم به الطريقة القادرية البودشيشية في هذا السياق من أجل ترسيخ روح التصوف السني المعتدل الذي يقوم على قيم الوسطية والتسامح والسلم والسلام، وما أضحى يقدمه الملتقى من نموذج وصورة إيجابية في هذا الباب وما يضطلع به من دور رائد في ملامسة كبريات القضايا الآنية التي يعج بها السياق المعاصر ومنها قضية المشترك الإنساني، الموضوع الذي يأتي في صميم التوجهات الإقليمية والدولية والحضارية لواقعنا المعاصر.


تجدر الإشارة إلى أنه وعقب انتهاء هذه الجلسة الافتتاحية تم توقيع اتفاقيات شراكة بين مؤسسة الملتقى وبعض المؤسسات الأكاديمية الوازنة، ونذكر منها اتفاقيتين:
الاتفاقية الأولى: اتفاقية شراكة مع جامعة سيدي محمد الأول بوجدة وقد وقعها كل من فضيلة الدكتور مولاي منير القادري بودشيش رئيس مؤسسة الملتقى ومدير الملتقى العالمي للتصوف، ورئيس جامعة محمد الأول، الذي أعرب عن فخره واعتزازه بهذه الشراكة؛ حيث قال إن جميع إمكانات الجامعة هي رهن إشارة المؤسسة من أجل التعاون في مجال الدراسات الصوفية والدراسات الإنسانية بشكل عام وغيرها من المجالات الممكنة للتعاون.
ثم الاتفاقية الثانية: مع الأكاديمية الإفريقية لتطوير الإنسان، وقد وقعها كل من فضيلة الدكتور مولاي منير القادري ورئيس الأكاديمية. وتأتي هذه الاتفاقيات في سياق الانفتاح الذي تعرفه المؤسسة على المحيط الخارجي، والتنسيق مع كبريات المؤسسات الوطنية والدولية التي تعنى بالشأن الإنساني والديني من أجل تكثيف الجهود لخدمة الصالح العام للإنسانية وإعادة ترميم الصورة النمطية عن الإسلام وبيان سماحته ورقيه.
بعد هذه الجلسة الافتتاحية، انطلقت الموائد العلمية للملتقى والتي جاءت مرتبة وموزعة على اثنتي عشرة جلسة صيغت محاورها على النحو الآتي:
– المشترك الإنساني في الإسلام: أصول وتجليات
– الثقافة الصوفية والمشترك القيمي
– المشترك الفكري والثقافي والديني والحضاري
– المشترك الإنساني وأبعاده الثقافية والتنموية والبيئية
– الثقافة الصوفية وتحديات بناء المشترك الإنساني
– تجليات المشترك الإنساني: قيم التعايش والتعاون والمحبة والسلام
– الثقافة الصوفية والمشترك الفني والجمالي
– الثقافة الصوفية المغربية وامتدادها الإفريقي
– المشترك الإنساني والتأسيس لقيم المواطنة العالمية
– المشترك الإنساني بين الإسلام والغرب: تحديات التعايش والتعاون
– التربية الصوفية وبناء المشترك الإنساني
– المشترك الإنساني وقيم الحوار والتعارف والتواصل الحضاري


