بودينار:سوء تأويل الدين وراء انتشار التطرف (حوار)

Mohammed29 مارس 2015آخر تحديث :
بودينار:سوء تأويل الدين وراء انتشار التطرف (حوار)

*هل توجد للتطرف تربة فكرية وثقافية في المجتمع؟

-ينبغي التمييز بين الأسباب البنيوية للتطرف،التي تشكل تربة قابلة لإعادة إنتاجه،وبين العوامل المتغيرة،وإذا كانت الأولى ذات طابع مجتمعي وثقافي،فإن للثانية سمات سياسة وسوسيو اقتصادية وتواصلية.

لايمكن القول إن المجتمع في المغرب بنسيجه التاريخي وخصائصه الثقافية نزاع إلى الغلو والتطرف،فرغم مرور كثير من المذاهب التي تحمل سماته على المغرب وتأسيسها في بعض الأحيان دويلات ((الخوارج والشيعة،وأصحاب العقائد المهدوية…))،إلا أن تجاربها ظلت مرتبطة بتأثيرات ثقافية وظروف سياسية متغيرة،وسرعان ما يوصل التيار العام في التاريخ الاجتماعي للمغرب انسيابه يتلقائية في اتجاه الاعتدال الذي يمثل جوهر الإسلام وعنوانه الأساس.

واعتقد أن الاستقرار المبكر نسبيا للاختيارات الدينية والسوسيوثقافية والسياسية بالمغرب (الاعتقاد السني الأشعري،والمذهب الفقهي المالكي،والتدين الشعبي ذو السمة المتصوفة على طريقة الإمام الجنيد،وإمارة المؤمنين باعتبارها نظاما سياسيا بشرعية دينية جامعة) ساهم في نوع من تحديد الإطار العام لطبيعة المجتمع الثقافية،والتي اغتنت بروافد متعددة وتفاعلت مع بيئات جماعية غنية.

*ماهي العوامل أو العناصر التي تساعد على انتشار التطرف في المغرب؟

-هي العوامل التي وصفتها سابقا بالمتغيرات ذات السمات السياسية والسوسيواقتصادية  والتواصلية،وإذا أنجزتا محاولة لترتيبها حسب الأهمية،مستعينين بالكثير من الدراسات التي أنجزت والتقارير العلمية التي صدرت في الموضوع ،فستكون غالبا على الشكل التالي:عوامل فكرية ،تتعلق بإدراك الواقع،وتأويل النص الديني في فهمه والتعامل معه،وضمور الثقافة الدينية الصحيحة،وتصدر المنزع الحرفي في الفهم،وتراجع تأثيرات المرجعية المعتمدة لمؤسسة العلماء لصالح فهوم مدعومة ماديا أو معولمة تواصليا.

ثم عوامل ساسية،تمثل عاملا ضاغطا على الشعور العام،ومحرضا بقوة على التحرك لتغيير الوضع العام انطلاقا من فهم جدي للواقع السياسي،وتمثل ظاهري ومتسرع له،خاصة في مراحل الاضطراب،فالعوامل السوسيو اقتصادية،لايمكن إنكار دورها في خلق دافعية الأفراد للإستجابة للتأثيرين السابقين،خاصة مع اشتداد تأثيراتها عليهم في مراحل الأزمات،أما العوامل التواصلية فهي ناشئة من عولمة الظواهر الثقافية والمجتمعية بشمل عام،ودخول الفكر المغالي والمتطرف في دائرة التداول الإعلامي الأوسع عبر شبكات التواصل الحديثة وتأثيرتها غير المسبوقة في التمثلات الجماعية واتحاهات السلوك لدى الأفراد.

*ماهي أبرز الفئات المستقطبة،سيما أننا صرنا نسمع عن انضمام مئات الأطفال والنساء إلى منظمات متطرفة من قبيل داعش والفاعدة؟

-يشكل عام،الفئات الأهم في المجتمع مع الآسف،هم الشباب والفتيان من الجنسين ومن كل المستويات الاجتماعية والسوسيوثقافية والمهنية،إذ نسمع عن مهندسين وشباب متعلمين تعليما عاليا وتجار من الطبقة الوسطى،وخريجي جامعات من أوربا…أما امتداد تأثير هذه المجموعات جغرافيا (بعض مناطق الشمال،أو بعض المدن المتوسطة والصغرى) أو حسب الجنس والسن (نساء ،فتيان وفتيات مراهقات…) فأرى أنه مرتبط بالضرورات الإجرائية لهذه المجموعات الخاصة بالاستقطاب والتجنيد وتنفيذ عمليات العنف أكثر من اعتباره اتساعا طبيعيا في الفئات المستقطبة.

جريدة الصباح

للإشارة فالأستاذ سمير بودينار هو أستاذ علم الاجتماع السياسي،ورئيس مركز الدراسات والبحوث الانسانسة والاجتماعية بوجدة.

 

الاخبار العاجلة