لقد جاءت فعاليات هذه الجلسات حبلى بأبكار الأفكار التي أغنت النقاش والحديث عبر ما قدمته من مطارحات فكرية عميقة، وذلك في سياق تكاملي تساوق فيه النظري والواقعي والمآلي، في التزام بالوحدة الموضوعية للملتقى وبالعنوان شعار هذه الدورة. فبعد التأطير النظري للموضوع واقعا وتأصيلا وممارسة، أخذ المتدخلون في استجلاء الأبعاد والتجليات الواقعية للمشترك الإنساني، وذلك في مختلف أبعاده وتجلياته وآفاقه، سواء من حيث الأصل الخِلقي للإنسانية ووحدة الأصل والوجود، أو في ما يرتبط بالوحدة القيمية والثقافية وأبعادها الحضارية وأصولها الدينية، وكذا ما يرتبط بهذا المكون بأبعاد بيئية واقتصادية وجمالية مما تتضمنه الحاجيات الإنسانية المشتركة.
وفي الختام فقد خلُص هذا الملتقى العالمي الثالث عشر إلى التأكيد على الحاجة الحضارية اليوم إلى القيم الصوفية الحية، والدور الكبير الذي يمكن أن تضطلع به في ترسيخ قيم المشترك الإنساني وتثبيت قيم الحوار والانفتاح على الآخر والتفاعل معه انطلاقا من قيمتي التعارف والتكامل الموصى بهما في أصولنا الدينية والشرعية، وسائر القيم الإسلامية النبيلة الداعية إلى التعايش والتسامح والسلم والسلام.
فقد خرج الملتقى العالمي للتصوف في دورته الثالثة عشرة بمجموعة من التوصيات الهامة نذكر منها التوصيات الآتية:
1- إدراج مؤسسات الزوايا -باعتبارها فاعلا هاما في ترسيخ المشترك الإنساني- ضمن الفعاليات الرسمية التي من شأنها تقوية روح الحوار بين الأديان، وإرساء قيم التعايش والسلام، وإفساح المجال المؤسساتي لهذه المكونات الروحية عبر مختلف المنظمات الدولية المشتغلة في المجال.
2- ضرورة الانتباه إلى إدراج القيم الروحية للتصوف ضمن البرامج التعليمية والتربوية من أجل تربية جيل متفتح ومتشبع بمبادئ وقيم المواطنة العالمية المنبنية على أساس التعايش والتسامح والتفاعل الحضاري. وكذا من أجل تصحيح التمثلات الخاطئة حول هذا المكون الروحي الإسلامي الأصيل.
3- ضرورة إنشاء مؤسسات ومراكز بحث ذات ارتباط بالاشتغال والتنسيق لترسيخ قيم المشترك الإنساني والقيم الإسلامية الأصيلة، في سياق التنسيق مع مؤسسات الزوايا من أجل الترويج لهذا الموروث الروحي الزاخر الذي يتسم به المغرب، وإشاعته إقليميا ودوليا.
4- إعداد برنامج تلفزي خاص (يتضمن مجموعة من الحلقات) للتعريف بالأدوار التي يضطلع بها الملتقى العالمي للتصوف، مع تسليط الضوء على الدور الذي تقوم به الزاوية القادرية البودشيشية تربويا وعلميا وثقافيا؛ وطنيا ودوليا.
5- إنشاء مركز لقياس مستوى الكراهية لدى المجتمعات.


6- إنشاء جامعة دولية متخصصة في التصوف والقيم الكونية والتواصل الحضاري.
7- إنشاء مجموعات وفرق بحث إقليمية تعنى بالتنسيق في بحث ودراسة أسباب النزاعات الإقليمية والدولية من أجل تقليص فجوة الاختلاف القائمة بين الشعوب وسائر المكونات الحضارية وتفعيل المشترك الإنساني.
8- ضرورة الاستمرار فيما يأتي من ملتقيات في طرق مواضيع ذات صلة بالتفعيل الواقعي والعملي لمعالم المشترك الإنساني في مختلف الأبعاد والتجليات.
9- وهي توصية مصرية خالصة ترى ب: ضرورة تشكيل لجنة بحثية واعية –في العديد من الأوطان التي تعنى بمضامين الطريقة القادرية البودشيشية؛ لإنجاز البحوث والدراسات حول محاور الملتقى كل عام، لكي تخرج البحوث على مستوى واحد من العلمية والمنهجية والإبداع، في سبيل أن يكون كتاب الملتقى أنموذجا راقيا منهجيا ومضامينيا، يليق بقامة الطريقة القادرية البودشيشية وقيمتها المتميزة على الخريطة الفكرية العالمية.
10- وأخيرا: تنظيم قافلة (أو قوافل) للملتقى تجوب كبريات المدن المغربية، وكذا الانفتاح بهذه القافلة خارج أرض الوطن بما فيها عواصم الدول الإفريقية وباقي عواصم دول العالم في باقي القارات، من أجل نشر رسالة التصوف الكونية، وتعريف الناس بهذه الرحمة التي يبحثون عنها من أجل تفعيل هذا المشترك الإنساني.
اعداد:حساين محمد












الاخبار العاجلة